السيد المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا
- القضاة الأجلاء والضيوف الأعزاء
- السيدات والسادة
يسعدني أن أشارككم الاحتفال بمرور أربعين عاما علي إنشاء قضاء مصر الدستوري, وأن أتحدث إليكم في هذه المناسبة الجليلة من منبر المحكمة الدستورية العليا, بمكانتها الرفيعة في ضمير مصر وقلوب المصريين, صرحا شامخا للعدالة وسيادة القانون, وقضاة أجلاء ينهضون برسالتهم بصدق وتجرد, إعلاء للدستور, وانتصارا لحقوق المواطنين وحرياتهم.
أرحب بهذه النخبة المرموقة من أبرز قضاة العالم, وأعبر عن تقديري لمن يشاركوننا هذا الاحتفال من رؤساء المحاكم والمجالس الدستورية والمحاكم العليا وأساتذة الفقه الدستوري علي المستويين العربي والدولي, ممن يتحملون مسئولية احترام الدستور والشرعية وسيادة القانون, باعتبارها الرسالة السامية للقضاء الدستوري في كافة النظم القضائية.
إن ما نحمله من الاعتزاز والتوقير لقضائنا الدستوري, هو بعض من مشاعرنا تجاه قضاء مصر العريق وصروحه وقضاته, وإننا إذ نلتقي اليوم في هذا الاحتفال, نستعيد علامات مضيئة في تاريخ القضاء المصري المعاصر, منذ إنشاء المحاكم الأهلية عام1883, وإنشاء مجلس الدولة عام1946, فنتوقف أمام علامتين هامتين أرسيتا دعائم قضائنا الدستوري, هما إنشاء المحكمة العليا عام1969, والمحكمة الدستورية العليا عام1979.
السيدات والسادة:
وفى اثناء اجتماعه مع اعضاء الجمعية العامة للمحكمة الدستورية
لقد بدأ القضاء الدستوري المصري قويا منذ اليوم الأول, وقام علي قاعدة صلبة وأسس راسخة, خصص الدستور فصلا مستقلا للمحكمة الدستورية العليا, أرسي بأحكامه الأساس الدستوري لاختصاصها كهيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها, وأناط بها وحدها- دون غيرها- مسئولية الرقابة علي دستورية القوانين واللوائح, وتفسير النصوص التشريعية, والفصل في تنازع الاختصاص, كما حدد قواعد تشكيل هيئتها ومايتمتع به قضاتها من حصانات.
أكد القانون المنشيء للمحكمة, أن أحكامها في الدعوي الدستورية, وقراراتها بتفسير التشريعات, ملزمة للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية, ونحن نعتز في مصر كل الاعتزاز بأن الدولة لم تمتنع أبدا- قبل ومنذ تحملي المسئولية- عن تنفيذ حكم واحد أصدره قضاؤنا الدستوري منذ إنشائه, وعلي مدي الأربعين عاما الماضية.
لقد مضي القضاء الدستوري في رقابته لدستورية القوانين بحيدة واستقلال وحس قومي رفيع, توخي علي الدوام تحقيق التوازن بين حماية حقوق المواطنين ورعاية المصالح العليا للوطن, وأصدر عبر مسيرته أحكاما هي مدعاة لفخر النظام القضائي المصري, انتصارا للحق, وإقرارا للعدل, وحماية للدستور, واحتراما لسيادة القانون, وتأكيدا لاستقلال القضاء.
إننا نزهو بما حققه قضاؤنا الدستوري لمصر والمصريين, ونباهي بقضاته الأجلاء وما أصدروه من أحكام تصون حقوق المواطنين وحرياتهم, وترسخ مباديء المساواة والمواطنة وتكافؤ الفرص, وتتطرق لاهتمامات وشواغل مجتمعنا, في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
أحكام استهلمت نصوص الدستور وروحه ومقاصده واستوحت ما أرساه من المبادئ والحريات والحقوق, أعلت مبادئ الفصل بين السلطات, وخضوع الدولة للقانون, واستقلال السلطة القضائية, وتساوي المواطنين في الحقوق والواجبات.
أحكام أكدت الالتزام بالحريات الأساسية بما في ذلك حرية الرأي والتعبير, وأكدت الحقوق الثابتة في الملكية الخاصة, والحق في العمل والحق في التقاضي, وحقوق المرأة والأسرة والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة, والحق في التعليم والرعاية الصحية, والحق في تكوين الأحزاب والنقابات, والحق في الترشيح, وغير ذلك من الحقوق التي أرساها الدستور.
لقد شكلت أحكام قضائنا الدستوري دافعا للسلطة التشريعية, لأن تأتي نصوص القوانين موافقة للدستور ودافعا للسلطة التنفيذية, لأن تدقق في صياغة مشروعات القوانين حتي لاتنزلق الي شبهة مخالفته وتجاوز أحكامه, وفضلا عن ذلك فقد عززت هذه الأحكام وعي المصريين بحقوقهم الدستورية وضرورة الحفاظ عليها وضمان احترامها.
ولم يقتصر دور المحكمة الدستورية العليا علي التأكد من توافق تشريعاتنا مع أحكام الدستور, وإنما تجاوز ذلك لتفسير نصوص الدستور باعتباره إطارا حيا يتعامل مع حاجات المجتمع ومتطلباته, وأسهمت في هذا الصدد بالعديد من التفسيرات المتطورة للقواعد الدستورية علي نحو يواكب تطور مجتمعنا وما يشهده من معطيات ومتغيرات وتطلعات.
السيدات والسادة:
وفى اثناء تكريمه للمستشار ممدوح مرعى
إن نشوء قضائنا الدستوري وتطوره, جزء من كفاح شعبنا من أجل الدستور عبر قرنين من الزمن سعيا لتأكيد إرادته وسيادته كمصدر للشرعية والسلطات.
شهد هذا الكفاح تطورات عديدة منذ نهاية القرن التاسع عشر, وحتي التعديلات الدستورية التي أقرها الشعب منذ عامين, باتت لدينا بنية دستورية تعكس واقع المجتمع المصري الراهن, تعي ما شهده من تحولات منذ سنوات السبعينيات, ترسخ دعائم نظامنا الجمهوري, تضفي المزيد من التوازن بين السلطات, تعزز دور البرلمان في مراقبة أداء السلطة التنفيذية, تعطي دفعة جديدة لأنشطة الأحزاب, وتدعم فرصها وفرص المرأة في التمثيل بالبرلمان, ترسي مبدأ المواطنة كمعيار وحيد للمساواة في الحقوق والواجبات, تحفظ للمجتمع المصري تماسكه ووحدة أبنائه من المسلمين والأقباط, وتحميه من مخاطر الإرهاب.
أعلم أنكم سوف تتناولون اليوم وخلال اليومين المقبلين موضوع( الضمانات الدستورية للحقوق والحريات الأساسية), وهو موضوع يمثل حجر الزاوية لأي قضاء دستوري, ونحن في مصر قد قطعنا شوطا كبيرا علي هذا الطريق, ونجحنا في إرساء الدعائم الأساسية التي يتعين توافرها لأي نظام ديمقراطي بأطر مؤسسية وقانونية تضمن مراقبة المحكمة الدستورية العليا لاحترام الدستور تكفل استقلال القضاء وسيادة القانون, تعزز التعددية الحزبية والمشاركة السياسية, تحمي الحقوق والحريات المدنية, تعلي قيم ومباديء حقوق الإنسان, وتفتح الباب أمام حرية الرأي والتعبير عن كافة التيارات السياسية بالمجتمع.
كما ستتناولون موضوع( الحماية الدستورية للعدالة الاجتماعية) بما يتصل به من قضايا الأبعاد الاجتماعية للنمو الاقتصادي والتنمية, وهي قضايا تمثل لنا في مصر أولوية رئيسية, وركنا أساسيا في سياستنا وبرامجنا لتوسيع قاعدة العدل الاجتماعي, والاستهداف المباشر للمواطنين والقري الأكثر احتياجا والأولي بالرعاية.
وإنني علي ثقة من أن مناقشتكم لكلا الموضوعين, ستمثل فرصة سانحة لتبادل الآراء والخبرات وأفضل الممارسات القانونية بين هذه النخبة من رموز القضاء الدستوري علي اتساع العالم.
- تحية لقضاء مصر الدستوري في الذكري الأربعين علي قيامه. تحية للمحكمة الدستورية العليا ولدورها ورسالتها. تحية لقضاتها الأجلاء من رحل منهم ومن تقاعد ومن يواصل العطاء. وتحية لقضاء مصر الشامخ وقضاته, سدنة العدل والقانون.
لكم جميعا صادق تقديري وتمنياتي.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,
وكان الرئيس حسني مبارك قد شهد صباح أمس الاحتفال بمرور40 عاما علي انشاء القضاء الدستوري في مصر وذلك بمقر المحكمة الدستورية العليا بكورنيش المعادي.
حضر الاحتفال الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء والدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب والسيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري والدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية والمستشار ممدوح مرعي وزير العدل والمستشار ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة الدستورية واعضاء الجمعية العامة للمحكمة وعدد من الوزراء ورؤساء الهيئات القضائية.
كما حضر الاحتفال رؤساء وفود المحاكم الدستورية من40 دولة عربية وأوروبية وإفريقية وأربع منظمات دولية.
وكان الرئيس مبارك قد وصل إلي مقر المحكمة الدستورية في التاسعة والنصف صباح أمس حيث كان في استقباله رؤساء مجالس الوزراء والشعب والشوري ووزيرا العدل والشئون القانونية ورئيس المحكمة الدستورية.
وقد بدأت مراسم الاحتفال بكلمة ترحيب القاها المستشار ماهر سامي نائب رئيس المحكمة الدستورية اعرب فيها عن اعتزازه بمشاركة الرئيس حسني مبارك في هذه المناسبة الغالية ورفيعة المكانة في نفوس المصريين. وقال إن الدستور هو الوثيقة الاسمي لتنظيم العلاقة بين السلطات, وإنه ليس بالدساتير وحدها تبقي الشعوب ولكنها تعيش بقضاء دستوري مستقل لا يصيبه الوهن أو الصدأ.
وأشار إلي أن الـ40 عاما الماضية كانت حافلة برصيد هائل من الانجاز تملؤه الثقة انتصارا لسيادة القانون, وان اعضاء المحكمة الدستورية العليا يستلهمون من هذه المناسبة شحذا لعزائمهم واستنهاضا لهممهم لنواصل المسيرة منشدين العدالة والحرية ورفعة الوطن.
كما القي المستشار ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة كلمة رحب فيها بالرئيس مبارك, وحيا الرئيس مبارك لحرصه علي المشاركة في هذا الاحتفال رغم المشاغل الكبيرة للوطن, وأكد ان تشريف الرئيس مبارك يعد اضافة ثرية لرسالة القضاء الدستوري. واستعرض المستشار ماهر عبد الواحد تاريخ القضاء الدستوري في مصر والمراحل التي مر بها منذ انشائه منذ40 عاما, وعدد الاحكام التي اصدرتها المحكمة, وقال: انه من دواعي السرور ان مصر تقف منذ فجر التاريخ راصدة لحضارة الإنسان وتؤكد ان العلم والعمل معا هما شاهدا هذه الحضارة, وان مصر تؤمن بتراثها الخالد واعتزازها بشرف الإنسان, واضاف ان ذلك يمثل الهادي علي درب الحضارة وسند الحق والعدل. وأوضح ان مسيرة النظام القضائي المصري طويلة وتزداد شموخا يوما بعد يوم وان القضاء الدستوري كان حريصا علي أن تكون رقابته للتشريعات رقابة متوازنة واضاف ان احكام الدستورية العليا وقرارات التفسير الصادرة منها استطاعت ان تحرس الحقوق والحريات السياسية وطورتها وجددتها.
كما قام الرئيس مبارك بتقديم ميداليات التقدير التذكارية الي السادة الرؤساء السابقين للمحكمة الدستورية:
ـ المستشار فاروق سيف النصر رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا.
ـ المستشار الدكتور فتحي عبدالصبور الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية العليا.
ـ المستشار ولي الدين جلال الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية العليا وتسلمها عنه المستشار علي عوض محمد نائب رئيس المحكمة الدستورية.
ـ المستشار ممدوح مرعي الرئيس السابق للمحكمة الدستورية العليا.
ـ اسم المرحوم المستشار بدوي حمودة الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية, وتسلم الميدالية ابن شقيقته الدكتور عبد الجواد محمد عبد الجواد.
ـ اسم المرحوم المستشار احمد ممدوح عطية الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية وتسلمتها حرمه السيدة سوسن حسن نبيل.
ـ اسم المرحوم المستشار محمد علي بليغ وتسلمها نجله محمد محمد علي بليغ.
ـ اسم المرحوم المستشار محمود حمدي عبدالعزيز الرئيس الاسبق للمحكمة الدستورية وتسلمها نجله الدكتور خالد عبد العزيز.
ـ المرحوم المستشار ممدوح مصطفي محمود حسن الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية وتسلمها نجله مصطفي ممدوح.
ـ اسم المرحوم المستشار محمد فتحي نجيب الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية وتسلمها نجله المستشار خالد محمد نجيب.
ـ اسم المرحوم المستشار محمود عوض المر الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية وتسلمها نجله محمد محمود عوض المر.
وقدم المستشار ماهر عبد الواحد هدية تذكارية للرئيس مبارك عبارة عن نموذج مجسم لمبني المحكمة الدستورية, والمجموعة الكاملة للاحكام الدستورية التي اصدرتها المحكمة العليا والمحكمة الدستورية العليا خلال40 عاما.