قصة قصيرة بعنوان (ِشهد) للمشاركة فى مسابقة اكتوبر 2012

شهد


جاءت تجرى نحوى بخطوات برئيه.. يملأها الحماس والعناد والرغبة فى الحياه.. الرغبة فى الانطلاق.. ترسم ابتسامه برئيه على ثغرها الصغير وكأن فرحة الدنيا قد كستها فغمرتها وفاضت منها لتغرق المحيطين.. عيناها تتلألأن كانهما بلورتين عسليتين فواحتين باسرار الجمال وبراعه الخالق وروعه الصانع.. اقتربت نحوى ترتدى لباس النوم الحريرى.. تفتح ذراعيها فى براءه .. تنساب شعيرات رأسها فى استسلام ووداعة.. تقترب منى اكثر .. تحتضننى بقوة.. فى رغبة حقيقية ألا تفلت من بين ذراعى.. وكأنها تقول لى: كم أحبك ياابى العزيز.
تبلغ من العمر ثلاث سنوات .. اليوم عيد ميلادك الثالث ياصغيرتى.

أين والدتك الان لترى كم أنتى جميله.. كم تشبهينها فى كل شئ.
اعلم ان الفرح لا يسعها الان وهى تشعر بك تكبيرين يوما بعد يوم لترى فيك تجددا لحياه قد انتهت كما اراد الله.
أنا الان ارى سرور العالم فى عينيك.. ارى اشراق النهار فى شفتيك.. أرى تفتح زهور الربيع فى خديك.
مضت ثلاث سنوات ووالدتك الان فى التراب.. وروحها بين يدى الرحمن.
والدتك التى لم تراك ولو مره واحدة.
والدتك التى حرمت منك وحرمتى منها لأن الله أراد..
هاأنا قد حققت حلم حياه والدتك وسميتك شهد.. لتكونى بالفعل احلى شهد.
أذكر مقولتها لى الان.. ترن فى أذناى عنما مالت على رأسى وقالت فى نعومة:
خالد.. لو ربنا رزقنا ببنت هنسميها شهد
فقلت بعفوية:
حاضر ياأم شهد.
كان يملأها الحماس.. لم تك تعرف أن حياتها سوف تنتهى مع قدوم فرحه عمرها.. شهد.
كانت تقول لى دوما:
شهد بنتنا لازم تعيش أحلى عيشة فى الدنيا .. لازم نوفر لها كل شئ.. لازم نعوضها عن كل اللى اتحرمنا منه فى حياتنا.
فكنت ابتسم بدورى ولا اعقب.
صورتك الان يازوجتى العزيزة لا تفارق خيالى لحظة.
صورك الشخصية تملأ غرفة النوم.
كيف أنساك ياأحلى هديه من ربى؟!!
رحمك الله.

أصبحت ابنتى شهد تمثل لى كل شئ فى الحياه.. فهى ابنتى التى أنجبت وأختى التى لم تلدها امى.. وصديقتى أيضا.. بل ومؤنس وحدتى الوحيد.
عندما توفيت والدتها أثناء الولاده المتعسرة.. احتسبت وصبرت واخذت عهدا مع الله ومع نفسى وعقدت النيه ألا أتزوج من امراه اخرى.. وهبت نفسى من أجل من أبنتى وفلذة كبدى.
اعتنيت بشهد منذ الصغر.. حاولت بقدر المستطاع أن أعوضها عن حنان الام المفقود.
قرة عينى أنت ياشهد.
عملى كصحفى فى كبرى الجرائد القومية لم يمنعنى من الاعتناء بها.. قررت ان أكتب مقالاتى الصحفية فى المنزل ثم أرسلها عن طريق الايميل الى الجريدة حتى أتفرغ لها تفرغا كاملا.
ومن أول يوم بدأت فى اعداد الرضعة لها باستخدام الألبان الصناعية تعويضا هزيلا عن لبن الأم الذى لا يعوض.. وأيضا علمتنى الحاجة كيف أغير لها الكوافيل والحفاضات .. كانت عندى سعة صدر كبيرة لذلك.. وأيضا علمتنى الحاجة كيف أحمل مولودا صغيرا على كتفى وامشى به داخل الشقة دون أن يصاب بلوحه أو جزع نتيجة حمل خطأ .. كنت اشعر بها فى كل وقت.
فعنما ترفص برجليها الصغيرتين أعرف انها جائعة.. وعندما تأن بأنه مكتومة أعرف ان هناك انتفاخات.. وعندما تصرخ كنت اعرف أن الحفاضة قد امتلأت ووجت تغييرها.
كنت اداعبها كثيرا بأرق الكلمات.. كنت ابتسم لها فتبتسم.. كنت انظر فى عينيها فأشعر أنها تعى ماذا أريد أن أقول.. كنت أتحدث معها بالساعات!!
كنت استغل أوقات نومها لكى أعمل قليلا وأنجز أشياء معينة.. كانت يومها من الصباح الباكر.. تستيقظ فترفص برجليها فى حتى استيقظ فأضع قبلة هادئة على خديها وأقول بانتعاش:
أحلى صباح فى الدنيا كلها.. صباح الشهد.
أطمئن على حفاضتها وأجهز رضعتها ثم أحملها وأتنزه بها فى الشقة وأجلس معها فى البلكونة.. أقعدها على رجلى واهزها.. ربما نرتاح قليلا فترة الظهيرة.. كنت أحملها على كتفى أثناء وقوفى فى المطبخ لاعداد الطعام الخاص بى.. كنت أجلسها أمامى على سطح المكتب أثناء انجاز بعض الأعمال الصغيرة.
ساعة بعد ساعة.. يوم وراء يوم.. كبرت شهد قليلا .. بدأت تحبو ثم تقف بمساعدتى ثم وقفت بمفردا تدريجيا.. أصبحت تعى أكثر من ذى قبل.. كانت تجلس أمامى .. تحرك يداها الصغيرتين.. تدخلهما فى جيب القميص الذى أرتديه.. تمسك علبة السجائر الخاصة بى.. تقذفها بعيدا مثلما كانت تفعل والدتها تماما.. كنت أقبلها فتشعر أن ذقنى طويلة.. تؤلمها.. فتضغط ضغطة خفيفة بأصبعها الصغير على خدى وكأنها تقول لى:
ذقنك بتشوكنى يابابا!.. مثلما كانت تفعل والدتها أيضا.
كنت عندما أنهرها أو أقسو عليها قليلا.. تدير وجهها للناحية الأخرى فأحاول أن أرغمها على النظر الى فتأبى مثلما كانت تفعل والدتها تماما.. كانت تقلدنى عندما أصلى .. تفعل مثلى .. تتمتم ببعض الحروف غير المفهومة.. سبحان الله!!
هى صورة طبق الأصل من والدتها.
لم أشعر قط أنها قد ماتت وفارقت الحياه.

كبرت شهد على الرضعة.. أصبحت تأكل الزبادى والبسكويت وتشرب الشوربة وتأكل الأرز .. كنت أجلسها أمامى وأنا ألعب الشطرنج.. كانت تشجعنى بحركة رأسها.. كنت أخذها ربما لزيارة قبر والدتها.
كنت أمسك بيدها وأنظر اليها فأجدها تنظر الى شاهد القبر.. بعينين مذهولتين دامعتين.. وأحدث والدتها عنها أول لها كم هى جميلة طفلتنا ياأم شهد.
ثم أخذها فأحملها بحرص لتجلس أمامى على سور الكورنيش فربما نجلس سويا ساعة أو أكثر.. أنظر فى عينيها.. أتكلم.. أبوح بما فى نفسى وكأن صديق واع يسمعنى باصغاء وحرص.. كنت لا أملها قط.. أشعر أننى أريد عمرا على عمرى حتى أكون معها.. ملأت فراغى الموحش.. عوضتنى عن كل شئ وكانت لى خير مؤنس فى غربتى.

بالتوفيق اديبنا النبيل
و تحياتى لحرفك
المبدع

اخى إسماعيل
لا فض فوك يا صديقي
و جعل أيامك كلها شهد
قصة جميلة توضح معرفة الراوي و معايشته كأب
و احس فيها بصدق فنى لأن كل اب ربما مر بأشياء مع أولاده من هذا
القبيل و بالطبع ليس شرطا لوفاة الأم
همستى البسيطة هى :
مقولتك : ( كم أنتى جميله ) طبعا أنت بدون ياء و لكنك كتبتها بالعامية
و قولك ( تحرك يداها الصغيرتين.)
هنا نقول يديها و ليس يداها
أما القصة فهى جميلة
دمت بخير

الواقعية أضافت جمال أخي إسماعيل وهمسي إليك بعض الأخطاء اللغوية المتكررة (بخطوات برئيه..ابتسامه برئيه ) تقبل مودتي

ولماذا كنت ؟!
وأين هى الآن ؟
قصة معبرة تبث مشاعر ومواقف إنسانية نبيلة

قصة جميلة فعلا .... فيها من الجمال و الصدق الكثير و اللغة العذبة و الموحية الكثير

فقط انتبه للأخطاء النحوية و اللغوية فهي كثيرة بعض الشئ في نصك القصصي الفريد

دمت مبدعا

جميل دمت

أبدعت أ. إسماعيل .. دمت كذلك وأتمنى أن تثرينا دائما بأعمالك كما أدعوك لتصفح الأعمال المنشورة بالقسم وإفادتنا برؤيتك