قصة قصيرة بائع الجاز

بائع الجاز
أمام( فرشة ) الفكهانى وقف وكيل المدرسة الثانوية لكى يشترى كيلو من العنب وقبل أن يختار نوعا رخيصا وقف بجواره شاب يرتدى جلبابا أزرقا وأوقف عربة تشبه الكارو
ولكنها صغيرة ، يجرها حمار ، والعربة عليها( فنطاس) صغير يحتوى على الكيروسين أو كما يسمى فى هذه البلد التى يطلقون عليها مدينة ولكنها أشبه بالمدينة فقط فهى تشبه العشوائيات حيث تختلط بها المفاهيم والأفكار ، ولا تستطيع أن تحدد لها هوية ولا تحدد لأهلها أى تصنيف لا هم قرويون ولا هم حضر0
وقف الشاب أمام (فرشة ) الفكهانى بعد أن نزل من على مقدمة العربة الصغيرة وهم
يطلقون عليه فى هذه البلدة بائع الجاز أو بائع الغاز وهو يبيع هذا الغاز فى تلك البلدة أو فى قرى مجاورة فرغم ارتقاء خلق الله من استخدام البوتاجاز إلى الغاز الطبيعى مازال فى هذه النواحى من يستخدم وابور الجاز وهو أمر شائع لا غضاضة فيه ، ونظرإليه وكيل المدرسة الثانوية وهو يركب مقدمة العربة التى يجرها الحمار ويطوف بها الشوارع والقرى وتذكر سريعا حينما كان صغيرا وكان أبو هذا الشاب يبيع الغاز كان وقتها لا يملك
حمارا ولا عربة يحمل فيها الغاز بل كان وقتها يضع هذا الغاز فى علبة من الصفيح ويحملها فوق كتفه ويمشى بها مسافة كبيرة إلى القرى المجاورة لتلك البلدة وهو حافى القدمين متسخ الثوب عار الصدر حيث تتسع ياقة الجلباب من على صدره وكان يضع قطعة من الطين بين كتفه وبين قاع علبة الصفيح حتى لا ينجرح كتفه من تأثير ثقل علبة الصفيح وكان يجلس بجوار أحد الحوائط فى وضع أشبه بالبؤساء ويتجمع حوله الكبار والصغار ليشتروا منه الجاز نظير ملاليم وقروش قليلة حتى ينتهى ما معه من جاز ويذهب إلى حال سبيله لا يدرى أحد أين يذهب ؟ ولا فى أى مكان يكون بيته ؟ إن وجد له بيت أصلا إن لم يكن يسكن فى خرابة من الخرابات أو فى عشة فى مكان مجهول ، تذكر وكيل المدرسة كل ذلك فى ثوان معدودات ، مر أمامه شريط الذكريات بسرعة شديدة ووضوح
أشد ويذكر أنه كان يأخذ الجاز فى زجاجة كبيرة لوضعها فى مصباح الكيروسين (نمرة5)
فى بيتهم المكون من عدة غرف فى الدور الأرضى وعدة غرف فى الدور العلوى فلم تكن البيوت أكثر من ذلك وكانت تبنى بالطوب اللبن وتسقف بالخشب وكانت تضم المواشى
بأنواعها وفى الدور العلوى يوجد الخزين من قمح وذرة وجبن وبصل وثوم وربما بعض الطيور التى كانوا يربونها فى البيت ، كل تلك الذكريات مرت بسرعة شديدة فى عدة ثوان ولكن شديدة الوضوح ، وقطع هذا التفكير واسترجاع الذكريات صوت الفكهانى
- طلباتك ؟
- كيلو عنب
- عندك عنب بمية وخمسين قرش ونوع تانى بإتنين جنيه
إوزن لى كيلو بمية وخمسين قرش -
ومد الفكهانى يده يزن له ما طلبه وبعد أن فرغ من الوزن وأعطى له وكيل المدرسة جنيهين رد له الفكهانى الباقي وهو مبلغ خمسون قرشا وضعها فى جيبه بحرص وهنا تكلم الشاب صاحب الجلباب الأزرق وقال للفكهانى :-
- إدينى اتنين كيلو عنب
ومد الفكهانى يده يزن له ما يريد بينما كان وكيل المدرسة ينصرف من أمام الفكهانى وأثر كلمات الشاب فى أذنيه وهو يطلب اثنين من الكيلوات وليس واحدا ولم يقف ليعرف أى نوع يريد هذا الشاب ؟ والأغرب أن الفكهانى لم يسأله عن النوع الذي يريده

استاذى عادل عوض سند
لك كل الحب والتقدير واشكرك على مرورك الكريم وتعليقك المحترم
وتقبل تحيانى