[center]
بائع الحلوى
ـــــــــــــــــ
- لم تكن تلك هي المره الأولى التي يأتي ويأخذه فيها بسيارته بعد إنتهاء اليوم الدراسي ،
فبعد ان رن جرس المدرسة بصوتة الأجش في فناء المدرسة ، يأذن للتلاميذ بالخروج ، يخرج ذلك الطفل الوديع من تلك البوابة الحديديه،
في وجهه تبدو دروب البسمه متشققة ، دائماً ما تمتد شفتيه على عرض خده من شدة فرحته عندما يرى ذلك الرجل ، فكنت دائم المراقبه له من بعيد وأتعجب لما أراه ، فيسلم عليه بإشتياق ويضمه لتلك المنطقة المحفورة بين زراعيه .
- فلم أكن أعلم من ذلك الرجل و إلى أين يأخذ ذلك الطفل الصغير الذي لا يعلم في هذه الدنيا سوى أبويه فقط ، فكنت أخشى
أن يكون هذا الرجل من شياطين الإنس أو إنه يفعل به مكروهاً ما ، والعجب أن ذلك الطفل يذهب معه دون أي معارضة ، بل بالعكس فإنه يكون فرحاً عندما يأتي ذلك الرجل لرؤيته وأخذه معه ، وعندما لا يأتي أجد الطفل يهرول في جميع الأماكن والطرقات حول المدرسة بحثاً عنه وعندما يخيب أمله يعود إلى بيته ...
- فإني أبيع الحلوى أمام تلك المدرسة واشاهد الكثير من القصص ولكن لم يلفت إنتباهي منها سوى قصة تلك الولد ،
وفي يوم من الأيام لم يأت ذلك الرجل ـ فكان الطفل في حالة نفسيه يرثى لها ، فناديته
وقمت بسؤاله :
- إسمك إيه يا حبيبي .
فقال لي :
إسمي أحمد محمد المنياوي .
- هو مين ده يا أحمد اللي بيجي ياخدك كل يوم بالعربية ده ..؟
فرد عليا مجيباً :
معرفش بس هو دايماً بيقولي انا زي بابا بالظبط .
- طب هو فين بابا ..؟
ماما قالتلي إن بابا مسافر عند ربنا من زمان .
- فتعجبت من برائة ذلك الطفل التي تجعله يذهب مع شخص ما لمجرد أنه يعوضه عن حنان والده ، ولكن لم يكف شكي في ذلك الرجل فكان لا بد عليَ أن اتأكد أنه شخص سوي وفاعل خير ...
فقلت في نفسي يجب أن أجمع بعض المعلومات عن لك الشخص الغريب وأسأل عنه كي أتأكد من سلامة نيته ، فاقتربت منه كي أخاطبه ولكن وقتها إزداد رعبي عندما سمعته يهمس في أذن الطفل ويقول له :
- متقولش لماما إنك بتقابلني ولا تجيبلها سيره .
فزاد خوفي كثيراً وتلفظت بتلك الكلمات الهادئة والمحترمه نظراً لأنه يبدو عليه الأناقة والأبهه ، فإنه شخص طويل القامه يحمل في وجهه الكثير من ملامح ذلك الطفل ، وتنصهر عيناه دائماً عندما يرى الطفل ويضمه .
فقت له :
- إزي حضرتك يا بيه ، محسوبك بيبيع حلويات هنا قدام المدرسة ، انا بس شايف حضرتك بيه كبير ومحترم ربنا يزيدك، فبسال حضرتك لو تقدر تشوفلي شغلانه حلال أكل منها عيش وتكون احسن من دي وتبقى عملت فيا جميله مش هنسهالك .
فقال لي :
- تبقى فوت عليا في الشركة بكره انا مدير شركة السعادة للإستيراد والتصدير .
وأعطاني الكارت الخاص به ، فوضعته في جيبي وقلت له :
- شكراً يا بيه .
ثم ركب الطفل معه وإنطلقا بالسيارة .
وبعد ان غادرا المكان ، أخرجت الكارت من جيبي ونظرت فيه ، فوجته مكتوباً عليه :
مدير شركة السعادة للإستيراد والتصدير
أ/ محمد المنياوي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بائع الحلوى قصة قصيرة بقلم : محمد طلعت .
ثالث التجارب القصصية بعد نجاح أول تجربة وهي قصة أم مريم بحصولها على المركز الثالث على مستوي جامعة القاهرة في المسابقة الصيفية ..
وأتمنى أن تعجبك تلك القصة الجديده ...
مع فائق إحترامي ..لكل الأساتذة المبدعين دمتم بكل خير ...