خارطة الوطن

غداة رأيتُك من كل صوب
يرفرف بيرقك المنتصر
أ خارطة القلب محفورة
على ظهرك العاري المستتر؟
حسبتُ أم اسمك قد نقشوه
على صفحة النيل وجهَ قمر؟
مشيت و زادي هدير الجراح
و ينساب فيَّ أجيج الحذر
فهذي السهول أيا مهد فخري
و تلك الهضاب ربى للزهر
و هذي الفجاج و تلك القفار
تجمع فيها هطول المطر
و تلك الجداول صارت ينابيع تُحيي نهاري و تُجري النهر
و تعريجُها سلك الروحَ لما
أرادوا اختصار شقاءَ العمر
مذ أن خطوتُ بأعتاب داري
و حتى سقوطَ سياط السقر
على ظهرك العاري المستتر
فصالوا لتُهدم كلُ الصوامع
إلا هياكلُهم و الصُّوَر
و جالوا ليُكفَرَ كلُّ إله
و تَعبدَهم وحدهم لا تذر
و أزُّوا لتبرأ من كل ذكر
و تبقى أساطيرهم تُستَطَر
أحاطوك خالوا ينالوا مناهم
و ظنوا قُواهم سيوف القدر
و هموا بما لم ينالوا فخابوا
و علموا من الكذاب الأشر
و خروا ليوسفنا سُجَّدا
و ذَلَّ عزيزهُمُ و خسر
و جاءهم الخزي مما رأوه مواطن قوتهم فانتصر
بما حسبوه مكامن ضعفك ألق عصاك وجُد بالنُذُر
أرادوا انصرافك عن جنتينا
و مَدُّوا إليك لظى تستعر
أخي لا تُصبها و إن قَنَّعُوها
و إن كنتَ من ظمئ تعتصر
أخي أنت مِنِّي فلا تغترفها
تكن في قرابينهم .. فاصطبر
وأغمض عيونك عن سحرهم
و خض في غماري و لا تنتظر
أرادوا استتابة حريتينا
كإثم رخيص .. فلا تعتذر
تيمم و يمِّم تجاه المشارق
كَبِّر و صلِّ لعتق حَضَر
كفرنا بهم و بدا بيننا
و بينهم البُغض و المُنكَدَر
أرادوا انحساري كموج الأمانيِّ
تذوي و تخبو .. فلا تنحسر
أردوا انكساري كحلم بريء
و تفزع روحي .. فلا تنكسر
أرادوا ظلام الخريف لطفلي
تنسمْ ربيع الشباب العطر
أرادوا أفول سناك بقلبي
فأَشرقْ به .. فالغروب انتحر
أرادوا اندحاري خلاف الطريق
فذُد و ادفع الخطو .. لا تندثر
و ظنوك خيلاً علوا أظهرَه
و ظنوا انبعاثك محضَ أثر
و ضبع أصاب جراح العرين
و ما نال حظا خبا و اندحر
و جلادك الخَبُّ ماذا جنى
سوي أنه بالسياط أُسِر
و فَكَّ قيودي فأطْلِق عنانك يا ماردي أنت حى و حر
و ها تلك روحي فلا تأسفن
على بذلها لقطاف الثمر
و خذ من دماءك زاد البلاغ
و زد من ينابيع دمعي الأغر
و صغ من أخاديد ظهرك ركزا لدرب الصمود .. أخي قم و سر
عظامُك ناشرة في الفضاء
لتلك السَفين و ذاك السفر
و جلدَك قد حكتَه راية
شراعا سيبحر نحو الوطر
و قلبُك أيقونةُ المجد لي
شموخي و عزي بها يزدهر
و دمعي مداد أخط به
تضاريس قلب غداة انفجر