القاتل!

قصة (القاتل) - محمد بكرى
ارتعشت حبات ماء الصباح على وجه الساخن، المتقد بفورة الغضب والاستياء، وراح يدس أصابعه في منشفة الحمام القصيرة .. لتهرب ثناياها من عصر قبضته! والتفت يقدر كم بقي للصابونة على وجه الحوض ؟ وخامرته الفكرة .. وابتسم ! وانزلقت البروة للمرحاض، منهيا وجودها من على وجه .. الحوض. واغتسل بالماء فقط.

هذه أول ليلة تمر عليه لا يشعر بوجودها ويفتقد ظلها .. أول ليلة تنتابه هواجس القاتل ومع ذلك نام بعمق غريب، ظهر فيه الدم اخضرا يانعا .. وأصابعه اكثر طولا ومع ذلك بدا لنفسه قزما بملابس ملونة!

لم يدر انه كان ينوي قتلا من عشرة أيام! بدا له الأمر فكرة .. وهم .. خاطر مزعج ليستعمل قدرته في شـر ما !
تأمل من حوله .. عددّهم .. لم يأنس لمن يتحمل فكرته أو ينفذها إلا هـي ! بحكم العشرة، التربية، حبهما المتبادل، عطاءها الغير محدود الذي قد يتسع لخاطره في التحقيق!

كتم الأمر .. ناضل لتسويفه في حقها ! واستوعبت الأزمة لضيق ذات اليد. ساعة بعد ساعة بدأ الشحوب يزورها. فقدت يناعة وجودها وطلاوتها في المصاحبة، وإن بقت متماسكة .

كان يخرج ويعود ويصحو ويشاهد التلفاز وهو يراقبها بطرفه! يتأمل ذبولها الرائع وقرض المرض يلفها!
إلى أن كان اليوم السابع .. افتقدها زواره المنفردين! وتعلل بالمرض وحجبها عن الانفعالات. يومها ذاد ضيقه من ضياع الدفء مع أصدقاءه.. فقد كان عبيرها موحيا بالخير في المنزل .. جوانبه .. دنيته الصغيرة.

في اليوم التاسع هاله ما شاخ في أوصالها! ترقق أطرافها رانية للاصفرار .. وتألم من الحب وسيطرة الخاطر، وقرر الصمود للنهاية حتى لو كان الموت .. ثمنا لحريته!

مع قهوة العشاء سمع السقطة! ارتعش نفسه، وفي المقل تجمعت حبات دموع. هرع إليها يفك الضفائر ويحل الجبائر والأربطة.. فتهاوت بين زراعيه باسمة بندي الوداع!
أسرع مجنونا يفتح صنابير المياه والبانيو وحملها متحاملة تحت (الدش) .. ولكن أيضا لم تفلح دعواته المبتورة في إعادتها للحياة. أزال الماء الوهن من جسمها وأذاب هالات الشحوب . وللحظات بدت في عينيه يوم راها أول يوم .. وقفز الأمل للحدقة فوسعها .. لتنقبض عن دمعة ساخنة بكتها .. ولونها يهرب في أفول!

راح يجدل حزنه مع أطرافها وهو يلملم بقايا وجودها في الشقة ويودعها صندوق سيارته في ليل اخرس.

عند العودة، كان ارتياحه مصحوبا بوحدة فظيعة سجلها عداد السرعة المتراخي.
ولم يقو على كتمان القتل عن خلصائه ولتبرير وحشيته، قص عليهم عذابه في آخر 3 أيام ! انفض عنه الجمع، حتى قدميه رفضتا الرضوخ وأعلانا العصيان، وراحت أعصابه تفتل نارا في السروال والكعبين.

عند العودة الأخيرة .. استقر عزمه لكونه قاتل الرفاق والصبايا الحسان .
وفي محاولة لإحياء آخر ذكرى .. امهر البستاني العجوز نصف مدخراته ليحظي بشقيقتها يتنفس معها الحياة .. بدلا من الموت !!!!!!!

محمد بكرى

استاذى الفاضل قصه رائعه بجد
الله الله الله على الجمال
احسنت استاذى
اسعدنى المرور الاول على صفحتك

يا سيدتي ساحرة العيون: كم من شجرة وزهرة ووردة نقتلها بحرصنا وغيرتنا ومشاعرنا السلبية؟ كم من حيوات حولنا نوأدها بغيابنا وتجاهلنا ...؟ كم من مشاعر وقلوب نحرمها من ماء عيوننا ودفء عطائنا؟ كم وكم ... يالا بؤس قتلانا ويا لجرم قتلنا اليومي .. وما اعظم الشهداء!!!!

الاستاذ محمد البكرى
الله عليك وعلى افكارك الممتع
فعلا نحن أحيانا نقتل ما نحب
بسب غيرتنا وحب أمتلاكنا
وفى النهايه نندم بعد فوات الاوان
ما أعظم كتاباتك التى تحمل ورائها بعد
الحكم والمواعظ
تقبل مرورى واعجابى بقلمك الراقى

اشكرك استاذة اميرة؛ تشجيعك موحى ويحمل بالمسئولية اكثر - وقديما قلت ايضا: داء العصيان دواه الحنان - وفن الترويض يكمن في الخيّال وما بالعشق استحالة .. فالاهم هو الاحتمال!!

اشكرك ممدوح بك على تعليقك الجميل - واتمنى احوذ على دقائق من وقتك لمطالعة قصة لا شرفات صغيرة بعد اليوم! يمكن تعجبك؟؟