عاطف الجندي
أخيرًا هل البدر و أضاءت الدنيا بوجودك فى منتداك
يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب
لنسبح معا فى سماء الإبداع
ننتظر دخولك الآن
عاطف الجندي
أخيرًا هل البدر و أضاءت الدنيا بوجودك فى منتداك
يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب
لنسبح معا فى سماء الإبداع
ننتظر دخولك الآن
عاطف الجندي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى عاطف الجندي الأدبى يهتم بالأصالة و المعاصرة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
صدر عن دار الجندي بالقاهرة ديوان مكابدات فتى الجوزاء للشاعر عاطف الجندي .. ألف مبروك
أحبائي بكل الحب تعود ندوة المنتدى السبت الأول من كل شهر باتحاد كتاب مصر ويسعدنا دعوتكم السادسة مساء السبت الأول من كل شهر باتحاد الكتاب 11 شارع حسن صبري الزمالك فى ندوة شعرية مفتوحة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» متفتكرش
القاتل الخفي Icon_minitimeالأحد نوفمبر 17, 2024 9:53 pm من طرف محمود جمعة

» في يوم الاسير الفلسطيني/ د. لطفي الياسيني
القاتل الخفي Icon_minitimeالسبت أبريل 15, 2023 1:27 am من طرف لطفي الياسيني

»  مطولة شعرية الجزء الاول مهداة للاستاذة الشاعرة حنان شاعرة م
القاتل الخفي Icon_minitimeالأحد مارس 12, 2023 4:27 pm من طرف لطفي الياسيني

»  عيد الاحزان والاسرى في عتمة الزنزان/ د. لطفي الياسيني
القاتل الخفي Icon_minitimeالجمعة مارس 10, 2023 8:49 pm من طرف لطفي الياسيني

» تحية الى المرأة في 8 آذار / د. لطفي الياسيني
القاتل الخفي Icon_minitimeالثلاثاء مارس 07, 2023 7:54 am من طرف لطفي الياسيني

»  ردا على قصيدة الاستاذ الشاعر الفلسطيني الكبير شحده البهبهان
القاتل الخفي Icon_minitimeالخميس مارس 02, 2023 9:19 pm من طرف لطفي الياسيني

» الى روح رفيق دربي عمر القاسم/ د. لطفي الياسيني
القاتل الخفي Icon_minitimeالإثنين فبراير 20, 2023 12:07 pm من طرف لطفي الياسيني

»  انا المجاهد في العصور / لشاعر دير ياسين*لطفي الياسيني
القاتل الخفي Icon_minitimeالسبت فبراير 18, 2023 11:51 am من طرف لطفي الياسيني

»  في ذكرى الاسراء والمعراج/ د. لطفي الياسيني
القاتل الخفي Icon_minitimeالخميس فبراير 16, 2023 1:12 pm من طرف لطفي الياسيني

Navigation
 البوابة
 فهرس
 قائمة الاعضاء
 الملف الشخصي
 س و ج
 ابحـث
منتدى عاطف الجندى الأدبى
Navigation
 البوابة
 فهرس
 قائمة الاعضاء
 الملف الشخصي
 س و ج
 ابحـث

 

 القاتل الخفي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
إبراهيم عبد العزيز السمري
شاعر
شاعر
إبراهيم عبد العزيز السمري


الدولة : مصر
عدد الرسائل : 132 الهواية : الشعر والأدب والكتابات الإسلامية
نقاط : 180 تاريخ التسجيل : 28/02/2012
بطاقة الشخصية
مرئى للجميع:

القاتل الخفي Empty
مُساهمةموضوع: القاتل الخفي   القاتل الخفي Icon_minitimeالأربعاء مارس 14, 2012 12:31 pm

القاتل الخفي
في منزل متواضع يبعد قليلاً عن منازل القرية تعيش "سمية" الشابة الأرملة الحسناء التي لم تتجاوز عامها الثلاثين مع طفلها الذي لم يتعد الخامسة من عمره ، توفي زوجها منذ عام إثر حادث غامض ، تقدم إليها بعد انقضاء عدتها رجال كثيرون لكنها قررت أن تهب حياتها لطفلها الصغير كي تراه في يوم من الأيام ملء الأعين والأسماع ، ورجلاً فذًّا ممن يشار إليهم بالبنان..!
لم تنتظر أن يمد إليها أحد يد المساعدة لاسيما في هذا الزمن الذي تقطعت فيه وشائج القربى ، وانشغل كل فرد بحياته الشخصية ، خرجت للعمل في إحدى المطابع المتواضعة ، ولأنها تخاف على طفلها الصغير كانت تأخذه معها ، وعندما تنقضي ساعات العمل تحمله ثم تعود به إلى منزلها..!!
في ظاهر الأمر أنها تخشى على ابنها ؛ ومن ثم تأخذه معها رغم أن صاحب العمل حذرها أكثر من مرة ألا تصطحبه معها كيلا يشغلها عن أعمالها ، لكن في جوهر الأمر أنها كانت تتقي به نظرات الذئاب البشرية التي كانت تمتد في غير ما ورع أو حياء إلى قوامها الرشيق تكاد تلتهمه التهاماً ، أرادت أن تصد نظراتهم بهذا الطفل الذي يؤكد لهم أنها أم تهمها الأمومة أكثر من اهتمامها بأنوثتها ، كانت تواري أنوثتها خلف هذا الطفل الملازم لها عسى أن تستحيي الأعين المتفحصة ، ولعل إحساسها بالضعف ـ لأنها أنثى ـ جعلها تستمد من رجولته المبكرة قوة تزيح بها جبال الخوف والضعف الرابضة في عقلها ، والجاثمة فوق صدرها..!
ومهما يكن من أمر فإنها لا تتخيل حياتها بدون طفلها ، وربما تأخرها في الحمل هو ما جعل عاطفة الأمومة لديها جياشة إلى حد كبير؛ إذ ظلت أربع سنوات من بداية زواجها دونما حمل ، ثم رزقت بهذا الطفل الذي أصبح نور عينيها ، ومصدر قوتها ، وملاذها الآمن ..!
تذهب إلى عملها في السابعة صباحاً ، ثم تعود إلى بيتها في الرابعة عصراً وقد أنهكها التعب ومع هذا لا تتوانى عن إعداد الطعام لها ولطفلها.. يتناولان سوياً وجبة الغداء ثم يجلسان في استرخاء يشاهدان التلفاز ، وقد يخرج الطفل ليلعب مع أقرانه ، ويتركها وحيدة في البيت ، وما أصعب الوحدة ..! وما أفدح الرهبة ..! ولكن سرعان ما تزحف الشمس نحو الغروب فتتجهم السماء ، ويسدل الليل ستائره على الكون فيعم الصمت، ويخلو الطريق من المارة .. تطل من النافذة تنادي طفلها الذي يجد نفسه وحيداً بعد أن يتركه الأولاد ويذهبون إلى بيوتهم فيعود يجر ساقيه المجهدتين على غير رضا ، يتمنى لو امتد النهار به إلى آخر العمر كيلا يكف عن اللعب.
يتناولان سويا وجبة العشاء، ويشاهدان التلفاز بعضاً من الوقت ثم يأويان إلى مخدعهما ليلقيا عن كاهلهما عناء نهارهما الثقيل وآلامهما الممضّة ، ما إن يضع الواحد منهما رأسه على سريره حتى يغوص في أعماق من السبات اللذيذ ، فلا يشعران إلا ببصيص من ضوء النهار يتسلل عبر النافذة المطلة على الطريق .
كانت الحياة ـ رغم ما فيها من شظف العيش ، والفقر الذي يكدر صفوها في بعض الأحيان ـ تمضي في هدوء وأمان حتى كان يوم الثلاثاء المشئوم وتحديداً في الساعة الخامسة بعد العصر، كان الطفل في ذلك الوقت يلعب مع الأولاد بعيداً عن البيت ..!
سمعت "سمية" صوتاً ينبعث من حمام البيت ، في بادئ الأمر ظنته قادماً من المطبخ فتخيلت أن طبقا من الأطباق أو وعاءً من الأوعية قد سقط على الأرض ، فلم تعر الصوت انتباهها ، وإذا بالصوت يعلو ، أخذتها رعدة ، اتجهت نحو المطبخ .. ألفت كل شيء في موضعه.. أحست بحركة غير عادية في الحمام ، استجمعت قواها .. فتحت الباب فإذا بشاب أمامها يتفحصها بعينين تتقدان شرراً ، لم تتمالك أعصابها ، صرخت بكل ما لديها من قوة ثم سقطت على الأرض ، أسرع الجيران نحو الصوت ، ورأى الطفل جموعاً من الناس تهرول نحو بيته .. أطلق ساقيه للريح يسابق الجميع كي يطمئن على أمه التي تركها في البيت وحيدة منقطعة من الأهل والأحباب .
أفاقت على جمع من النسوة يحطن بها ، وقد عصبن رأسها التي شجت حينما سقطت على الأرض ، ورحن يتهامسن ، ويتغامزن ، ويهمهمن ، يردن أن يعرفن سر صراخها المفاجئ لكنها لمحت في عيون بعضهن أطلال شماتة ، وفي عيون أخريات بوادر تشفِّي ..!!
ولا عجب؛ فهي الغيرة التي جبلت عليها بنات حواء ، كل واحدة من هؤلاء النسوة كانت تخشى أن يقع زوجها في شباك حبها ، ولم لا؟! أليست أصغر منهن سناً ؟! وألين منهن قدًّا ؟! وأروع منهن جمالا ؟! وأرشد منهن عقلاً ؟! وأمضى منهن عزيمة ؟!
جميعهن يعرفن هاته الحقائق التي تمرّر عليهن حياتهن ، لكنهن يخفينها بين ضلوعهن، وقد تفضحهن عيونهن ، وهذا ما قرأته "سمية" بفراستها التي لا تخيب، فأرادت ألا تريحهن، فأخذت طفلها وضمته إلى صدرها ، وهبت واقفة من جلستها حتى تنهض النسوة ويذهبن إلى بيوتهن .
لم تشأ أن تقذف الرعب في قلب صغيرها فكتمت عنه خبرها ، وظل سرها حبيس صدرها وحدها .. يا لها من أم قوية راسخة كالجبال ، ورقيقة كهبات النسيم ساعة الأصيل ، تحسبها في بعض الأحيان تملك قلباً من حديد ، ثم تراها في أحايين أخرى حمامة أليفة ، أو قطة وديعة ..!
تكرر المشهد الذي رأته من قبل يوم الثلاثاء التالي في نفس التوقيت الساعة الخامسة بعد العصر، خرج نفس الشاب من الحمام لكنه في هذه المرة تكلم بصوت غريب ، أخبرها بأنه يحبها ويريد الزواج منها ، تمالكت أعصابها في هذه المرة ، وأرادت أن تثبت له أنها أقوى منه ولن يستطيع إخافتها ، قالت بعد أن استجمعت كل قواها :
ـ من أنت؟!
رد وقد تحجرت عيناه :
ـ عاشق ولهان .
ـ أنا لست أرى أمامي إلا لصا أو بلطجيا يتهجم على بيوت الناس .
ـ لا يا جميلة الجميلات ، لست لصا ، ولا بلطجيا ، ولكني أهيم بك منذ زمن طويل .
ـ أنت كاذب ، أنا لم أرك قبل اليوم .
ـ ولكني أراك في كل حين ، أراك وأنت تقفين أمام المرآة طويلاً تتباهين بجمالك ، وأراك وأنت تغتسلين وتتحسسين أعضاءك في زهو وخيلاء.
ـ كيف تراني أيها الحقير ..؟!
ـ أراك من حيث لا ترينني ..!
ـ اسمع أيها الوغد .. إياك أن تظن أن بنات الناس لعبة بين يديك ، إن لم تخرج من هذا البيت بالتي هي أحسن فسوف أقطعك إرباً إرباً .
ضحك ساخراً من ضعفها التي تحاول جاهدة أن تواريه خلف كلماتها ، ترددت أصداء الضحكة في البيت فاقشعر بدنها .. اقترب منها أحست كأن لهيبا أو لفحة من النار تقترب منها، صرخت في وجهه وأغمضت عينيها ثم تهاوت على الأرض كشجرة باسقة اجتثت من فوق الأرض.. ثم غابت عن الوعي ..!
عاد طفلها كعادته مع المساء فوجدها صريعة ممدة على الأرض ، نادى عليها بأعلى صوته ، تذكر النسوة عندما رششن على وجهها بعضا من العطور الكحولية ، فأخذ قنينة العطر وجعل يرش على وجهها وينادي حتى دبت في جسدها الحياة من جديد .. فتحت عينيها فإذا بطفلها الجميل هو الذي يناضل وحده من أجل إعادتها إلى الحياة ، ضمته إلى صدرها بقوة وجعلت تبكي بكاء مرا .
كان عليها أن تستشير الناس في أمر هذا الجني الذي يظهر لها فجأة في وضح النهار ، كيف تتعامل معه ، هل تترك له البيت وتبحث عن مكان آمن ؟ هل سيتركها وشأنها بعد ذلك؟! أم سيطاردها مادامت على قيد الحياة ؟!
أشارت عليها إحدى النساء بالذهاب إلى الشيخ "درويش" زاعمة أنه الوحيد الذي يقدر على تقييد هذا الجني ، على الفور انتقلت إلى بيت الشيخ "درويش" الذي أخبرها باسمها واسم طفلها والطلب الذي جاءت من أجله ، كبّرت وهللت ، وبسملت ، ثم قالت :
ـ طلباتك أوامر يا سيدي ..!
طلب الشيخ بعض الطلبات الغريبة التي تباع عند العطارين ، ثم أمرها بإقامة صلحاً ـ وهو ما يعرف بحفلة الزار ـ في بيتها لطرد العفاريت ومردة الجن منه ، شعرت بالطمأنينة، وأسرعت تعد الطلبات وتجهز لحفل الزار ، تلك الحفل التي تقرع فيها الدفوف، ويحدو المنشد بأغانٍ غير مفهومة ، ويدور الحاضرون حول موقد من النحاس ، وضعت فيه جمرات من النار نثرت فوقها أنواع شتى من البخور ، وبعض الحبوب، وعلى الأنغام تتمايل الأجساد يمنة ويسرة ، وتتصاعد دقات الدفوف حتى تخترق الآفاق ، هنالك يتشنج من به مس ثم يقع على الأرض ، ويتحدث بصوت غير صوته ، فيسألونه عن طلباته ، فيأمرهم بذبح ديك ذي أوصاف غريبة ، فيعلنون السمع والطاعة ثم يذبح الديك ، ويراق دمه على الممسوس فيهدأ الجني الذي مسه ، ويعود الممسوس إلى حالته الطبيعية.
هكذا تتكرر أفعالهم في كل حفل ، وهذا ما حدث في بيت "سمية" التي ظنت بأنها تحررت نهائياً من ذلك الشبح المخيف بعد هذا الحفل المهيب ، لكن الحقيقة غير ذلك ، إذ تكرر خروج الجني في نفس الموعد عارضاً عليها الزواج مرة ثانية ، كان عليها أن تظهر له العين الحمراء لترهبه حتى لا يطمع في ضعفها ، وقفت شامخة كالطود العظيم ، ثم قالت بملء فيها :
ـ لن أدعك تنتصر علي أيها الجني الأحمق .. سأظل أجاهدك حتى يحدث أحد الأمرين: إما أن تقتلني ، وإما أن أقتلك ..!
تمعّر وجه الجني، وانتفخت أوداجه، وزفر زفرة لفحت وجهها الناعم الرقيق ، ثم قال:
ـ وأنا أحذرك .. إن لم توافقي على طلبي فسأقتل ولدك .
قالت وقد غلى الدم في عروقها :
ـ وأنا أحذرك ، وأقول لك : إن مسست شعرة من ابني فسأجعلك عبرة لعالم الإنس والجن..!!
زمجر ، ثم اختفى فجأة ، كان عليها ألا تنتظر حتى ترى ولدها صريعاً بين يديها ، انتقلت على الفور إلى نقطة الشرطة لتبلغ عن شخص يهددها بقتل ولدها ، استمع الضابط إلى قصتها فما كان منه إلا أن انفجر في الضحك ، إنه لا يصدق .. وحق له ألا يصدق وهو الرجل الذي لا يفتأ يبحث عن الأدلة المادية لأية جريمة ، كيف له مطاردة قاتل خفي أو مجرم غير مرئي ، إن هذه القصص والحكايات مكانها في عقول العوام القدامى الذين درجوا على تناقل الخرافات والأساطير ، ثم بدا له أن يوجه إليها بعض النصائح فاتجه إليها وهو مسند ظهره إلى الخلف في زهو ثم قال :
ـ أنا لا أرى هذا الشيء الذي تتحدثين عنه إلا ولداً من الشباب المتسكعين يدخل بيتك عبر نافذة الحمام ، أو أي فتحة في البيت ، ونصيحتي لك أن تغلقي منافذ البيت جيداً .
ـ أفهم أنك لن تفعل شيئاً ..!
ـ وماذا تظنين أني فاعل ؟ هل مهمتي أن أحرس كل فرد في منطقتي ؟ اذهبي إلى بيتك أيتها السيدة وحافظي على نفسك وطفلك ، وغلّقي أي منفذ يمكن أن يتسلل منه أي لص أو بلطجي .
خرجت من عنده تجر أذيال الخيبة بعد أن فقدت آخر أمل لها في سبيل حمايتها ، تذكرت وهي ماضية إلى بيتها أنها نسيت أن تقول له بأن المجرم الذي يهددها سيكون موجودا عندها في الساعة الخامسة من يوم الثلاثاء ، فعادت إليه ورجته بكل وسائل الرجاء والاستعطاف ، وطلبت منه أن يحضر اللقاء القادم ، لم يجد الضابط بدا من الإذعان لطلبها فوافق على مضض .
في اليوم المرتقب وفي الساعة الموعودة كان الضابط موجوداً في بيت "سمية" مع خمسة من رجال الأمن الأشداء ينتظرون ضيفاً مجرماً بعد أن أوصدوا كل منفذ من منافذ البيت ، في الساعة الخامسة عصفت في البيت رياح شديدة ، ودوامات من تيارات الهواء الساخن جديرة بأن تجتث أعتى الأشجار من أصولها ، كان الأثاث يتبعثر في كل اتجاه لشدة العاصفة .. احتضنت "سمية" طفلها وتشبثت به.. تساقطت الصور المعلقة على الجدران ، وانقلب ما في البيت رأساً على عقب .. فجأة انتزع الطفل من بين يديها .. صرخت من أعماق فؤادها الملتاع :
ـ ابني .. ابني..!! ارتفع الطفل في الهواء حتى بلغ سماء الحجرة ، ثم نزل حتى اقترب من الأرض ثم ارتفع ثانية أمام أعينهم جميعا حتى لامس سقف الحجرة ، وشبت به النار فيما هو معلق في الجو ، لا تزال الأم تصرخ ، والضابط مذهول هو ومن معه يشعرون بأنهم في كابوس من الأحلام المزعجة، أو كأنهم يشاهدون فيلما من أفلام الرعب المجسمة ، بعد لحظات هدأت العاصفة وسقط الطفل على الأرض أمام أعينهم ، بعد أن صعدت روحه إلى بارئها ، أكبت الأم على طفلها وغابت عن الوجود .. أقبل الجيران على صراخها المتواصل ، حطموا الأبواب والنوافذ ، وصلوا إلى موقع الحادث الأليم لكن بعد فوات الأوان.
لم يستطع الضابط أن يحرر محضراً بالحادث إذ القاتل ليس له أوصاف تذكر ، بل إن أحداً من الشهود لم ير القاتل .. لقد تمت جريمة القتل أمام أعينهم لكنهم لم يروا القاتل الخفي، هي وحدها التي تعلم أوصافه .. ولكن.. ما الجدوى ؟! كيف السبيل إلى الإمساك به ومحاكمته محاكمة عادلة؟!
سرت أنباء "سمية" وطفلها في القرية مسرى النار في الهشيم ، يرددها القريب والبعيد ، العدو والحبيب ، الشامت والمشفق ، ويتساءلون في حيرة :
ـ ما الذي دفع الجني إلى هذه الجريمة النكراء ؟ فتسمع من يقول :
ـ لقد فتنت سمية بجمالها شياطين الجن كما فتنت من قبل رجال الإنس.
وقد تسمع آخر يقول:
ـ لقد كانت ترفض الزواج لأنها كانت على علاقة بهذا الجني منذ زمن فلما حدث بينهما خلاف قتل ولدها ، وربما يكون هو الذي قتل زوجها لكي يستأثر بها .
كثرت الأقاويل .. لكن "سمية" لم يعد يهمها كلام الناس ؛ لأنها فقدت عقلها منذ ذلك الحين ، وهامت على وجهها في بلاد الله الواسعة ، تراها سائرة ذاهلة ، حافية القدمين ، عليها أطمار بالية ، وشعرها مهدّل ، وعيناها ذابلتان زائغتان لا تستقران على موضع ، ووجهها شاحب أجهده السير المتواصل، ولسانها لا يفتر عن ترديد هاته الكلمات :
ـ منصور .. منصور .. انت فين يا حبيبي .. انت فين يا ضنايا ، أنا أمك تعال بسرعة ، ثم يغالبها البكاء فتنزوي في ركن قصيٍّ كخرقة بالية لا يحركها إلا أصوات الأطفال وهم يطاردونها:
ـ المجنونة أهه ..! المجنونة أهه ..!
فتجري أمامهم خائفة مذعورة كأنها شاة عجفاء تهرب من ذئاب ضارية ، فلا يردهم عنها إلا صوت أحد الرجال ذوي النخوة والشهامة يزأر فيهم ، فيعودون أدراجهم ، وتظل ماضية حتى تبتلعها الظلمة ..!
******
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
القاتل الخفي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القاتل
» القاتل!
» الحلم القاتل
» الحزن القاتل.
» القاتل الجميل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عاطف الجندي :: منتدى الإبداع الأدبى :: ابداع قصصى-
انتقل الى: