قطرات من الشوق والشاعر الورداني ناصف..!

والشاعر الورداني ناصف (1)..!

بقلم:محمد الزينو السلوم

---------------------------------

أرجوك لا تبعدي عني فلا أملٌ

لي في الحياة إذا خاصمت ِ وجداني

يا من تغلغلت ِ في عمري وأوردتي

وصاغك الحب ترياقاً لأحزاني

إني عشقتك عشقاً لا يماثله

عشقٌ على الأرض من إنس ٍ ولا جان

نثرته عبر ديوان الهوى نغماً

فصار أعزب ينبوع لألحاني..

بهذه الطاقة من الأبيات يزيّن لنا الشاعر (الورداني ) ديوانه الشعري هذا..إنه قطرات تروي القلوب ..قي زمن الجفاف والخصب..

ومن الجدير بالذكر أنه سبق لي وأجريت دراسة لديوانه السابق ( همسات الورد ) جاءت ضمن عدة دراسات في كتاب وجوه مصرية في الذاكرة،قيد الطبع حالياً.

والشاعر الورداني ناصف يتميز بغزل الشعر العمودي وهو متعصّب له – إذا جاز التعبير – يرسمه بريشته،ويلونه بألوانه القزحية،كما يكتب قصيدة التفعيلة أيضاً وفي الديوان نماذج للنوعين معاً

وفي قراءة سريعة لقصائد الديوان نجده ينوع ويلون في قصائده ما بين الوصف والمديح والوجدانيات والوطني وغير ذلك ، وتحس وأنت تقرأ قصائده بالطوؤر والتجديد مع المحافظة على التراث والأصالة حتى أنهما أصبحتا همّ الشاعر،وحديثه في كل مناسبة..!

في قصيدة قطرات من الشوق عنوان الديوان يسأل :



فــررت إلى عينيــك حين فقـــدتني

فهــل ترشداني للمنى عـيـنــان ِ

وهـل تأخـــــذاني للأماني بعينها ؟

وهـل تروياني بالهـــوى؟ تسمان

وهل تبرآني من جراح بها خبت؟

لـواعـــج حب حـينمــا نســيـانــي؟

وهل تمنحاني الشـوق .عمري بدونه

ســرابٌ،ويحـلـو،إذ همــا منحــاني





قطرات من شوق كما أسماها الشاعر،تطرح شذاها وألقها من خلال أسئلة حيرى،تهيم وجداً من عيون يسالها الشاعر،ويلح في السؤال..هل،وهل،وهل..يتمنى ويتمنى ..فهل تتحقق أمانيه..؟

فرار وفقدان،لواعج ونسيان،وتوق،وتسبيح قلوب..وتتهادى بنا القصيدة كالماء الرقراق في مقاطعها البراقة..إلى أن يقول:



عديني بوصل ..قطري الشوق في دمي

هـبـينـي مـن العينين صـك ضـمــانن

فأنــت لــه الأشــــواق والحـــلـم والـهــنــا

وأنــت لــه القلــب العـطـوف الـهـــانــي



وأهمس في أذن الشاعر(لماذا صك ضمـان..؟!) وهل نحن في شركة تأمين،سامحك الله..اسألها أن تهبك بحر أمان أيها الشاعر المتألق..

ولعل الشاعر يعشق الجمال ويجله ويقدسه ولكن للعيون تجلّيها والوهاج ولهذا فقد تغنى بها كثيراً،إلى درجة تلفت الانتباه والأمثلة على ذلك كثيرة:



وتــذوب عــيناك اللـتـان روتــهـمـا

أضــواء حــب في بـــريـــق ســـناهــا

ص (10)

أتـوق إلى عــينـيـك يا كـم حـــوتـهمــا

أكـالـيـــل ســـحر حين تبتســـمـــــان

فررت إلى عينيك شوقـاً إلى الهوى

كشـوق الثرى الظمـآن للفـيـضـان

ص (28)

وشـــلال ســحــر بــعيــنيــك يصـمـي

فـيـقـهــــــر في عـمــرنا المســتـحـيـــل

ص (38)

والتــقــيــنــا وفــي الـعــيـــون بريقٌ

زانـــه الــوجـــد بالمــعــاني الســنيـــه

ص (43)

أزجي إلـيـك ..إلى عينيــك أشــواقـي

يا نســمـة كـحّــلـت بالســحـر أحــداقـي

ص (47)

وهناك الكثير من الأبيات التي يتغنى الشاعر بالعيون وكأنها تشّل هاجساً له,,وأجمل به من هاجس..؟!

أما فيما يتعلّق بقصائد التفعيلة فدعونا نرحل معه قليلاً إلى فضاءاتها ولعلها تكون كما في الشعر الخليلي أيضاً

في قصيدة رسالة من الدرة يفتتحها الشاعر بقوله:أنا حلم درّة/ أنا ذلك الطفل الذي فتكت به الأطماع/في وطن الغضب/أنا ذلك الحلم الذي قد مزقوه بلا سبب/أنا ومضة النور الذي قد أطفأته/يد الجبان بلا سبب..الخ) فالشاعر هنا يحلّق بنا في فضاءاته الشعرية بشكل متميز أيضاً على الرغم من اعتماده القافية غير المرغوب بها كثيراً في مثل هذه القصائد،لكن الشاعر - كما نرى في مقاطع أخرى من القصيدة – يبدل ويلون في القافية (تاه – الأباه – الحياه – العروبة – كئيبة – الطفولة – الجميلة – الذبيح – المسيح ..الخ) كل هذا يحسب للشاعر لا عليه..ونظراً لقلة قصائد التفعيلة أكتفي ،وأختم بقصيدة عمودية بعنوانقل للمليحة فيعتمد التشطير :



(قــل للمليحة في الخمـــار الأســــودِ) تلك التي صاغت أنوثتها يدي

أرخي خمارك فوق حسنك وانظري (ماذا فعلت بعاشق متعبّد..؟!)

إلى أن يقول:

(ردي إلــيــه صلاتـــه وصيــامـــــه ) ودعيه ينهـــل مـن حـلال المورد

ومن المروءة أن يناشدك الهــوى (لا تقـتليــه بحـق دين محمــد )



وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على خبرة ودربة لدى الشاعر تمكنه مثل هذا التشطير القريب من الأصل كثيراً..والجدير ذكره أن بعض قصائد الشاعر العمودية أقرب إلى المقطوعات لقصرها..ومع ذلك فللشاعر قصائد طويلة أيضاً

كما أن هناك قصائد في مديح الرسول الكريم،وقصيدة ارفق بنا يا رب،وقصيدة نورانيات..نحس بالتجليات القريبة من حالة المتصوف عند الشاعر ..كما في قصيدة في مدح الرسول الكريم وهي تعتمد التشطيرأيضاً لقصيدة نهج البردة:



(ريم على القاع بين البان والعلم) سبى فؤادي وأحياني من العدم

وحين أبديـت ما فـاض الفــؤاد به (أحل سفك دمي في الأشهر الحــرم)

وهي من القصائد الطويلة في الديوان تتجاوز الخمسين بيتاً ..يتألق بها الشاعر كعادته في مثل هذا التشطير المحبب إلى الروح والقلب..!

وهكذا أختم قراءتي بالقول:الورداني ناصف،شاعر يمتلك زمام القصيدة بنوعيها..يملك من الخيال والتخييل وجمال اللغة والأسلوب ما يجعله في مصاف الشعراء الذين تركوا بصمات لم في عالم الإبداع،ويحاول ن يجدد ويطوّر في شعرية التراث والأصالة منصباً نفسه للتصدي للهجمات الحداثية وخاصة في عدم قدرة الشعر العمودي على مواكبة المعاصرة وهو أمر يجب أن نتمسّك به جميعاً..

وهنك جوانب أخرى يمكن تسليط الأضواء عليها،فالديوان يحتاج إلى أكثر من قراءة،ولو اتّسع المجال لفتحت به نوافذ أخرى ولكن لضيق المجال أكتفي بهذا تاركاً للآخرين من الأدباء مساحات أخرى للدراسة..أشد على يد الشاعر وأتمنى له مزيداً من الإبداع والتألّق..!


(1)الشاعر الورداني ناصف: شاعر من القاهرة،نائب رئيس تحرير جريدة( المسائية ) ورئس قسم الأدب والثقافة فيها - عضو نقابة الصحفيين – عضو اتحاد الكتاب – رئيس جمعية الأدب والفكر المعاصر – رئيس ومؤسس ملتقى الأربعاء الأدبي بنقابة الصحفيين – عضو العديد من الجمعيات الأدبية – حصل على العديد من الجوائز الأدبية وشارك في العديد من المهرجانا الشعرية – كرمته الدولة في عيد الفن والثقافة الأول عام 1979 - صدر له : ديوان همسات الورد عام 1995 – له تحت الطبع ديوان دعيني أحبك – وغنوة أمل ( ملحمة زجلية ).

(2) ديوان قطرات من الشوق: يتضمن /37/قصيدة ما بين الشعرالعمودي والتفعيلة ..،جاءت في /175/صفحة من القطع الوسط،بغلاف ملوّن وأنيق. – إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2007م.

لأديبة مها
تحية الورد والود وبعد
شكراءتي قراءتي من خلال الدراسة..!
تحياتي
وإلى اللقاء.؟![b]

البنوتة المصرية
تحية الورد والود وعد:
أشكرك على اهتمامك بزيارتي من خلال مشاركاتي(إمّ///////////الْ مش أنت بنوتة مصرية رائعة من مصر الرائعة..!)..
تحياتي
وإلى اللقاء.؟!

فعلا القصيدة رائع جداااااااا وخصوصا انها لشاعر كبير انا احبة جدااااااااا ولكن للاسف الشديد بسبب الاعلام لا نرى هولاء الشعراء فى الاعلام المصرى ويمكن العربى لاسبابا انا لا ارها اسبابا مقنعة فمثلا نحن كشعوب عربية نحتاج الى من ينهضنا الى القيم الاصيلة وليس كم نسمع واحد ولا واحدة من يوم وليلة تصبح شاعر وتقول صحيت من النوم شربت كباية شاى انا مالى انا بكباية الشاى دى نحن فى احتياج للشعر العربى الحقيقى وانا لا اهاجم العامية المصرية الجميلة ولكنى ضد ما يدعون انفسهم بشعراء وهم ليسوا بشعراء موضوع رائع للشاعر العربى الكبير محمد الزينو خصوصا انة يناقش قصيدة رائع للشاعر الوردانى ناصف مع حفظ الالقاب