همسات الورد والشاعر الورداني ناصف..!

الورداني ناصف/
في مجموعته الشعرية " همسات الورد ..!
بقلم : محمد الزينو السلوم
-------------------------------
" الورداني " في مجموعته الشعرية " همسات الورد " قدّم لديوانه بما قبل الهمس : " يعتذر من قرائه بسبب تأخره في إصدار هذه المجموعة ، وحتى في النشر بالصحف والمجلات ، ويعزي السبب في تأخيره حوالي ربع قرن إلى أنه لم يكن يرغب في الجري وراء أصحاب دور النشر ، مع كان زميلاً لهم في المهنة ، وحتى لم ينشر لنفسه في الصحف والمجلات التي أشرف على القسم الأدبي فيها طوال خمسة عشر عاماً ، وفضل أن يبقى في دائرة الظل بعيداً عن الأضواء ..".
وفي مجموعة " الوعد " المشتركة التي قدّم لها الشاعر "مسعود حامد " من هيئة تحرير " سلسلة الوعد ذكر فيها أن الشاعر الورداني أحيا أمسية شعرية للشاعر المصري الكبير الورداني حول شعر المقاومة .. أما الأديب " ناصر صلاح " وهو من هيئة تحرير السلسلة الأدبية أيضاً ، ومما قاله في التقديم: " .. فالمتابع له كشاعر رومانسي لا يدور بخلده أن تكون له قصائد تُبحر في أعماق ما يواجه الأمة من تحديات ، وتغوص في خضم ما تعانيه الأمة من تمزّق وتيه .. وهو بصدق شاعر الحب .." .
بعد هذه التقدمة للديوان نسأل : هل ديوان همسات الورد يتضمن شعراً رومانسياً ؟ ؟ أم غير ذلك ؟ أم هو بمثابة حديقة من الورد تحوي ألواناً من الورد لكل منها عطره ؟ هذا ما سنبحث عنه في الديوان .
في قصيدة " همسات الورد " يقول : " أنا يا زهرة الأهرام أهواكِ / فناغيني/وفي صرح الهوى المخبوء في عينيك آويني/ومن ورد اللمى المعسول في شفتيك روّيني.." فالشاعر كما يبدو يخاطب وطنه الأم "مصر" ، بهمسات الورد الممزوجة بألحان الحب والأشواق ، فهي تُغريه بسرّ وبسحر همساتها ، وهو العطشان الذي لا يروى إلا من نهر حبها ( هذا بعض ما يقوله في القصيدة) ..
في قصيدة " لقاء" يدخل في غابة القصيدة مباشرة دون مقدّمات فيقول :
وضمّ يدي في حنـان إلــيهِ وشلاّل ســـحر غزى مقلتيهِ
وتمتم.. لا أستطيع البعـاد ونضّر سحرُ الهوى وجنتيه
ويمضي بنا الشاعر في رحلته عبر الديوان في قصائده المتنوعة والملونة ، ما بين قصائد عمودية وتفعيلة ، قصيرة وطويلة ، وحتى على شكل " ومضة " لا تتجاوز الواحدة منها عدة أبيات .. ففي قصيدة " العودة" يقول: " وحين التقينا/وصافح وجهك وجهي/الذي فرّق الدهر بيني وبينهْ/تنهّدت طول السنين التي عشتها في العذابْ/وندّى الكــــــلام، الحنــــان، الفؤادُ/الذي لم يزل مريمي الهوى .." ، فالوجوه عند الشاعر تتصافح ، والندى يسكن الكلام والحنان والفؤاد ، وعبارة " مريمي الهوى " ، كل هذا يُشير إلى أن الشاعر يجدد في لغته الشعرية بالإضافة للشاعرية التي تبح بها كوامن ذاته الإبداعية .. ثم نجده يكرر في القصيدة كلمات "وسافرتُ ..سافرتُ " أكثر من مرة ، وكأنها اللا زمة في القصيدة ، وهذا شيء محبب في بعض القصائد ، وقد أحسن الشاعر توظيفه فنياً .. والقصيدة من قصائد الشاعر الطويلة ..
نتجاوز بعض القصائد على الرغم من أهميتها : مثل قصيدة أبجدية الحروف – هل؟-للحديث بقية-الحب-وصولي محال-اطلبي العمر-هل هو الحب-حوار..إلخ) ، نقف وقفة سريعة مع قصيدة " أبجدية الحياة " نظراً لأهميتها على المستوى الفني ( يوزّعها الشاعر حسب أحرف اللغة العربية " ألف ، باء ، تاء ، ثاء.. إلخ " تأتي على شكل مقاطع شعرية عمودية يبدأ كل مقطع بكلمة أولها الحرف نفسه .. ففي حرف ضاد يقول : ضوء أشرق في الأرجاء .. ويكمل المقطع ، وهكذا ..
في قصيدة " لا تخافي " يقول :
من هواي المشبوب لا .. لا تخافي فالـذي بيننا نقــيٌ وصـــافــــــي
فاهدئي واهدئي ، وكوني نسيماً حانياً ..مثـل قـلــبـــك الشـفـاف
إلى أن يقول :
فانطلقنا إلى مـــرافــي الأمــانـي نُنشــد الحب بعد طــول الطـواف
والـتـقـيـنـا عـلى ربــاك غـرامـاً ورســا زورق الهـــوى في ضفـــافي
يأتي مثل هذا البوح الشفاف ، النقي ، الصافي ، من شاعر أقرب إلى التصوّف في حبه الطاهر ، وتأتي منه الانطلاقة لمرافئ الأماني حيث زورق الهوى يصل الضفاف ..
ونحن نُبحر في أعماق قصائد الشاعر نجده يكاد يُغرقنا في خضمّ أمواجه التي تسافر بنا بعيداً في فضاءاته الواسعة والمتنوعة والملونة ، ففي قصيدة " جزر ومد " وهي مقطوعة من ثلاثة أبيات يقول فيها :
وأبعد عنك يجذبني اشتياقي وأغضب منك يغسلني التلاقي
وقلـبـي مـرة يقســو علـيـك وأخرى كم يحــنّ إلى العنــاق
وأبــدو بين آونــة وأخــرى كعصفــور يتــوق للانــــــطـــلاق
ونتجاوز بعض قصائد الديوان ( نداء – من سواك؟ - وما زلت أستاذها – لمن القصيدة ) وأقف قليلاً عند قصيدة " منها ..إليه "ص 86 وهي من القصائد الرائعة – وما أكثرها في الديوان- يقول فيها : " يا سيدي/وتناثر القول الذي أشتاقه/ فوق الشفاه/وتعثّرت كلماتيَ الثكلى/فما تبعت خطاه.." ، ويقول أيضاً : " ويدور في ذهني سؤال/والجفوة الرعناء عندك ما تزال/ماذا أقول؟/قل لي إلى ما أبتغي؟/كيف الوصول؟ .." ، وفي مقطع آخر يقول: " وتجيء بعد جميع ما لاقيته/لتلومني/وتقول إنك خنتني.." ، ويتابع الشاعر قصته الشعرية بأسلوب شائق ، يبدل في القافية قي كل مقطع ، ويشد القارئ إلى متابعة القراءة ، وهي برغم طولها شائقة وممتعة ، إلى أن يقول في نهايتها : " حاول بربك سيدي/وانس الملامة والعتاب/حاول ولا تذر الهوى يمضي/بأحلام الشباب.." ، إلى أن يقول : " حاول فإني أرتجي منك الجواب/ هل من جاب" وتنتهي القصيدة بهذا السؤال..
وننتقل إلى نوع آخر من القصائد الوجدانية في الوطن والأمة ، حيث نجدها ليست أقل فنية وعذوبة من القصائد الذاتية الخاصة ، ففي قصيدة " أم الحضارات " يقول :
عزف القلب في هواك نشيدا عبقـريّ الصدى رقيقـــاً فريـدا
وتغنّى بحبـك المـجـد قلبي في ربى الخلد نشوة وسعودا
فتهادى صداه في خاطر الدهــــــــــــــــــــــــر ، وأضــحى بسمعــه تغريدا
وكما رأينا فالقلب يعزف النشيد وهو عبقري الصدى ، ويتهادى الصدى في خاطر الدهر ..ويقول أيضاً :
فنظمنا الأحلام حبات ضوءٍ فوق صدر الأيام تزهو عقودا
وغـزلـنـا من الضياء خيوطاً ونسجنا من الخيــوط برودا
وفي قصيدة " من وصايا جدتي " وهي من القصائد التي يحبها الشاعر ويعتز بها (ص126) تقصّ عليه جدته بعض قصص البطولات العربية القديمة،ويوظف بعض الأبيات من شعر عنترة في القصيدة ، وعلى الرغم من أنها قصيدة تفعيلة ، يُدخل أبيات من شعر عنترة يقول فيها : " ثم قصت سيرة العبسي والأمل الجريح/وهو في الهيجا يصيح/..
وإذا بليت بظـالــمٍ كن ظالماً وإذا رأيت ذوي الجهالة فاجهلِ
واختر لنفسك منـــــزلاً تعلو به أو مت كريماً تحت حدّ القسطل
ويوظف مثل هذه الأبيات في أكثر من مكان في مقاطع القصيدة كي يشحذ الهمم من جديد ، ويعطي الطفل العربي مفتاح الخلاص من واقعنا الذي نعيشه ، وإذا كان في مثل هذا الشعر بعض المباشرة ، فالشاعر باعتقادي أراد أن يوصل وصية جدته إلى قلوب الجماهير وعقولها معاً .. ونتجاوز قصيدة"رسالة من السماء (للشهيدة سناء محيدلي) ، وقصيدة أحبك يا مصر ) لنقف عند قصيدة " وطني المنى" والتي يخاطب فيها الأمة العربية من المحيط إلى الخليج ، يقول في مدخلها:
وطـني تـمزق عـزمنا أجــزاءَ وتـنـاثـرت أجـزاؤه أشــــــلاءَ
وتحطمت بيد الهوى أركانه وصحــابــه صــاروا به غربــاء
إلى أن يقول :
فهناك في بغداد تحتضر المنى والحب سال على التراب دماء
ويأتي إلى الصومال فيقول:
وهناك في الصومال بؤسٌ لم نر مثــلاً له يُحكى..ولا بـؤســــاء
وعن لبنان يقول :
وعلى ربى لبنان قد نبت الأسى غُللاً أحــالــت عمــرنا بكّــاء
وعن مصر يقول :
وهنا على أرض الكـنـانة زمرةٌ تخذتْ من الدين الحنيف رداء
إلى أن يقول في آخر القصيدة :
يا أيها الوطن الكبير قصائدي عجــزت تُحيلــك جنــةً غنّـاء
ويختم الشاعر ديوانه بقصيدة " يا رب " حيث يقول:
أدعوك ربي من الآثام تعصمني وتغمر القلب بالإيمان من ديني
وهي قصيدة توبة وندم وطلب الغفران من الله ، ويسأل الله أن يرشده إلى درب الهداية ..
وبعد هذه الرحلة الممتعة يمكن القول : " بالإضافة لما ذكرته من قبل ، فالشاعر يبدو لنا متمكناً من زمام القصيدة سواء منها العمودية أو التفعيلة في قصائده الخاصة والعامة ، فشعره يتصف بالعذوبة ، والانسيابية ، والرقة ، والشفافية ، والغنائية ، يتنقل بنا كفارس في ساحة المعركة يحسن الدخول والخروج والكر والفر ، بثقة بالنفس ، وقد استفاد من ثقافته ووظفها في شعره هذا ، وإذا كانت قصائد التفعيلة لا زالت تتكئ على القصيدة العمودية ، كحال أكثر شعراء العمودي ، ولم يرسمها الشاعر بأدواتها وألوانها ، إلا أنه كان موفّقاً فيها إلى درجة كبيرة ، كما قرأنا في بعض القصائد التي كانت تجيء على شكل قصة شعرية ، فيها الكثير من الصور الجميلة ، وقد أضفى عليها عنصر التشويق ميزة إيجابية ، مما دفع القارئ إلى دقّة الانتباه ليصل إلى ما يريده الشاعر ..وأخيراً لا بد من التنويه بأن بعض قصائد الديوان كان تاريخها ما بين عام 1973- 1981م ، وجاء بعض منها بدون تاريخ ن والقصيدة كما نعرف لا تقاس بعمرها بل بفنيتها الشعرية .. بقي أن أهمس في إذن الشاعر بأن لا يكون بخيلاً على القراء ، ويخرج باقي أشعاره من عشها لتطير في فضاءاتها إلى جانب ما قرأناه ، فتجربته تشير إلى غزارة في الإنتاج ، وقد اعترف في المقدمة وأشار إلى تقصيره ، فليبادر إلى فك أسرها ، لتنال حظها من الضوء ..
----------------------------
*الورداني ناصف : شاعر مصري ، يقيم في القاهرة – مدير تحرير جريدة " السياسي المصري " (قسم الأدب) – عضو نقابة الصحفيين واتحاد الكتاب – عضو جمعية الأدباء ،والعقاد الأدبية ، ونادي القصيد ، وجمعية الأدب والفكر المعاصر – حصل على عدة جوائز في الشعر في جامعة حلوان وعلى عدة شهادات تقدير من مؤسسات ثقافية – مؤسس ندوة الأربعاء الأدبية بنقابة الصحفيين ، ونادي الأدب بقصر النيل .
*همسات الورد : مجموعته الشعرية الأولى- إصدار مطبعة المصريين في القاهرة 1995م – جاءت في 156صفحة من القطع الوسط – تتضمن /42/ قصيدة ما بين العمودي والتفعيلة – ( له مشاركة في مجموعة شعرية مشتركة ، صدرت عن ملتقى " الوعد الأدبي" 1999م ) .
* * *
[b][justify]

قراءة لديوان الاستاذ الوردانى
جميل ان تعرفنا عليه
فهو بخيل فى تنزيل قصائده الشعريه
هنا

[b]شكرا للصديق الشاعر والناقد السورى الكبير محمد الزينو السلوم على ماتفضّل به علىّ من نقد لديوانى همسات الورد وقد كنت مقلا فى النشر لطبيعة عملى
كرئيس للقسم الثقافى والادبى طوال ثلاثين عاما حتى لاتفسرالأمورخطأ فأبعث بقصائدى فيجاملنى
الزملاء فاضطرلمجاملتهم وأنالاأحب ذلك فى العمل.
أما ما تصفنى به القطة السوداء من أننى بخيل فى النشر فهذا غير صحيح لأننى ألقى الشعر فى معظم المنتديات الثقافية واترك الصفحة للجماهير المتعطشة للنشر
خالص مودتى ..الوردانى ناصف

[/b]الشاعر والناقد السورى الكبير محمد الزينو السلوم
تحياتى إليك محمّلة بعبير الحب وهمسات الورد ..تلك الأشعار التى شرفت بقراءتكم لها والتعليق
عليها وكم أسعدنى ذلك كثيرا.
أشكرك على هذا العطاء الفكرى الذى نستلهم منه تلك التباريح الوجدانية التى تغازلنا الآن.
تحية أخرى أقدمها الى كل من مر بعينيه على تلك الدراسة وأخص بالشكر الصديق الشاعـر عادل سند على اللفتة الطيبة بتعليقه الجميل.
الوردانى ناصف

شكرا للأستاذ محمد الزينو

على الدراسه الرائعه للقدير ..الوردانى ناصف

وإنتهز هذه الفرصه وأقول ..أين انت استاذى الوردانى ناصف

لما لم تنشر اعمالك هنا لنستمتع بها وليتعرف عليها الجميع

اعتبر دا طلب منى وياريت تحققه لى

دمت بكل حب وخير ايها القدير