لا يُسأل الطير / والشاعر المصري مدحت قاسم ..!

لا يُسأل الطير / والشاعر المصري
مدحت قاسم ..!
بقلم : محمد الزينو السلوم
------------------------------------
" لا يُسأل الطير " ، للشاعر المصري " مدحت قاسم " ، ديوان شعري من سلسلة الإبداع الشعري المعاصر (24) ، إصدار " الهيئة المصرية العامة للكتاب " عام 2004 ، يتضمّن /25/ قصيدة من شعر التفعيلة ، جاء في /88/ صفحة من القطع الوسط ، وغلاف أنيق علية لوحة للفنان " عز الدين نجيب " .
أما الشاعر " مدحت قاسم " مواليد القاهرة 1939 – بكالوريوس هندسة ميكانيكية من جامعة عين شمس 1968 ، ودبلوم تخطيط واقتصاد صناعي ، من كندا – صدر له ديوان " المباغتة " عن مكتبة الآداب في القاهرة عام 1995 – ينشر أشعاره في الدوريات المحلية والعربية ، منذ عام 1962 .
قدّم للديوان الشاعر الدكتور " حسن فتح الباب ، بما أسماه " وجه الماء " قراءة نقدية للديوان جاءت في /18/ صفحة في بداية الديوان ..
لقد التقيت الشاعر " مدحت " أكثر من مرة من خلال زياراتي للقاهرة منذ عام ، واستمعت له في بعض الأمسيات ، وبعد قراءتي للديوان قراءة انطباعية يمكنني القول : يحافظ الشاعر في رسم كلماته بألوانه ذات الشفافية ، وتألّقه الإبداعي ، على الأصالة والتجديد معاً ، من خلال إيقاعات التفعيلة ، يموسق قصائده بإيقاعات تتناسب والمضامين التي يعزف عليها في قيثارته ذات الأنغام الرقيقة ، وبما يتناسب مع الحالة التي يرسم فيها أشعاره ، ومن هنا نلمس التجانس بين المبنى والمعنى معاً ، كأنهما ضفّتا نهر ، يكمّلان بعضهما بعضاً ، ويشكلان معاً سيمفونية تأخذ بالألباب .. وأهم ما تشي أشعاره في الديوان بالصدق الذي يستقيه من الواقع المعاشي الذي عاشه الشارع ما بين الوطن والغربة عنه ، هذه الغربة من أجل لقمة العيش ، ولتأمين حياة أفضل ، هي التي أشعلت في وجدانية نار الحنين والوجد ، فمضى يرسم مشعره وأحاسيسه المرهفة بالكلمات ، ممزوجة بألوان نفسه ، من خلال تجربته الإبداعية الطويلة ..
-في قصيدة "سوناتا الماء " ص/24/ يقول : " أنا ومن أحبّ مثلما/ طيران يكمنان بين أغصن الشجرْ / تقربا دفئاً / ونشوةً تُزيح عن صدريهما عبئاً / حين تفرّ من تشابك الغصون قطرةٌ من المطرْ .." ، نلاحظ كيف يشبّه هو ومن يحب بطائرين ، يتقاربا دفئاً ، لم يقل في البرد أو في الشتاء ، بل حين تفرّ من تشابك الأغصان ، قطرة المطر ..! هذه الصورة البديعة التي رسمها الشاعر بالكلمات لتجعلنا نعيش الحالة التي يحس بها الشاعر هو ومن يحب .
-في قصيدة " النبع لا يعرف الضفاف " ص/33/ يقول : " .. ولي وطنٌ أحاوره على بعدٍ / محرّمةٌ مفاتنه فلا أيدٍ / لها تمتدّ أو عينانْ / فمن يروي لنا عن دهشة الأطفال في عينيهْ ..؟ / وعن حلو الحديث يذوب كالطلِّ على شفتيه. . " ، تأخذ الغربة من نفس الشاعر ما تأخذ ، يحاوره على بعد ، محرّمة مفاتنه ، ومن قبل في المقطع الأول يقول : " ويهجرها جموع الناس أمثالي / لنا أيدٍ .. لنا أعينْ / ولكنّا فقدنا رؤية الأشياءْ .." ، هذه المفارقة التي بين الحالتين هي التي جعلت الشاعر في حالٍ لا يُحسد عليها .. كما نلاحظ استخدام الشاعر للقافية ( بعدٍ _-أيدٍ ) ، عينيه – شفتيه ) ، لكنّ استخدامه للقافية على شكل ثنائيّات يضيف للإيقاع غنائية ، وشعرنا العربي في مجمله هكذا ..
-في قصيدة " غرابة وجه " ص/42/ يتمنى الشاعر أن نكون في لحظة موجٌ ، بحرٌ وطهر ، ليجف الحنوّ في دمه .." ياليتني أُحسّ قيدَ لحظةٍ بأننا /موجٌ تنامى في مدار الأنبياءْ / بحرٌ وطُهرُ مائه غلالةٌ / تشِفّ عن أعماقنا / فيرجُف الحُنوُّ في دمي / وتنبضُ الأشياءْ .." ..
-في قصيدة " رؤيا عام الحزن " ص/46/ يقول في المقطع الأول : " الموت لا يزال سُترةَ الأمانْ / لمن يُريق ماء وجهِهِ/ بحجّة الحنانْ .." ، وفي آخر القصيدة يسأل الله الموت على مرير العيش والهوان ، فيقول : " نسأل يا متعب خطوِنا / من نبضكَ الحنونِ ما يُعيننا/ على مرير العيش والهوان / أو أن تقصّ عمرَنا / إن كنتَ حقاً لم تزل تًحبّنا .." ، كأنه يريد أن يقول ما قاله الشاعر : " عش عزيزاً أو مت وأنت كريمٌ .." ..
-في قصيدة " كما الحلم ولّى " ص/49/ يقول : " لأنّ الزمان المملَّ / يفيض علينا اختناقاً / ويسلبُ منّا الرفاقْ / فيمضون ظلاً فظلاّ / كما الشهب تهوي احتراقاً / لعلّ الفراقَ / خُطىً للتأمّلِ.." ، نرى كيف يفيض الزمان على الشاعر الاختناق من خلال الملل ، وفقد الأصدقاء ، ويشبه رفاقه بالشهب ، يتساقطون احتراقاً ..
-في قصيدة " مرثيّة من فعل الخوف " ص 56/ يخاطب الشاعر المدينة الحبيبة قائلاً : " بالرفض ، بالوعود/ أذود عن عينيك غربةَ المِحنْ / ما دامت الديار قد خلت ممن يزودْ / حتى ولو عُلّقتُ جُثّةً بلا كفنْ .." ، يتأثر بما يجري في وطنه خلال الحروب مع العدو ، وخلوّها ممن يذود عنها ، يتمنى أن يذود عن عينيها ولو عُلّقَ جثة بلا كفن ، وهذا دليل محبته ووفائه لوطنه ..!
-في قصيدة " أوراق الصفح " ص/63/ يقول : " عيناك في زمن الكفاف / تحوّلان العشق داخلي / نهراً بلا إرادةْ / يحِنّ للضفاف / من لحظة التكوين والولادةْ .." ، وهي من قصائد الشاعر القصيرة التي تشبه " الومضة " ، وكثيراً ما يتغزّل الشاعر بالعيون في أشعاره ..!
-في قصيدة " سيمفونية الرجوع " ص/71/ يقول : " أراك يا حبيبتي رهينة على موائد القمار / أحاول التلاحُمْ / لكنني لا أملك انطلاقةَ الإعصارْ / أحاولُ السكوتَ والتلاؤمْ .." ، يرى وطنه في حال لا تسرّه ، يحاول تخليصه مما هو فيه ، لكن كما يقال ( العين بصيرة ، واليد قصيرة ) فيضطر للسكوت والتلاؤم مع ما يجري ..!
-وفي آخر قصيدة في الديوان " ظلّ الوقت " ص/80/ يقول : " جئت إليكِ كما يأتي فرسُ سباقٍ كهل / منكسرُ العينين لخزيٍ / خَشيةَ حَملِ هشيم الحطَبِ على الطرقاتْ ، فرأيتُكِ شجرةَ وردٍ تتراقص في ضوء القمر بليلة صيفْ / تمسح عمن يأتيها صدأَ السنوات ..!" ، يعد الشاعر إلى الوطن بعد أن أمضى شبابه في الغربة ، كفرس سباق كهلٍ ، منكسر العينين ، لخزيٍ ، لكنه يرى الوطن في أحسن أحواله ، يُنسيه التعب والغربة ..!
-بعد هذه الرحلة السريعة في ديوان الشاعر مدحت قاسم من خلال دراستنا التحليلية هذه لبعض جوانب أشعاره ، حاولت توجيه الضوء على بعض فضاءات الشاعر ، وهي كثيرة ، فالشاعر كما رأينا يتوهّج شعراً ، ويتفجّر غربة ، ويتألّق رسماً بالكلمات ، يكثر من الصور ، والتشابه ، والبوح الصافي ، بلغة شعرية ، شفّافة ، بعيدة عن الغموض ، لكنها تفتح نوافذها للضوء كي يضيء ما بداخلها من بوح ، ويجدر بي قبل نهاية الرحلة أن أشير إلى بعض الكلمات التي لم تفارق الشاعر ، وكأنها من معجمه اللغوي مثل ( الماء – الأشياء – العيون – الموج – البحر ) ، كما أ،ّ كثير من ثنائياته في القافية تنتهي (بالهمزة ) وفي كثير من القصائد ( الأبناء – الغرباء – الأشياء – شتاء – استثناء .الخ) ، وقد تكررت في نصف قصائد الديوان ، وهذا لا يعيب الشاعر ، فلكلّ منا كلمات معجمية خاصة به ، يردّدها في هكذا حالات .. وفي الختام ، أودّعكم في مقطع من قصيدة " لا يُسأل الطير " وهي عنوان الديوان : " أجرني بخطوك فيه انفلات الصدى / ينابيع طُهرٍ وقِنديلَ عشقٍ مُضاءَ / يشِفُّ ليُبرئ عجْزَ الكسيحِ / ويجعلَ من قلبه مسجدا.." .

*[justify][b]

دراسة جميله تعرفنا بشاعر قدير
أستاذ محمد الزينو
و لو أنى ما سمعتش عنه و ده تقصير منى اكيد
فعذرا

الأديبة بنت الليل
تحية الورد والود وبعد:
أشكرك على متابعاتك مشاركاتي وستغمرك السعادة والنجوى كلما قمت بزيارتي من خلال مشاركاتي التي آمل أن تكون مقبولة..!
أما فيما يتعلّق بالشاعر الكبير فهو من مصر ومقيم في القاهرة وهو صاحب منتدى خاص به ومحدد له يوم في الأسبوع (كصالون أدبي)ورغم أنه عاش في الغربة عدة سنين من أجل لقمة العيش لكنه الآن في القاهرة..
آسف للإطالة فقد اقتضى التوضيح..!
تحياتي
وإلى اللقاء.؟! afro

الله

الله عليك الله..!

» الطير المسافر
» الطير المهاجر
» (الطير الجريح)
» حوار مع نجم والشاعر عاطف الجندي
» نفسى ارفرف زى الطير