روي لي ذات يوم بأن حديثا دار بين أبليس اللعين وامرأة عجوز عمن هو أقوى، فقالت العجوز أنا أقوى منك، فطلب منها أن تثبت له ذلك وسوف يطيعها إن هي غلبته. فقالت له تابع ماسأقوم به، فراح يلاحقها فرآها تدخل دكان تاجر أقمشة، وهي تتظاهر بالإرهاق، وبأنها مغلوبة على أمرها فقالت للتاجر: أريد قطعة قماش غالية الثمن تليق بصبية جميلة.
سألها التاجر: أهي ابنتك ؟
قالت: ليس لي أبنة، إنها لعشيقة ابني الوحيد.
فقال: أتريدين قطعة القماش لأجل فستان زفافهما؟
أجابت باكية: لايابني، عشيقة وحيدي متزوجة، وهو يراها في بيتها عندما يخرج زوجها إلى عمله.
قال بأسف: ألا تستحين ياامرأة من هذا الكلام.
أجابته وقد اشتد بكاؤها: نصحته كثيرًا، وقاطعته مدة من الزمن، ولكنه مصر على البقاء معها، هددني بالضرب إن لم أحضر له قطعة قماش تليق بها.. خزاها الله.
ضاق الرجل بها صبرا، فقدم لها أثمن قطعة قماش عنده، وطلب منها العمل على ردع ابنها عن غيه.
خرجت العجوز من دكان التاجر، والشيطان يراقبها عن كثب، فذهبت إلى بيت التاجر.. طرقت باب داره.. فتحت لها الباب زوجته الحسناء، وسألتها عما تريد، فقالت لها بأنها كانت في السوق وقد أدركتها الصلاة وما زال بيتها بعيدا عن المكان الذي هي فيه، وطلبت منها السماح لها بالوضوء والصلاة عندها ولها الأجر والثواب. رحبت الزوجة بالعجوز وأدخلتها البيت، توضأت المرأة وصلت بينما كانت الزوجة تحضر لها شرابا باردا، وعندما انتهت من صلاتها وضعت قطعة القماش الملفوفة بورق جميل في ركن جانبي من الغرفة، وخرجت من البيت بعد تناول الشراب المثلج شاكرة السيدة على كرم أخلاقها.
كان الشيطان يسخر منها على مافعلت لكنها لم تعبأ به ومضت إلى بيتها. عاد التاجر إلى بيته ، استقبلته زوجته بالترحاب وتناولا طعامهما بشهية، وعندما هم بدخول غرفة نومه لفتت نظره اللفافة الورقية الملونة، فتحها على عجل فوجد فيها قطعة القماش التي اشترتها منه العجوز لعشيقة ابنها، طار صوابه فانهال على زوجته بالضرب وطردها من البيت باكية بعد أن اتهمها بشرفها.
شعر الشيطان بالسعادة بعد خراب بيت التاجر فقال للعجوز: يال مكرك ياامرأة، لقد أثبتِّ بأنك قوية ذات كيد عظيم، ولكن لن أقرَّ بذلك قبل أن تصلحي الأمر بين الزوجين لأرى مدى قدرتك على الهدم والبناء، ضحكت العجوز من غباء الشيطان أمامها وقالت له: سأقرص أذنيك الطويلتين عندما أصلح الأمر يا غبي. غدا يكون كل شيء على مايرام. نامت العجوز مرتاحة البال بينما ظل الشيطان الرجيم ساهرا ينظر في وجهها .
في الصباح خرجت من بيتها وذهبت إلى دكان التاجر، باكية، فأسرع إليها الرجل ممسكا بها وراح يهزها بقوة في محاولة للانتقام منها. فقالت له: حتى أنت تريد أهانتي ألا يكفي مافعل بي ابني بالأمس عندما نسيت قطعة القماش عند سيدة عفيفة صليت في بيتها وسقتني شرابا باردا، عدت اليوم إليها لاسترجاع قطعة القماش فلم أجد أحدا في البيت، وقد هددني ابني بالضرب مالم أحضر له القماش لذلك جئت إليك لأشتري غيرها.
دهش التاجر مما يسمع فسألها: أليست المرأة التي نسيت عندها قطعة القماش عشيقة ابنك؟
أجابت: لا، بل هي ست الستات الطاهرات.
فقال لها: إنها زوجتي وقد رميت عليها يمين الطلاق، خذي ماشئت من قماش فأنا ذاهب لمصالحة زوجتي البريئة.
وقف الشيطان مذهولا أمام كيد الشمطاء، وأعلن لها الطاعة.
بقلم
زاهية بنت البحر
https://elgendy.ahladalil.com/montada-f16/topic-t5841.htm#46884سمعت خلاصتها من مصدر ما عدتُ أذكره
لتقادم الزمن، فكتبتها بكلماتي وأسلوبي الخاص عندما تذكرتها.