مساجلة شعرية بين الجندي والخنساء

وإذ سافرت، قد وشّحت دربي
بعقد من قريض؛ أي: وربّي!

وهاقد عدت! كي نهب القوافي
من التّحنان من قلب المحبّ

غيابك موحش! والجوّ عكر
وبيت الشّعر منتظر لشهب!

خيول الشّوق، بالأشواق ركض
تسابق شهقتي، تجتاح دربي

ولولا دهشة الحرف المعنّى
لكان توتّري قد قضّ جنبي.

على متن الغرام وجدت روحي
وطائرة لمصر تهيم شوقا

وحورس يحتوى منها شعارا
ويسبقنا إلى عُمان عشقا

رأيت عيونك النجلى بقلبي
وما بين السحاب تبث برقا

أقول أيا مليكة كل نبضي
ويا شجنا يزيد القلب خفقا

أحس بدفء بوحك في الأعالي
فيشدو طيفك الغالي أحقا ؟!
***

وبوح الشّعر، إذ يزداد خفقا
سيحيي مهجتي عرقا فعرقا
وإنّ من الجزائر بوح روح
تهيم صبابة وتذوب شوقا
ونبض الرّوح، تنهيد وسهد
ولولا خفقتي، ما القلب رقّا
وطار البوح منّي في "عمان"
يجوب البحر، بالتّبريح ألقى
فأوراقي يخالجها حنين
ومنبر هاتفي بالشّوق دقّا!

وجدت من الأحبة كل صدقٍ
وترحابٍ يفوق الشعر وصْفا

بأحلى روضةٍ زانت عيوني
بها نغمٌ من الأبيات رفَّا

سألت عن الأحبة من ألاقي
فقالوا عنك إحسانا ولطفا

لشاعرة تهيم مع القوافي
وتفترش النجوم الخضر حَرْفا

فقلت حبيبتي لكن بسرٍّ
وعانقني هواك فصرت أصْفى
***

هيامي بالقريض يفوق وصفا
به قلبي غدا أنقى وأصفى

وشعري لم يخض في معمعات
من "الدّولار"، بل ما مدّ كفّا

تظلّ قصيدتي نبراس طهر
أظلّ برشفها أختال أنفا

وأزهو بين ترباتي، دلالا
أعاف المدح! بل أهتزّ عزفا

وغنجي بالقصيدة لا يضاهى
أهيم بها هوى! وأزيد عطفا!

لديَّ من الغرور كثيرُ زهوٍ
وشِعري ابتكارٌ لا يُبارى

فإني عاشقٌ مجنونُ حرفٍ
وكل قصائدي تغدو مزارا

فلو قلتُ اخضرارك في عيوني
وأنك فتنتي الأحلى وقارا

فهذا من كريم الأصل عندي
ولم ألبسْ قناعا مستعارا

فقبلي كنتِ طيرًا لا يغني
وصرت الآن في الدنيا هَزَارا
***

كلانا "مشرف"،(*) بالشّعر طارا
وفي الآفاق طير لا يبارى

عرفتك شاعرا عدلا رقيقا
جميل اللّفظ، ملتحفا وقارا

وقبلك كنت طرت على جناحي
عصامية! وأجتنب الفخارا

عصرت قصيدتي من درّ دمعي
فلم أجن الغواية والشّنارا

ولم أشرب -مقابلها- رحيقا
ولم أكسب -مقابلها- سوارا!

(*)- إشارة إلى أنّ كلّا من الشّاعر "عاطف الجنديّ" وفضيلة زياية ( الخنساء) مشرف على ركن: "قوافل الفصيح"، بمنتدى "المرايا الثّقافيّة".

بعائلتي صنوف الفن ترقى
بها الشعراءُ في الدنيا نسيما

بمصرَ الشعرُ يذكرنا بخيرٍ
وسوريا رأت فينا زعيما

وفي التفسير شيخٌ مستنيرٌ
له الشيطان في خيرٍ خصيما

وفنانون في التمثيل أضحوا
علاماتٍ تضوءنا نجوما

فمن في آل بيتك خبريني
يكون كلامه عطرا كريما ؟!
***

أراق الفنّ من بيتي نسيما (*)
ولي في الفنّ صرح لي أقيما

وإنّي من أصول الفنّ أسقى
كؤوس السّلسبيل شفت سقيما

أنا و"الكامرا"، حين التقينا
تعاهدنا، بأن نبقى نديما

وعائلتي، لها بالفنّ فخر
يهزّ الرّأس، هزّا مستديما

فلا إنّي طغيت على قريضي
ولكنّ القريض بي استديما!

(هامش):
(*)- إشارة إلى أنّ الشّاعرة فضيلة زياية ( الخنساء) تعيش في أسرة فنّيّة من التّلفزيون الجزائريّ. لديها شقيقتها الفنّانة ((الويزة)/ "تينهينان" باسمها الفنّيّ. وشقيقتها تصغرها بثلاث ((03)) سنوات.

لنا في الخلد آياتٌ ستتلى
وأمجادٌ تضيئُ بدر نظمي

ورثنا العلم من أيام مينا
وسدنا الكون في حربٍ وسلمِ

فلا التاريخ ينسى مارسمنا
بوجه الأرض من آثار وشمِ

ومازال التدفق في عروقي
يروِّي أضلعي ويُزيدُ عزمي

ولو قال الجمال على ربانا
لأفردَ مصحفا من غير أثمِ
***

وإنّ من "الرّياصة" لابن عمّي (*)
نصيبا وافرا، نفّاذ سهم
له أهدافه: "بالفوز" جذلى
تزغرد للجزائر؛ ثمّ: باسمي!
وتسديداته هزّت ربوعا
وزلزلت المعالم حين يرمي!
وفي كلّ الصّفات: له حضور
يبيد الحرب! "هدّافا" لسلم
على "هدّافنا" أزكى سلامي
له في القلب تفريج لهمّي!

((هامش)):

(*)- إشارة إلى "هدّاف وفاق سطيف" اللّاعب "عبد المالك زياية" Ziaya Abdelmalek
وهو بقرابة عمومة قريبة جدّا: مدينة ومسافة مسكن عائليّ للشّاعرة فضيلة زياية ( الخنساء).

دعي أبناءَ عمك واتبعيني
وسيري في طريقيَ لليقينِ

فمهما كانت الأضواءُ أعلى
وكان الفخرُ في طرح السنينِ

سيبقى مجدنا الإسلام دوما
ونورا ساطعا فوق الجبينِ

أحبكِ قلتها ألفا بصدقٍ
وحبك مقصدي من بعد ديني

فقولي بين أهلك ذا حبيبي
إذا ما جئت أخطبُ بالثمين!
***

تبعت قصيدة! ظلّت حنيني
وفوق الحبّ يوجد من يقيني

فعندي "نورس" جوّاب ليل
يخوض البحر من عمق الأنين

ويغرسني منارا شاعريّا
له قلبي! له كلّ الثّمين!

تجاوز حزنه من أجل شعري
وسامحني، وقال لي: "احتويني"!

أأنبذ "نورسي" بعد التياع
وأجرحه؟ فما هذا بديني!

كرهت نوارس البحر اختيارا
وإجبارًا إلى حد القطيعة

لتكرار الكلام وطبع ردٍّ
كأسهل ما يكون على الصنيعة

فؤادك في قرار الصدق يدري
بأني لا أحط على الوضيعة

ولولا أن حبي ذو ميولٍ
يروم الصعب والأطرَ المنيعة

لكنتِ الآن في دمعٍ لهَجْري
كذا قد شكلتني يد الطبيعة !
***

وإنّ "لنورسي"صفو الطّبيعه
لينشدني، كقافية مطيعه

ولكن: من مساجلتي ضياء
ونور، بدّدا كلّ القطيعه

أوار الشّوق، يبنينا شموخا
لحصن، قد حمى أطرا منيعه

أنا بالشّعر إذ أختال غنجا
فليس لهتك أخلاق رفيعه

وأنت "التّوأم الحرفيّ" عطفا
ولطفا، وانتصارات ذريعه!

سأهجر كل حرفٍ قد رسمنا
وأذهب نحو قافية جديدة

فما كنت المطالبُ بالتخلي
عن الأخلاق والخصل الحميدة

ولكنِّي رأيت بأن بوحًا
يقارِبُنا وأطمعُ أن أزيده

فقلبي جامعٌ من كل صوب
صنوف الفاتنات كما الجريدة

فإن شئت الصداقة ليس عندي
سوى خمرٍ وكأسٍ وقصيدة !
***

ويجمعنا: بقافية خريده
مداد البوح في قشب جديده

إلى "الجنديّ"، طارت في سموّ
من التّطهير آفاق عديده

لها ألق، وترنو في وقار
وبالأخلاق تعترف القصيده

وللحرف المفدّى، ذبذبات
ومن كبد "الملاحة" مستزيده (*)

دويّ الشّعر من عمق القضايا
بداوي الجرح! يلهج بالعقيده!

((هامش)):

(*)- "الملاحة": كناية عن الإبحار المتواصل في أشرعة "الأنترنيت" من أجل إتمام هذه المساجلة المباركة بين الشّاعرين المتساجلين "عاطف الجنديّ" و فضيلة زياية ( الخنساء).

دعاني الشعر أن أجتاز دربًا
وأعشقُ من تروم عطور غيري

إذا قلتُ: الغرامُ تقول كلا
وإن قلتُ: الزواج تقول: شِعري

تفضلُ نورسًا خشيَ الأعالي
وتترك في جنون العند نَسْري

كأنا ما اتفقنا في ودادٍ
بأن نبقى على مدٍّ وجزرِ

ستحيا قصةً نُثرتْ شظايا
وكنت أظنها للخلد تجري
***

عرفتك شاعرا، جذلا بسحر
وينثر عطره في كلّ بحر

أحبّ حروفك الولهى، وأروي
بها قصصا، فذاك عيون سرّي!

ولكن "نورسي" سبق القوافي
وناجى حيرتي من حيث أدري

يفيض تفهّما، وعليك يثني
وقال: من القصيدة كلّ مهري

وأنت معي، على أفياء حرفي
نناجي وردة، دقّت بعطر!

سأجعل للصداقة باب ودٍّ
وأفتح للندى شباك بوْحي

وأنسى باللياقة ما تبدَّى
من الآلام كي يلتام جرحي

سأذكر قصتي شعرا وتَرْكي
دروب العاشقينَ بضوء صبحِ

وأوجز ما رواه النبض عندي
بكل أمانةٍ من غير قدْحِ

لأحيا صادقا دون التفاتٍ
كذا ما زلت في صمتي وشرحي
***

لأنّك صادق! والصّدق يوحي
فبوحك -يا "ابن خالي"- محض بوحي

وحزن ناطق من عمق صمتي
وإنّ الحبّ يسمو فوق جرحي

أطير مع القوافي، حيث طارت
أرتّق خاطري وأريق نفحي

ولي من كلّ روض شاعريّ
جناح خافق، يروي بلفح

وفوق الآه، "قدس" في انتظاري
و"غزّة" -يا أخي- تبقى ملحّي!

فلسطينُ السجينة كل همي
ومقصد غايتي يا بنت عمي

بجرح نازفٍ تكوي قلوبا
وتصرخ خلف قضبانٍ وغمِّ

نسيناها بغزة واختزلنا
وضاع الكل في جزءٍ أشمِّ

فأين الآن حيفا خبريني
وهل يافا بليلٍ مدلهمِّ ؟!

ويا جزار عكا عد سريعا
فقد عاد الفرنجة كالخضمِّ!
***

أنا! حرفي! وأنت! من المهمّ
لنا أن ننجلي عن كلّ غمّ

فلسطين الأبيّة، من جراحي
وجرحك -يا أخي- سيّال همّي

هموم كثّر، لاقت ربانا
وكلّ للعروبة بالأهمّ

"دمشق" لها من القلب اضطرام
و "مصر" -أيا أخي- شلّال حلمي

وأنت أنا! ومنك الحرف يسمو
ليدحر كلّ سفّاح ويدمي!

بمصرَ الآن أوجاعٌ ستبرى
ويرجع سلمنا يحيي عهودا

على إيقاع أغنية سنحيا
(بلادي ) قد وهبت لك الوريدا

نزلتُ بثورتين أقول مصر
أتيتك كي أفك لك القيودا

بميدانٍ مع التحرير يمضي
ويرسل للدنا مثلا فريدا

فمن يهوى الكرامة يشتريها
ولو أضحى أسيرا أو شهيدا

رفعنا من جزائرنا بنودا
لإخوان، رششناهم ورودا
وأمطرنا بهم نصرا وقلنا:
همو دمنا! فوثّقنا عهودا
رضعنا من لبان الودّ ذخرا
لنرفع أمّة: عودا فعودا
وما لانت عزائمنا بقهر
وماخانت قرائحنا وعودا
ومن أكل الطّعام على خوان
غدا ظلّا! وقد دكّ الحسودا.

» مساجلة شعرية فهل من دخول ؟
» بدلة عادل - مساجلة شعرية
» يا دبوسك - مساجلة شعرية جديدة
» دكان عادل ( مساجلة شعرية )
» ترام أم القوافي مساجلة شعرية