مساجلة شعرية بين الجندي والخنساء

بمصرَ الآن أفراحٌ ستزهو
وألفُ خريدةٍ بالحب تحكي

تقول أيا جزائرُ ألف مرحى
بظبيٍ شدنا نحو المحكِ

له في الأصل طيبٌ في النوايا
وفي العينينِ منذورٌ لفتكِ

بقدٍّ زانه غنجٌ سَيَسْبي
عيون الناظرينَ بدون صَكِّ

أذابَ الشاعرَ الغردَ المُرجَّى
لسبي الفاتناتِ .. ببوح مسكِ !
***

سكنت بخافقي من دون شكّ
وحرّكت السّعير بغصن أيكي

لك الوجدان والحرف المعنّى
وحبّ قاصف، يجري لفتك

هي الأشواق "نيل" حين فاضت
فصارت للورى بالوجد تحكي

وكسّرت الحواجز والشّظايا
تمور بفيضها من كلّ فلك

فأمّا بعد؛ إذ جاهرت حبّي
فأضحك للقصيدة ثمّ أبكي!

ستحسُدكِ الطيورُ على نميري
وقمحٍ عالقٍ في حقل شعري

وأجملِ شاعرٍ يغزو الثريا
ويرشق سهمَه في صدر بدرِ

وصبٍّ مستهامٍ ذو فنونٍ
بقلبٍ كالنقاء بغير كِبْرِ

وأنتِ جميلةٌ قدًّا وشعرا
شهادةُ مَن يُحقُّ بغير وزرِ

فلا طاقَ الحسودُ هناك صبرًا
وباتَ الليلَ ملتحفا بجمرِ !
***

تناجزني "إماء"! لست أدري
إذا يفقهن -حقّ الفقه- شعري؟!

بهنّ تكالب من سحر حرفي
فجرّدن الصّحارى صوب صدري

وخطن من الأذيّة كيد رقط
لكي يمعنّن في صدّي وقهري

كأنّي قد سطوت على "جواد"
به يطمعن في تفتيت صخر!

وليس "جوادهنّ"، سوى سراب
لقحط نفوسهنّ! وكان سرّي!

جوادك من فصيل الأصل حرٌّ
ومهرٌ يُشتهى عرضًا وطولا

ففي صدر السباق يكون برقًا
كنجمٍ قد أضاع له أفولا

يراه الناس مبتسمًا ودمعٌ
يراود مقلتيه لكي يزولا

يساومه على موتٍ بعشقٍ
وموتٍ سوف يصعقه نحولا

ولولا بسمةٌ منك احتوتني
لضاع العمر همًا أو ذبولا !

تجاوزت التّحفّظ كي يزولا
بي التّفكير! فاسمح أن أقولا

أنا بنت محافظة ببيت
يخاف الإثم إن خرق الأصولا

ولكنّي أغامر صوب بحر
وآمل للتّوتّر أن يزولا

حياتي، لم أقطّع بيت شعر
به غزل ويستجدي نحولا

وإنّ من القصيدة ما أجزنا
وفوق الشّعر نخترق السّهولا.

إذا ما جئت نحوك دثريني
وغطي أضلعي بلذيذ ذنبِ

لأني مرهقٌ حدّ اشتعالي
وفكري تائهٌ في درب حبي

وقصي قصتي بلسان عشقٍ
سيرفض بالبلاغة أن يخبي

بأني ما عشقتُ سواكِ إلا
رضا أمي ودينا لي بقلبي

فلو جئت الديار أذوب عشقا
فضمِّي شقوتي مِن غير صعبِ ؟!
***

كلانا في "ارتباط" لا يلبّي
سعير صبابة ولهيب قلب

كلانا سارح في بحر عشق
من الحبّ الوفيّ لصمت صبّ

عقيلتك الأنيقة في عيوني
وعندي فارس جوّاب دربي

يغامر في جنون قصد وصلي
بلمح البرق، في ثقة وحبّ!

ولكن للقصيدة محتواها
يؤجّج غيرة الطّرف المحبّ!

بدونك لا حياة بها سأمسي
وصبحٌ ناشطٌ في وأد شمسي

كأنك في الوريد ولا مجالٌ
يقرب ناظري من بنت عبسِ

على طرف الجمال بعين ماءٍ
لها في البرء آياتٌ لإنسِ

فيا " دباغ " أوجاعٌ ستشفى
إذا ما جئت حييكم لعرسي

فهبني طائرا غرد المحيا
يبدل شقوتي ويكون أُنسي !
***

وكم من "عانس" في بيت عرس
حياة زواجها دوما لنكس

فألقت نفسها عشواء ليل
لتدفن حظّها في جوف رمس

ومن حظّي: أن الله ابتلاني
بطائر شاعر رفراف حسّ

له "شيطانة" بالشّعر تغوي
يقول "بخمسة"! فأقول "خمسي"!

كأنّا في صلاة: لا انقطاع
ترتّل في البلاء وحين بأس!

لقانا سوف يُذهبُ ما تبقى
من الأحزان في كأسٍ لعالمْ

تبادلنا الخطيئةَ يومَ تهنا
وضل صوابنا عند التصادمْ

نسينا أننا إخواتُ أصلٍ
ودين حثنا نحو المكارمْ

نسينا قدسنا يا بنت عمِّي
وأفردنا الجرائدَ للشتائمْ

ولولا رحمهٌ منه احتوتنا
لواصلنا التباغضَ والتخاصمْ

و"جلد" ينفخ الأحقاد هاجم
من الشّعبين عالية المكارم

وإعلام يؤجّج نار حقد
يذيب أوارها كلّ المعالم

رضوض العنصريّة في أفول فليس هناك مظلوم وظالم

كلا الشّعبين مختار بفخر
كلا "الأخوين" فاز! وبالمغانم!

وعند الله إخوان جميعا
فلا أهلا "بكأس" لا يسالم!

أحيي فيك أحرارا ستبقى
وشعبًا بالمهانة لن يطيقا

ومليونا من الشهداء أضحوا
عقيقا يملأ الدنيا بريقا

فلا كُرةٌ تفرق ما جمعنا
ولا شجو بنا يبغي طريقا

بني صهيون جمعكم بِشرٍّ
وما بين الأحبة لن يروقا

فنحن على المحبة عهدٌ صدقٍ
ويبقى الود ممتدا وثيقا
***

أيا كرة! تطاول منجنيقا
وتزعم أن تسدّ به طريقا!

أصول "الفتنة الكبرى" خراب
لذي "الأخوين"،كي لا يستفيقا!

لتبعد عنهما صفو التآخي
وتردي فيهما "فوزي"سحيقا

ولكن، ما استطاعت خنق بوحي
وما اسطاعت لتسلبنا شهيقا

"فمصر" من "الجزائر" شقّ روح
وسحر الحرف قد خذل "النّقيقا"!

تعالي نحو قدسٍ تشتكينا
لرب الناس في ألم المحبِ

تقول ودمعها بالمسك يجري
أضاع العُربُ أستاري ولبِّي

نَسَوني في ظلام واستراحوا
رهينةَ محبسٍ تزوي بجنبِ

فمن غيري وغيرك يحتويها
بنبضٍ صادقٍ عذب المصبَّ ؟!

نذكِّر من جفاه الفهمُ يومًا
بأن القدسَ أوجاعٌ لقلبِ

ومن غيري وغيرك قد يلبّي
أنين القدس، إذ تشكو لربّي؟

أنين القدس، كاهلنا جميعا
بنبل الحرف من أعماق جبّ!

نسور القدس، ماخابوا ولكن
سيزهو دربهم وهمو بجنبي

لهم أمل، تتوّجه شظايا
وهم كنزي وهم مصباح دربي

لهم عند الجزائر خير حصن
منيع! كلّنا حتما يلبّي!

حروبًا عدةً خضنا فداها
وقدمنا الغوالي والنفيسا

وقفنا ندفعُ الإفرنجَ عنها
نضمدُ جرحها من أهل موسى

فما شبنا وتاهت من خطانا
قويُّ عزيمةٍ تطأ الشموسا

جرحنا وانكسرنا وانتصرنا
وما زال الصدى يحيي نفوسا

نموتُ لأجلها من غير حزنٍ
لترجعَ نحونا بِكرًا عروسا !
***

جلبنا نصرنا درّا نفيسا
وقيمتنا غرسناها غروسا

نهبّ لنصرة الجرحى انتفاضا
مواقفنا تلقّنهم دروسا

بنا تتراجع الأحقاد غرقى
أسيرة ردّة: أزرت بموسى

بنا طلعت بدور من ضياء
وكلّ بلادنا هلّت شموسا

بلاد العرب، للأغراب فخر
برفع الشّأن، توّجت الرّئيسا!

بلاد العرب تفخر بالمعالي
وتنظم شعرها درًا ثمينا

بنصرٍ قادمٍ من ناب ليثٍ
يمزق في الدنا ضبعًا هجينا

بني صهيون لا سيف سيمسي
بقاع خزانةٍ تحوي أنينا

فتيهوا ما أردتم من خبالٍ
وحنُّوا وجهكم ذلا وطينا

سَيقرأ سطرُنا عنكم بتيهٍ
هنا مر الكلاب الجائرينا
***

بنا أمم تبذّ النّاطقينا
فيشتاقون موردنا الثّمينا
وماكنا، لنطمع في رقيّ
إذا ما لم يكن منّا وفينا
تناشدنا المعالي في سماها
وتحكي حولنا للعابرينا
ونحن أباة موطننا بفخر
أصالتنا، تتوّجنا سنينا
فلا لبّى الإله نداء حقد
ولا هنئت عيون الحاسدينا.

مدحنا أصل يَعرُبنا بفخرٍ
وقدمنا الأزاهر والفنونا

ولكني أروم الآن شعرا
سيحوي ذلك الكنز الثمينا

فمدخل ودِّنا من غير قصدٍ
سَيُحكى في جبين العالمينا

يضوأنا إذا ماغاب جسمي
ويُذكرُ عشقنا للمغرمينا

أسافر نحو شرق قد دعاني
وقصة حبنا تغزو العيونا
***

* أشارة إلى سفر الشاعر لسطلنة عمان صباح الجمعة 22 نوفمبر 2013 بإذن الله

وقصّة شعرنا، للعالمينا
ستروي نبضها طول السّنينا

فنشق الحرف، من عطسات ودّ
وريحانات قلب لن يلينا

رحيق السّوسن المشتاق سرّ
ليفشي حرقة للعابرينا

تقلّبها أكفّ الدّهر غنجا
دلالا مائلا، هزّ الغصونا

وللتّاريخ صبّ ليس يفنى:
حريق الشّوق لن يطفي أتونا!

لطيفكِ في سماءِ الوجد برقُ
وآهةُ موجعٍ يكويه حَرقُ

وما بين النساءِ وعطرهن
أفتشُ عن ظباءٍ تَستحقُ

وغيرك ما وجدتُ شفيفَ وجدٍ
له في الحسن أياتٌ وسبقُ

يُقتِّلُ رمشه ماشاء منا
ويترك سهمَه سَهرًا يدقُّ

فيا بنت المواجع خبريني
متى عيناك في ولهٍ ترقُّ ؟!
****

كنايات الأحبّة لا يشقّ
بها وصل، ووصلهم أحقّ

وعطر فاح من بين القوافي
يضوّع مسكه نفح وحرق

ومن عمق التّنهّد أنّ حرف
له بالقلب أخدود وعمق

ليحفر ودّه شوقا هياما
فكيف لقلب عطر لا يرقّ؟

ويغترف التّصبّر نار وجدي
يسوق صبابتي خطف وبرق.

أسافر نحو " مسقط " كي ألبي
نداء الشعر في فرحٍ وكربِ

فأما فرحتي تبدو لشعبٍ
يقدر أحرفي من دون ريبِ

وأهلٌ في " عُمان " وأصدقاءٌ
سأسعدُ في جوارهمو بحبِّ

وحزني أنني وحدي وأنتِ
تباعد بيننا الدنيا كذنبِ

ولكني حملتك في فؤادي
وعيني لن ترى إلاك جنبي
***

• سفر الشاعر لسطلنة عمان لحضور مهرجان الشعر واجتماع المكتب الدائم لاتحاد الكتاب العرب من 22 – 28 نوفمبر 2013

» مساجلة شعرية فهل من دخول ؟
» بدلة عادل - مساجلة شعرية
» يا دبوسك - مساجلة شعرية جديدة
» دكان عادل ( مساجلة شعرية )
» ترام أم القوافي مساجلة شعرية