قلبٌ جريح

يقول الراوي : ذهَبْتُ إليه بمَقَر عمله وقد رأيته عاقدا حاجبيه ... رأيت علامة مائة واحدي عشر ترتسم علي جبينه ... قلت في نفسي لابد وأن يكون الأستاذ علي غير عهدي به ..... جلس إلي مكتبه وقد انكب واضعا يديه على جانبي رأسه وكأن الدنيا توشك علي الانتهاء .... لم أدْرِ ماذا أقول له ؟ ولكني تركنه حتى تهدأ نفسه .. تركته إلى وقت آخر ... وقد كان حاله حال ... لم أره عليه من قبل... عرفته منذ زمن طويل ... هادئ الطباع لا يثور إلى هذا الحد إلا إذا كانت هناك مصيبةُ حلت به ، ولا بد أن أتدخل في الوقت المناسب لأنني أحببته ،،، قلت في نفسي لا بد وأن تكون الخطوة التي خطاها الأستاذ جاءت بنتيجة عكسية وهذا ما جعله في هذه الحالة .. أعرف أيضا أن الأستاذ يمر من سنوات ثلاث بمشكلات سبحان المنجي منها ولكنه يقف شامخاً شموخ الدهر ... رغم ذلك لم أرَهُ مطلقا في هذه الحالة التي وصل اليها الآن ، لا بد وأن يكون في هذه المرة وقد اكتشف أنه عاجز عن تحقيق خطوة خطاها .. ذهبت حيث أريد لنهو بعض أعمالي ولكن كان الأستاذ يشغل تفكيري لما له من مكانه في قلبي ،،هو الذي قام بتوجيهي توجيهاً أبوياً حتى حصلت على الليسانس ،، أعرفه منذ سنوات تزيد على العشر ... أتيته في المساء ... مساء نفس اليوم وقد رغبت في الجلوس معه كي أستطيع أن أسري عنه بعض الشئ ، فقط أريد أن يتكلم ويتنفس بعض الشئ ... سلمت وجلست ودخلت عليه ببعض من قفشاتي التي يعرفها .. لم أشأ أن أري الابتسامة الباهتة ترتسم علي وجهه .. رأيته يائساً ميئوساً ولكن أقل توترا من ذي قبل... لم يكن كعهدي به ... دائماً متفائل رغم الضربات التي كان يتعرض لها ... تعرض لأقصي درجات الظلم ولكنه لم يكن علي هذا الحال القاتل ... أبيت هذه المرة أن أتركه لحاله وأنصرف وعقدت العزم على أن أجالسه لأعرف ما يعتريه من هموم هذه المرة ... بعد عدة محاولات مني وذلك بتجاذب أطراف الحديث من هنا وهناك لمدة طويلة ولكنه لم يبادلني الحديث مطلقا وكأن ما أقول لا يسمعه مطلقا ... وا أسفاه ...كان لا يترك حديثا إلا وتكلم فيه كمتخصص في هذا النوع من الحديث ... أعرفه متكلما جيدا ولكن في هذه المرة لم يكن كما أعرفه ... ليته يتكلم ويخرج ما بداخله رويدا رويدا ... رأيته مثقلا بحمل كبير ... حمل لو أن هناك جبلاً كبيراً لأنَّ من ثقله ولهذا وددت لو تكلم .. أعرف أنه وصل في يوم من الأيام إلي مفترق طرق بقوة الظلم والسلطان ... وصل إلي مكان لا يدخله سوي المجرمين ولكن يا ما في الحبس مظاليم .. كان منهم أستاذي ... يا للهول !! ماذا يكون قد حدث لأري أستاذي في ذلك الوجوم القاتل ... أيكون سبب ذلك أكبر من ان يقف أستاذي أمام كنسلتوا من النيابة وقد اجتمعوا خصيصا لمحاكمتة ؟ ،، وددت لو بدأ يتنفس عما يجيش بداخله والذي أثقله إلى هذا الحد ... مالى أراه وقد حمل رأسه بين يديه وقد أخذ ينظر إلي لا شئ ،،، قلت في نفسي أيكون ذلك السبب أكبر من أن يساق مع المجرمين في يوم ما ؟ وقد رأيت أغلال قسم الشرطة تلتف حول معصمه ... أعرف أيضا أن هذه المطبات والمواقف التي حدثت له أقلها يزلزل قارة بأكملها أعرف ذلك ... ولهذا وددت لو تكلم ، أعرف أيضا الأكثر من ذلك ... أعرف أن كنسلتوا من كبار رجال العلوم الطبية ... الجراح والاستشاري مع ثالثهم رئيس قسم التخدير ... أعرف أن جميعهم قرروا قراراَ واحداً بعدما أصيب الأستاذ بانهيار كامل بعد هذه الأحداث ،، وأيضاً ظهور مرض القلب المفاجئ... أعرف أنهم قرروا من دفاترهم وكشوفهم وأجهزتهم العلمية المتقدمة أن الأستاذ مات موتا إكلينيكيا .. يا للهول ...هل هذه الكوارث التي حلت به ولم تنل منه حتى الآن ودائما ما كان يخرج منها اقوي من ذي قبل ؟... وددت لو همس بكلمة كي يزيح من الهموم الجاثمة علي صدره قليلا ... ولكنه أبى أن يتكلم فله الله ... فله الله لأن ما رآه في حياته وأخص منها الثلاث سنوات الأخيرة كانت أكثر بشاعة الواحدة تلو الأخرى .. تري ماذا حدث كي يقوم بتكسير هذا الكرسي هكذا ؟!! آه لابد وأن يكون هناك من تسبب في ذلك ،، ترى ماذا ؟00 عرفت أنه تعرض إلي ضغط نفسي كبير وأخرجه في هذا الكرسي المتناثر في أرجاء هذا المكان ... لا بد وأن يكون الأستاذ وقع تحت ضغط نفسي كبير هذه المرة ... ربنا يستر ،، قلتها في نفسي..وأخيراً بدأ يمسك قلمه ويكتب ما يدمي القلوب كتب قال :
انتظرونا في الحلقة القادمة
صرخة قلب جريح .... جزء من كتاب سطور في حياتي
رقم الإصدار :21774/2009 ترقيم دولي :7882/17/977

سعادتي أكثر لمرورك الكريم أخي عمادعبد السلام .. دمت بخير

احنا في انتظار الجزء التالي حتي نعرف ما حدث

سلمت يداك تقبل تحياتي

أشكرك عزيزتي سلوى .. شاعرتنا الجميلة .. لمرورك الكريم على عملي هذا مع وعد بنشر بعض أجزائة في هذا المنتديى الرائع .. منتدى عاطف الجندي الذي جمع بين طياته نخبة الأدباء والمثقفين ليتلاقوا بأفكارهم وقلوبهم ..فقط تابعينا .. تقبلي مودتي