دفاع عن طه حسين

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .

أما بعد ...

هذا دفاع عن طه حسين - رحمه الله - ليس عن حميّة و جهل و تعصّب و إنّما أبتغي به وجه الله تعالى و العلم الصحيح .



طه حسين – عميد الأدب العربي – مثله مثل أي عالم , قد يخطئ , و لكنه ما إن يُردّ إلى الصواب يرجع و لا يجمد , و أزمة طه حسين الأساسية , هي في تأثره الشديد , و اتباعه للتقاليد الغربية – الاستشراقية – بدون نقد لها , وقيامه بتطبيقها مباشرة على آدابنا العربية ... دونما مراعاة للفروق , بين ديننا و دينهم , و أفكارنا و أفكارهم , و تاريخنا و تاريخهم , و كما يقول ابن خلدون : ( الأمم المهزومة مولعة بتقليد الأمم الغالبة ) , فهذا التقليد و الاتباع الذي سقط في طه حسين و غيره , من ضرورات الاجتماع البشري , بحسب ابن خلدون ...و لقد أخطأ الرجل , و هذا شئ لا سبيل إلى إنكاره , و لكنه يجب أن يؤخذ في سياقه الطبيعي و التاريخي .

و خصومة طه حسين و مصطفى صادق الرافعي , تعود إلى قضية الشعر الجاهلي , و التي قال فيها طه حسين , في أحد فصول كتابه : (للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضًا، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي ( ... أقول : أهكذا يكون الكلام يا دكتور طه ؟! .... كلا و الله فإن ما ثبت بالقرآن لا يعوزه أي دليل آخر , لأن القرآن أقوى الأدلة , و أوضح الحجج , و يليه منهج الجرح و التعديل – و هو منهج إسلامي خالص ..أليس كذلك ؟....و لكنه " مذهب الشك " هو الذي جعل طه حسين يسقط في هذا الفخ ! .

و بخصوص قضية انتحال الشعر العربي , و ادعاء أن الشعر العربي الجاهلي مختلق , و غير حقيقي , و إنما كتبه المسلمون , في عصر التدوين , فأقول : إن قول طه حسين لم يكن جديدا فقد قيل من قبل , يقول محمد ابن سلام في" طبقات فحول الشعراء " : ( و في الشعر مفتعل موضوع كثير , لا خير فيه .... و لا يقبل إلا ما اجتمع العلماء على صحته ) ! – المجلد الأول

و قد دارت معارك عنيفة , وصلت إلى ساحة القضاء و البرلمان المصري , بخصوص كتاب طه حسين في الشعر الجاهلي , و غيره من كتب , فقد كانت أفكاره صادمة للأصوليين – و معهم الحق في بعض مآخذهم عليه - و قد صودر كتابه , و أصدر طه حسين بيانا يعتذر فيه و يقول بأنه يعلن احترامه للإسلام , و إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .

و بدون دخول في تفاصيل زائدة عن الحاجة , أنقل قول طه حسين – بنصّه - من كتابه
" حديث الأربعاء " : ( نحب لأدبنا القديم أن يظل ّ في هذا العصر الحديث كما كان من قبل , ضرورة من ضرورات الحياة العقلية , و غذاء للعقول و القلوب , و نحن لا نحب القديم من حيث هو قديم , و نصبو إليه متأثرين بعواطف الشوق و الحنين , بل نحب لأدبنا القديم أن يظل قواما للثقافة , و غذاء للعقول , لأنه أساس الثقافة العربية , فهو إذن مقوّم لشخصيتنا , محقق لقوميتنا , عاصم لنا من الفناء في الأجنبي , معين لنا على أن نعرف أنفسنا ) ... أليس هذا اعترافا من طه حسين بخطئه , الذي وقع فيه و انبهاره – مثل الكثيرين من جيله – بالغرب و حضارته ؟!

و يقول الدكتور العلاّمة - محمود محمد شاكر- في كتاب رسالة في الطريق إلى ثقافتنا :
( و معلوم أن الدكتور طه في سنة 1926, حين ألقى محاضراته " في الشعر الجاهلي" زعم أن له منهجا يدرس به تراث العرب كله , و سمى هذا المذهب " مذهب الشك " و كان فيما قاله عن مذهبه : أن هذا المذهب قد ينتهي إلى تغيير التاريخ , و إلى الشك في أشياء لم يكن يباح الشك فيها ) ... و قد رأينا ما قاله العميد , بخصوص قصة سيدنا إبراهيم و اسماعيل منذ قليل ! – صفحة 242 ,243 بتصرف

و يقول العلامة محمود محمد شاكر : ( قد بينت في بعض مقالاتي , أن الدكتور طه حسين قد رجع عن أقواله , التي قالها في الشعر الجاهلي , بهذا الذي كتبه – يقصد حديث الأربعاء – و ببعض ما صارحني به – أي محمود شاكر - بعد ذلك و صارح به آخرين , من رجوعه عن هذه الأقوال – هامش صفحة 245

رحم الله طه حسين و العلامة محمود شاكر , و كل علماءنا الذين أثروا عقولنا و أناروا لنا الطريق ...و لكل جواد كبوة , و لكل عالم هفوه ... و الله علاّم الغيوب .

أعتقد أن هذا يحسب لطه حسين
فعدوله عن رأيه -وطه حسين من هو- يثبت أنه جدير بعمادة الأدب العربى
كما أن هذا الأمر طارئا لكل من عاش وتأثر بالحياة الغربية والثقافة الأوروبية
لم يسلم منه إلا القليلون
ـــــ
رحم الله هذا الرجل

معك حق فيما قلت و قد تعلمنا في المدرسة أن المصريين انقسموا في تلك المرحلة إلى مؤيد لكل ما هو غربي وافد ...و رافض له و متمسك بتراثه ...و الصنف الثالث هم الوسطيون الذين يأخذون من الغرب ما ينفع و يتركون ما يضر و يتشبثون بالجذور الحضارية لوطنهم .


تحياتي

عندما يلقب احمد شوقي بامير الشعراء طبيعي وكلنا نعرف لماذا

وعندما يلقب يوسف وهبي بعميد المسرح العربي طبيعي ونعرف لماذا

ولكن الذي لا اعرفه ولا اراه طبيعيا هو تلقيب طه حسين بعميد الادب العربي
واري انه لم يؤثر ولم يضيف الي الادب العربي بالعكس تماما انه تاثر بالادب اليوناني وفلاسفة اليونان واساطير اليونان وحاول فى كتابه فى الشعر الجاهلي محو هذاالتاريخ الادبي المهم فى حياة وتاريخ العرب .

واكبر دليل على هذا انظر ماذا ترك طه حسين خلفه تتبع تلامذته من هم واين هم
فى نفس خط عميد الادب اليوناني طه حسين جميعهم اساتذة للادب اليوناني .

وهذا مقطع من كتابه مستقبل الثقافة فى مصر
«أصبحت مصر دولة يونانية أو كاليونانية، وأصبحت الاسكندرية عاصمة من عواصم اليونان الكبرى في الأرض، ومصدراً من مصادر الثقافة اليونانية للعالم القديم» (ص 25).

ولو صححت لى معلوماتي اكون شاكر جدا

تقديري واحترامي

وودي

يكفيني أن أقول لك أخي أحمد رجب , اقرأ كتاب " حديث الأربعاء " أو كتاب " حافظ و شوقي " كي تعرف كم كان هذا الرجل يحب لغته و ثقافته , و كم أضاف لها و أفادها , هذا و إن كان في مطلع شبابه تمرّد عليها , و حاول تقليد الغرب في كل شئ , خصوصا في تطبيقه " منهج الشك " في البحث الأدبي , و ما أفضى إليه من نتائج , قد لا ترضي الكثيرين منّا... أنا شخصيا لي بعض آراء مختلفة عن آراء طه حسين - بل ضد رأيه تماما .... رحمك الله يا طه

للأسف لم أقرأ هذا الموضوع إلا الأن

فلله درك يا حناوي

طه حسين رحمه الله بلا شك هو عميد الأدب العربي وقد أضاف له الكثير والكثير
ولكن كما بين أخي الكريم عاطف الحناوي إنه أحطأ وحينما عرف خطأه صحح كتابه الشعر الجاهلي أو اتبعه بكتاب يصحح رأيه فيه هذا كلام مفروغ منه أحببت أن اضيف شيئاً

طه حسين حينما أثار قضية الإنتحال في الشعر الجاهلي أثاراها لأسباب عقلية وقد شاركه هذا الرأي من المستشرقين الكثير أمثال ديكارت ورينان الفرنسي وغيرهم

أستند طه حسين في رأيه على هدة آراء
1 - أن الجزيرة العربية كانت مليئة باللهجات المختلفة فلهجة الجنوب الحميرية غير لهجة بلاد الحجاز التميمية ولقد جاء الشعر الجاهلي كله بلهجة قريش التميمة

2 - إن الرواة الذين رووا الشعر أمثال حماد الراوية وخلف الأحمر كان يشك في آماناتهم لماضيهم السابق إذ كان حمّاد من اللصوص وقاطعي الطريق

3 - أيضا استند على دليل إن الشعر الذي أتى إلينا خالٍ من أي المظاهر التعبدية والدينية لدى الجاهليين فهو يتسائل أين هذه المظاهر في شعرهم

وأسباب أخرى لا أتذكرها الأن

والحق أقول أنني ملت معه بعض الشيء لأعذره لست أؤيده

فقد فسر علماء البلاغة واللغة من قبل أن اللفة القرشية كانت هي لغة الحوار الأدبي الراقي ولغة التجارة إذ كانت أرض الحجاز هي المهيئة للتجارة وللحج وكانت تقام بها الندوات الأدبية فكان من البديهي أن يستخدم الشعراء جميعهم اللغة القرشية النمودجية

أما عن الرواة فقد قال الجرجاني رحمه الله
وأشك في حماد الراوية وتلميذه خلف الأحمر ولكن إن أردت الشعر فاقرأ لمحمد بن الضبي كتاب ( الضبيات )) وللأصمعي (( الأصمعيات )) وغيرهم

أما عن الإشارت الدينية فارجأ العلماء السبب إلى أسباب كثيرة وإن كان قد وصل منها بعض الأشعار

فقد قال العلماء أنه لما عمّ الإسلام كره الرواة أن يعودوا للشرك ولو حتى بكلامهم وروايتهم أشعاره فتناسوه

وقد ذكر أن امرئ القيس بعدما قتل والده ذهب ليأخذ بثأره فمر على صنمٍ يقال له (( ذي الخلصة ))

فمسك أقلامه ليستخيره في هذا الأمر وكانت عادة عند العرب أن يكتب الأمرين على قلمين ويلقى بهما للصنم والقلم الذي يخرج له هو الرأي الصواب
فألقي أقلامه فخرج له قلم بعدم الأخذ بثأره فألقى الأقلام في وجه وأنشد راجزاً

لو كنت يا ذو الخلصة الموتورا *** وكان شيخك المقبورا
لم تنه عن قتل العدا زورا

وبالرغم من كل ما حدث إلا أن هذه القضايا وغيرها قد نتج عنها اهتمام كبير باللغة وبالأدب بعدما أهملت اللغة أهمالا شديداً ورحم الله الجميع
ورحم الله محمود سامي البارودي محيي الشعر العربي

بارك الله فيك ورعاك أخي القديري عاطف الحناوي

أتمنى أن أكون قد وفقت في توضيح شيء ما

يا أميرُ أنت بالفعلِ الأميرُ



والله يا صديقي ما قرأت كلاما بشريّاً أفضل من هذاالكلام هذا الصباح فلقد أفدتني كثيرا و أمتعتني كثيرا .... فلله درك يادرعميّ !



تحيات طيبة لقلبك النبيل و قلمك الجليل ..

عاطف