قراءة فى ديوان للنار أغنية أخيرة
للشاعر عاطف الجندى
***
دراسة للشاعر محمد على عبد العال
رئيس رابطة الأدب الحديث
الشاعر عاطف الجندى هو صاحب موهبة شعرية متميزة و يمتلك أدواته الموسيقية و اللغوية ، بجانب أنه مثابر و دؤوب فى تطوير موهبته و الإهتمام بإصدار دواوينه ، فقد أصدر قبل هذا الديوان بلا عينيك لن أبحر و مرايا النفس و صباح الخير يا سارة و هو ديوان للأطفال و هذا الديوان للنار أغنية ٌ أخيرة و الذى يقول فى قصيدة منه ص7 و هى قصيدة يعسوب :
" أوكلما امرأة ٌ أرادت شهرة ً
زعمت بأنى غارق ٌ
فى بحرها ؟!"00 الخ
و هى قصيدة تمثل الكثير من سلوك الشعراء الحقيقين الذين يعيشون غارقين فى بحار الهوى حقيقة ً أو مجازاً ، أما قصيدته : دمعتان للوداع فهى تمزج بين حب الوطن و حب الحبيبة ، و أيضاً حبه للشعر بصرف النظر عن شكله و مدارسه ، و هو فى هذا امتداد لمدرسة رابطة الأدب الحديث التى هى امتداد أيضاً لمدرسة جماعة أبولو التى لا تعرف التمييز فى الشكل بين شعر و شعر ، فالشعر عندها هو شعر أو لا شعر حيث يقول ص 10
" فاذكرينى
كلما فاضت بباب الحب ِ
أحلام ٌ سخية
عاشقاً كنت ُ
و مازلت أحبك فارسمينى
فوق عينيك ِ
ربيعاً يا صبية "
أما قصيدته للنار أغنية أخيرة فهى سيدة القصائد فى هذا الديوان و لا يكفى أن أنقل جزءاً منها لولا أنى مضطر لأنها طويلة حيث يقول فى مقطع منها : " و بلا دليل ْ
وصموا فؤادك بالخيانة
يا سيد الفكر الذكى
و طارد الهكسوس َ
من طهر الكنانة
سيقول أكثرهم خسئت َ
إذا مددت خطاك
بعد النصر –
فى درب السلامة
و الأنبياء الأنبياء جميعهم ،
صلبوا على حد الأمانة00 الخ
و فى هذا السياق يقول أيضاً فى قصيدته جرح ص 21
" هل تسمحين بأن أكون مصيفاً
فى زرقة العينين أو جندولا ؟!
هل تسمحين بأن أكون حديقة ً
فى بيد عمرك ، أو أكون النيلا ؟!
و الرومانسية عند مدرسة أبولو و رابطة الأدب الحديث هى رومانسية العشق و الوطن ، فأنت لا تستطيع أن تفصل بينهما ، و هو يقول فى قصيدته " تنويعات على جرح الوطن "بما يفيد أن الوطنية ليست البكاء على الوطن و الانخراط فى الجندية ، و إنما آفة النفاق و التهريج و سيطرة من لا يستحقون و انتهاك كرامة أصحاب المواهب 0
فمن يملك وسائل القوة حتى و لو كانت قوة غبية ، هو يعتبر أن كل هذا يشكل جرحاً للوطن و هو من أجل هذا لا يريد هذا الضوء المنافق الذى حيث يقول فى المقطع السابع ص 37
" إن كان شرطاً
كى أكون ( 000 )
- فى عصرنا -
نقص الكرامة و ازدياد ٌ
فى الغباءْ
أو أن أكون مهرجاً
للأقوياءْ
هذى استقالة عاشق ٍ
للضوء لكن00
فى ثياب الكبرياءْ "
و أنا أعترف أن ضيق الوقت و عدم وجود زاوية للنشر بالنسبة للنقاد ، و الشلل و الأيدلوجيات ، كل هذه العوامل ساهمت فى ظلم مثل هذا الشعر حيث كنت قد أعلنت رأيى أن قصيدة للنار أغنية أخيرة هى سيدة قصائد هذا الديوان ، و عندما تأملت أكثر فى قصيدته : الحب فى المقهى ص 35 وجدتنى أنسى نفسى و أغوص فى أعماقها حيث أنه هو نفسه قد نسى نفسه و أطلق لها العنان فى المقهى و رجع بذكرياته إلى الغيطان و الزرزور و كل العشاق المحبين على مدار التاريخ و أبدع هذه القصيدة حيث يقول فى مقطع منها : " أشعر الآن اكتمالى
إننى قيس الملوحْ
و ابن عباد ٍ و عباس ٌ
ووضاح ٌ و عروةْ
إننى الديك الذى
للجن غنى
فوق جدران الشعورْ
فوق جدران القصائدْ "
ثم يعلن فى نهاية القصيدة:
" ليس بالمقهى سوى
حزن ٍ و شاى ٍ و قصيدة ْ
فارجعى للقلب فاتنة ً وحيدةْ "
لقد أمتعني هذا الديوان و هذا الشاعر الذى طمأنني على أنه يسير فى خط واضح نحو رقى الشعر و تقدمه غير ملتزم بقيد يضعه على نفسه سوى قيد الشعر الحقيقى الذى يمتلىء بالموسيقى و التلقائية دون الانتساب إلى شكل معين سوى شكل الشعر الحقيقى و سوى الانتساب لهذا الوطن ، فهذا ديوان وطنى حقيقى دون أن يعلن صاحبه عن ذلك بدءاً من أوله حتى آخره إلا قليلا
و مروراً بهذا الهم القومى فى مثل قوله ص50 من قصيدة " رسالة إلى مولود عربى قادم " حيث يقول :
" كانت لنا فى عالم الأمجاد أعلام ٌ
و كانت أغنياتْ
من جرح قرطبة ٍ أتيت ُ
أجر أذيال الشتاتْ "
إلى قصيدة أحبك ص 65 حيث يقول :
" إنى أحبك يا ابن مصر الطاهرة ْ
إلى قصيدة هدية الرحمن ص 67 حيث يقول :
" من قبل مينا كان حبك غايتى
ما رامت الأحلام غير هواك ِ "
و نحن نحبك يا عاطف الجندى و نحب سلوكك الشعرى و نحب شعرك الحقيقى العاطفى 0