ثورة الحزن

ثورة الحزن

... من هنا ترتسم المدينة من جديد على وقع الخطى المغتربة,تمحو عري الصمت فتنجلي بعودة أخرى من لون التراب المصنوع من تراكمات من مر عليه مستقبلاً ,يرى زحمة المدينة مصبوغا بلون الدم حين تتحنط بقايانا بثورة الحزن الممزوج بماضي العبارات المتراكمة, وحين نعود من جديد ,ترسم المرايا عبراتنا على شكل المكان ولون الزمان حتى نرى فيه تلك الذات الغريبة المتناقضة تحمل ثورة حزن ممزوجة بالأمس الحاضر المستقبلي هو الأقسى منذ بداية التكوين.
... تتكون الآن لحظات انتفاخ القلم على بقعة الأيام التي عرفناها من ماضٍ مجهول العبارات احتوى القلم طويلاً مع من انتشر على طرقات النسيان يحمل ذاك المداد الممزوج بماء البحر الذي شهد البداية الأولى لحزن القادمين من خلفه وقد شهدوا التاريخ الأول لظهور الإنسان وانكفاء القمر,ومع هذا تظل الحكايا بعيدة عن كل الجمل الغافية مع القلم وقد أرهقتها كثرة الصفحات المكتوبة بمداد أحمر عرف مسبقاً كيف يصير الحلم أمنية يستدرج الضمير بحالةٍ موقوتة أسلمت للريح كل الخفايا المتبعثرة عن تاريخ الميلاد وبداية التكوين.
... ظلت تلك الحالة ترافق احتراق الغيهب المجهول من الحزن ,لكنه الآن يدرك حالته الجديدة فهو الآن يجلس على عرشه ترافقه الجدلية التي منحها له الإنسان حين أعطاه كل المزايا والحواس الخاصة التي ترافق المصير الأخير إلى يوم أشبه بالأحجية التي غابت عنا طويلاً وحتى الآن غير قادرين على تفسير ولو الجزء الأول منها, ربما لأنها ترتبط بشكل وآخر بالحزن وثورته التي أراد أن يكون وحيداً فيها , يختلي بها على عرشه ويعطيها حالتها النوعية لأنه على إدراك تام بإعادة انتشارها مجدداً لكن بصيغة أخرى بعيدة عن المألوف وعن ملامسة البشر لها تحت عنوان عريض كتبه الحزن وكتب فيه (أنت أيها الإنسان,اقترب فلك خصلة تدثر بها جسدك وآخرتك ) .
.. ظل العنوان طويلاً أمام ازدياد البشر الطالبين لحمله والارتحال بعيداً خلف الضوء والظل لأنهم عجزوا للوهلة الأولى عن رسم أحلامهم وعاداتهم القديمة والتي أشعلت بالحزن ثورته وامتداده الأخير على وحدة المصير المطلقة في ظل من أدرك أن هناك حتمية للزوال وأن النهاية ترسم طريقها والبداية تنتهي حين نرى العنوان محمولاً على زمن جليديٍ وللحق أنه محنط.
... ماذا بعد أيها الحزن الغافي على جراحاتنا , هل ستمتد كثيراً تحتوي فينا الرغبة المتجددة ,فهيَ ليست أمنية بقدر التساؤل الكبير الذي أحاط المخيلة وهي تبتعد كثيراً , تلامسُ البعض الغافي على جراحات الشتاء وبئس المصير؟ ماذا بعد أن أعطيت للبحر والقادمين منه ستارة خاصة من عناوينك الجديدة التي ماعرفناها في الماضي؟ . ستظل المسافات في بقاعك قرار ٌ أخيرٌ لحلم الفوضى على بقايا الإنسان , لأن عقارب الساعة لن تظل مفتوحة تعطي مالديها ذاك السخاء العظيم مذ عرفنا فيها الوقت الذي ذهب هباءً فينا.
.. تتكاثر الأيام كثيراً في رغبة خاصة باستعادة المصير وكافة الأحلام التي غابت مع ثورة الحزن, هي اليوم تضرم نار النسيان فينا , علنا نمتد يوماً يوم لايوم يحتوي فينا قيم الحب التي ماعادت تتبدل بفعل الوقت وعقارب الساعة التي أغلقت على نفسها أبواب العتمة والضياع, تمتد إلى أن تلامس احتراق الوقت الأول من نوعه وتمتد إلى أن يكون المستقبل امتزاجاً لذلك العنوان الذي أطلقه الحزن بثورته علنا نمتد نحصي جراحنا ,ندرك فيه عمق ضياع الحلم وعمق الشهوة السريعة التي تمضي دائما خائفة بعد الحدث الأخير, وعمق الحاضر الذي أدمى عقولنا بلهفة النسيان فكم من ثورة انطلقت ماكان فيها إلا الإنسان الإنسان.


رامي وسوف