happy new year

Happy new year

وكعادتها حينما تذهب إلى عملها كل مساء .. تخلع نعليها أمام باب القسم .. تتسلم دفتر التعليمات .. تنظر إلى ساعتها .. تتأكد من أنها تجاوزت منتصف الليل .. وتقوم بأول مهمة لها .. تنتزع ورقه النتيجة المعلقة أمام مكتبها .. ترتدي معطفها الناصع تدفع عربتها وتدخل إلى القسم .. تحاول جاهده ألا تتعثر في احد الأسلاك المجاورة لأسره تنظر في دفترها وتوزع ما بالعربة كما هو مبيّن .. تخرج في صمت لا يقطعه سوى صوت عجلات العربة .. تبتسم في دلال وتدخل الغرفة المجاورة .. تتطلع إلى وجهه الهادئ الباسم ..تقترب من فراشه .
- ( جبت لك اللي أنت طلبته أمبارح )
تنظر يمينا ويسارا وتحرج من جيب معطفها ذلك الكاسيت الصغير .. تديره وتضعه بجواره على الكومود ينساب في صمت الغرفة صوت المقدمة الموسيقية لأحدى روائع فيروز .. تتركه خارجه حينما تبدءا في الغناء تغلق الباب في صمت لا يقطعه ألا صوت الكاسيت (( قد إيش كان فيه ناس ع المفرق تنطر ناس )) .
هاهي تدفع عربتها الخاوية .. تنظر في الساعة المعلقة في نهاية الرواق إنها الثانية ..تترك العربة بجوار باب القسم وتسرع إليه .. تفتح الباب (( وانا صرت اكبر وشادي بعده صغير عم يلعب ع الثلج )) هكذا قالتها جاره القمر قبل أن يعلن الجهاز نهاية الشريط تنظر إليه
- ( ها إيه رأيك ؟؟ أنا قلت انه هايعجبك )
تلتقط يده تلثمها .. وتفيض عينها بالدموع .. تبدأ في سرد ما مر بها أمس .. تقص عليه محاوله الاعتداء التي كادت أن تنتهي باغتصابها لولا سائق سيارة أجره كان مارا فأنقذها تقلد له لهجته وتعجبه من أولائك الذئاب الذين لم يراعوا حرمه النهار الجديد وحاولوا معها .. تنهض وتصور له المشهد بالحركة
- ( على رأيك الدنيا أتقل خيرها )
تتجاذب معه أطراف الحديث في كل شيء بداية من مشكلتها مع صاحب المنزل مرورا بتطورات اصابه اللاعب محمد أبو تريكه وإذا كان من المنتظر مشاركته مع المنتخب في البطولة القادمة أم لا وصولا إلى قرار الدكتور البردعى بخوض غمار الانتخابات الرئاسية القادمة .. تلتفت إلى أسفل باب الغرفة فترى شعاعان يتصارعا حتى يمتزجا حتى تسربا إلى الداخل .. تنهض واقفة .. تخفى الكاسيت في معطفها .. تلثم يده مودعه .. تهندم من ملبسها ..تنظر نحوه .
- ( لازم أمشى بقى .. الشمس طلعت و ورديتي انتهت .. آه كل سنه وأنت طيب الليلة رأس السنة .. هانحتفل بيها سوا هاتوحشنى لغاية الليل .. سلام )
غرفتها – خلع المعطف – ارتداء الحذاء – خطواتها السريعة المرتجفة بردا وخوفا – نظره سريعة إلى السماء والشمس في شرقها .
خطواتها السريعة مره أخرى – نظره إلى ساعتها – نظره إلى القمر – خطواتها تتسارع حتى لا تتأخر – غرفتها - خلع - الحذاء – ارتداء المعطف –انتزاع الورقة – الدفتر – العربة – باب الغرفة – ابتسامه – الفراش الخاوي – لا احد .
دهشة – ذعر – لهفه وجزع .. هذا ما مر بوجهها من تغيرات كأنما هو تحويل صوره سيده إلى نمر من خلال برنامج جرافيك على حاسب ألي .. تركض خارجه تفتح باب الغرفة المضيئة في نهاية الرواق .
- ( دكتور هو مريض الغرفة 8 فين ؟ )
- ( غرفه 8 .. آه مش ده اللي كان في غيبوبة .. ده مات واتنقل المشرحة .. ابقي اشطبي علاجه من الدفتر )
صراخ .. دموعها تحجب الرؤية عن عينها
- ( انتى بتعيطى ليه ؟؟ هو انتى كنتى تعرفيه ؟؟ ده كان مجهول الهوية يا انسه .. عموما اهو ارتاح )
تدير ظهرها خارجه
- ( آه بقولك من بكره تسيبي العناية المركزة وتروحي الجراحة مبروك يا ستى بقيتي مشرفه الجراحة )
تسير مبتعدة حتى تصل إلى غرفتها .. تخرج من معطفها علبه مغلفه في ورق الهدايا .. تفتحها ..ينساب صوت نغمات هادئة من العلبة وعروسه صغيره لراقصه باليه تدور حول محورها .. تقع عينها على الجملة المضيئة في خلفيه العلبة
( (( happy new year 2010 )

القاص عمرو شاهين

قصة جميلة ومؤثرة.. لا نريد أن نعرف ماذا يمثل هذا المريض بالسبة لها وظروف هذه العلاقة.. حتى أنها تفضل العمل في هذا القسم لأجل خدمته واختيار الوقت المناسب للانفراد به..
المهم اللحظة الانسانية واسلوبك الرائع في سردها.
لا أوافق أن يكون العنوان بالانجليزى.
دمت موفقا