مخاض قصيدة

حين َ تتهدَّلُ أصابعي على لوحة المفاتيح .. جالسا ً على مكتبي َ محتويا ً إطارها بين راحتي َّ ويدق ُّ كعباي الأرض َ في رعشة الخائف ِ الحانق ِ الثائر ِ الباكي الرافض ِ كلَّ ألوان الحياة ؛ تتحرك المفاتيح ُ تحتَ أصابعي فتنقر على شاشتي سطورا ً ترجف ُ ؛ تنفض معها أعوام َ الشقاء ِ وترفض ُ البقاء َ وتتمنى الفناء ....

وحين ترتسم حروفي َ أكفانا ً تغلف لحن عمري الذي مات قبل أن يكتمل َ , تنبعث ُ رائحة ُ الموت ِ من جَنَبَات ِ كلماتي ويفوح ُ صوت ُ الصمت ِ يئن ُّ في أذني ...

وحين أغلق ُ عليَّ شرودي فتعمى عيني عمَّا حولها ولا ضوءَ سوى فحيح ِ شاشتي العذراء ِ التي كنتُ أعدُّ أصابعك َ الحريرية َ لتهتك َ عُذْريتها فتخطو خـُطواتَك َ الأولى نحوَ تعلُّم ِ الكمبيوتر َ ...

وحين َ تبقر ُ كلاليبُ اللفظ ِ بطون َ المعاني في رأسي َ المليء ِ بكل ِّ ما يصبو إليه العالم الساعي إلى ساحات العلم فتصرخ تلك المعاني رافضة ً الانصياع فتصر ُّ كلاليب ُ اللفظ ِ فتخرج تلك المعاني حُبـْلَى قد بُقِرت ْ بطونُها تقطر ُ دما ً وتسيح ُ ألما ً ...

وحين يطفو على سطح ِ خيالي خيانة ُ مَنْ باعوك َ وكأنها قشور ٌ نتِنَة ٌ فوق َ صفحة ماء ٍ رقراق ٍ تحجب ُ تحتَها الدرر َ النقية َ فتشق ُ تلك السطوح َ وتخرج في صورة دموع ٍ لا تلبث ُ أن تجف َّ لتولد َ غيرُها ...
وحين يمتزج ُ الحب ُ بشهوة الانتقام ِ , ويصطدم ُ الطهر بنجاسة ِ الأورام ِ ، وحين َ أتنهَّدُ تنهيدة َ أمٍّ تطلق طلقتها الأخيرة َ لتلد َ الغلام ، وحين تنهار الأكتاف ُ تلامس ُ أسطح َ النعال ِ وحين َ تتقلب ُ الوجوه في الركام .......

أراك يا ولدي بسمة ً حائرة ً لا تجدُ لها شفاه ، وأنَّة ً طائرة تتسلل ُ في عظامي فتشعرني أنَّ هناك حياة ....

عبد الله جمعة
الإسكندرية
12| 1 | 2007