المعارضه والمحاكاة فى الشعر العربى

الذين قرءوا رسالة " التوابع والزوابع " لابن شهيد الأندلسي
يعرفون أنه توسل بحيلةٍ خيالية لكي يقيم بين نفسه وشعره من ناحية ،
وخيرة شعراء العربية من ناحية أخرى، مناظرة شعرية طويلة.
وكانت فكرته أنه افترض أنه قابل جنياً من شياطين الشعراء، فصحبه إلى أرض الجن،
وهناك لَقِيَ الجن الذين يوحون إلى أعاظم شعراء العربية، من امرئ القيس إلى ابن شهيد،
كلما اختال أحد الجن بقصيدة بديعة ألهمها لشاعرٍ عظيم
واجهه ابن شهيد بنص معارض للقصيدة، يتفوق به عليه، فيحترق الجني غيظاً .
من هنا اأبدا موضوعى عن المعارضه والمحاكاه وما الى ذلك
فى الشعر العربى بصفة عامة والشعر العامى بصفة خاصة ..
وتبين من خلال القراءة المتأملة
لرسالة التوابع والزوابع لابن شهيد الأندلسى
أنه وضع أسسا مقننه لماهية المعارضة الشعرية وايضا المحاكاة ..
ونرى أن كثير من المبدعين أو الشعراء
يطلقون على المحاكاة النصية او التشطير
بكتابه شطرة من النص الاصلى وكتابة شطره تحاكيه أو تنتقده
التزاما بنفس البحر والقافيه مسمى المعارضه الشعرية ..
وورد فى الرسالة المشار اليها أن ابن حزم الاندلسى
عمد الى كتابة قصائد المحاكاة والتى تعتمد على نفس الوزن والقافيه
دون اللجوء للتشطير الذى يراه بعض الشعراء انها مهارة ذاتيه
يتميز بها الشاعر عن غيره ولكنها مقولة غير صحيحة
لان الشاعر هنا يعتبر بناء على هيكل شعرى أسسه شاعر قبله ..
وبالتالى فهو مجرد
مضيف لرؤية خاصة للنص الأصلى ..
وكأنه يريد أن يقول بنرجسية مفرطة أنه تفوق
على صاحب النص الاصلى بموهبته
وبقدرته على الصياغه والاضافه التضمينيه للنص ..
فى حين أن ابن حزم الاندلس
أتى بشكل مغاير تماما للقصائد فى جزء أراد ان يقول من خلاله
أنه شاعر يمتلك من القدرات التى تؤهله لنيل مكانة خاصة به
دون الاعتماد على نصوص موجوده بالفعل ولم يلجأ للمحكاة الا فى القليل ..
اذن نستخلص من القضية المطروحه ..
أن الشاعر يستطيع من خلال مفهومه الخاص
وتفاعله مع نص معين أن يكتب نصا مختلفا تماما عن النص الاصلى
ويكون معارضا لنص كتبه شاعر اخر ..
ولايصح ان أن نقيس القصائد التى كتبها العظماء والسابقين
والذين لهم باع فى هذا الفن على مانكتبه الان
لاننا مهما كانت دراساتنا وثقافتنا
لن يكون من بيننا من هو اطول باعا من سابقيه ..
ولذا فان استقلالية الشاعر بنصوصه واراؤه المعارضه لشعراء
اخرين هى الدلالة على قدرته على افراز نصوص خاصه به
وتعبر عن وجهة نظره الخاصه دون اللجوء للمحاكاة أو التشطير ..
لان مايحدث لايعتبر معارضه لنص
ولكنه اهدار لقيمته الابداعيه .. والتاريخيه
محمود عبد الحليم