جاتوه

جاتوه

عجز عقله عن إحصاء عدد مرات إتصالها به لتذكره ...
هذه المرة إحتد عليها ... و كأنها صارت مسالة كرامة ...
بادلته الصياح و هي تكرر كلماتها المعتادة عن أهميتها في المجتمع و كيف أنه عليه مراعاة ذلك جيدا و أن تكون أحلامها أوامر يجب ان تطاع ...
صمت ... لا يعلم لماذا تتعجل التحكم فيه منذ الأن ... ألن يكفيها العمر بأكمله ؟...
ألا تنتظر حتي لموافقة أهلها علي إرتباطهما أولاَ ...
كاد أن يصل ...
يحاول تجاهل رنتها التالية و عينه تحتضن علامة المحل الشهير ... يشعر بإستفزاز ... ألا يوجد منتجا وطنيا أفضل ... إنه مجرد محل جاتوه ... فلماذا نستورده ... يخرج حانقاَ من المحل ...
يري إعتصاماَ ... أو مظاهرة تندد بمقتل إحداهن من بنات وطنة بهمجية رغم وجودها في بلد متقدم حضاريا لا لشئ إلا لإرتدائها الحجاب .. قتلت لأنها مسلمة ...
و لم يشفع وجود طفلها في حضنها ...
و الذي يري فيه القاتل مجرد إرهابياَ في المستقبل مثل باقي المسلمين .
مازال يتأمل اللافتات التي تحكي و تندد و تشجب الحادث قبل أن يستقبل تليفونه المحمول رنة أخري منها ...
ينظر للتليفون بكراهية و هو يلحظ ربما للمرة الأولي أنه مصنوع في نفس بلد القاتل ...
يحاول إخفاء التليفون في ملابسه بسرعة و كأنه يخشي إن يري ذلك أحدا غيره ...
يفاجأ بأن علبة الجاتوه تحمل علم نفس البلد ...
يحاول الإستمرار في طريقه ...و الخوف يجعله يمشي مسرعاَ...
يعطله الزحام فينقل لقلبه أشجارا يانعة للغضب يعجز صدره عن إحتواء أوراقها الوارفة ... يتحركون حوله ...يحاصرونه ... يحاول مقاومتهم... ملابسه الأنيقة تتمزق ...
لحظات مرت قبل أن يدرك ما حدث له ... و لحظات أخري قبل أن يصدق ...
ينظر لملابسه في غضب ... و عينه تري لافته ... و لافته ثانية ...و أخري ...
و تتراكم اللافتات وتحتل عينه ...ينظر في عيون السائرين حوله ... و تنتقل نظرة التصميم والأصرار منهم إليه ... يرفع العلبة التي تعب من محاولة إخفاءها ...
يمزقها ...و تمتد يده قابضة علي قطع الجاتوه ... يضغط عليها بقوة ... تتفتت بين أصابعه ...
يلقي بعلبة الجاتوة و صوته يعلو بالهتاف مع الهاتفين ...
ترن عليه ... يتذكر أول لقاء بينهما ... و كيف لفت نظره تقليدها لمطربة أجنبية شهيرة ...
ملابسها ... طريقة التحدث ... أيماءاتها ...
و إصرارها علي تناول مشروب المياه الغازية المصنوع في بلد أخر نشر أحد رساميه صوراَ مسيئة للرسول عليه الصلاة و السلام ...
إندهش و هو يحاول تذكر أي شيئ فيها يحمل عبق وطنه فلا يجد ...
يمر طفلا بجواره يهتف بحماس قابضاَ ذراعه الصغيرة...
و يده الأخري تمتد لتمسك يد شابة صغيرة بحنان بالغ ...تحث الصغير كلما هدأ علي الهتاف ...
تأمله قليلاَ... رنتها تعلو قليلاَ كأنها تحمل إليه غضبها المعتاد ...
يبتسم في راحة و هو يغلق التليفون في وجهها ... للأبد .