((امرأة ابتسم الله لصنيعها)) !!!

قل للمليحة فب الخمار الأبيض
الفجر أذّن!فانهضي وتمضمضي! (*)
ها... ههههههه!!!
ههههههه!!!
ههههههه!!!
ها... ههههههه!!!
أعتذر لك، أيّها الشّاعر "مسكين الدّارميّ" وأنا أشاكسك مراوغة: بتحوير "داليّتك" الإشهاريّة المشهورة الجميلة إلى "ضاديّة" من تصميمي الدّيكوريّ الخاصّ!!!
فاغفر تنطّعي والتمس لي العذر -والمسامح "كريم"، كما يقال- وأكرمني بصكوك الغفران: على الأقلّ في يوم واحد فقط، وهو يوم الثّامن ((08)) من آذار -مارس- الّذي يصادف "عيد المرأة" كلّ سنة مرّة!!!
وبعدها استعد بيتك الحقيقيّ منّي، واعتبرني قد استعرته منك!!!
في مقالي هذا، سأخصّ مجلّتي الحبيبة "أصوات الشّمال" دون غيرها لأهمس في أذنها بيوم 2014 آذار ((مارس))وليس 08 مارس!!!
إنّ الإسلام هو الدّين الوحيد الّذي نصر مكانة المرأة ورفعها إلى أعلى علّيّين في مصافّ العظمة، فاهتمّ بها أمّا واهتمّ بها ابنة واهتمّ بها أختا ورفع مقامها العليّ زوجة... بل أبطل ضدّها كلّ ترّهات الصّحاصح (**))الّتي أتى بها المغرضون -سواء من الغرب أم من بني جلدتها- للنّيل منها...
لقد قرأت على صفحات إحدى المجلّات الغربيّة المكتوبة باللّغة الفرنسيّة، أنّ امرأة فرنسيّة قالت لقومها مستغيثة بهم ممّا تعانيه من صلف زوجا:
((زوّجوني من مسلم لمدّة أيّام قليلة، ثمّ بعدها اقتلوني مباشرة إن شئتم)).
ولأنّ الخير -كلّ الخير- فيما شهدت به الأعداء، فإنّ شهادة هذه المرأة في حقّ الإسلام -وهي بعيدة عنه كلّ البعد- لدليل قاطع على سماحة هذا الدّين الحنيف مع المرأة...
ولقد أوصى بها رسول البشريّة صلّى الله عليه وسلّم خيرا في آخر سكرات الموت بحجّة الوداع، وماأدراك ما آخر سكرات الموت بحجّة الوداع!!!
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
((استوصوا بالنّساء خيرا، فإنّهنّ لكم عوان)).
أي: "أسيرات".
والأسير - أسير الحرب على سبيل المثال- ينبغي أن يحسنوا معاملته، لا أن يعنّفوه أو يضربوه أو يهينوه...
المرأة: حسّ الزّجاج هذا المخلوق الرّقيق الّذي يؤذيه هبوب النّسيم العليل...
ولأنّني -كما سبق وقلت- سأهمس في أذن حبيبتي "أصوات الشّمال" ((2014 آذار - مارس-))، لا بيوم الثّامن ((08)) مارس، ارتأيت أن أتحدّث هنا -على صفحة "الجدار الموقّر" لمقالي على مجلّة "أصوات الشّمال" عن صحابيّة جليلة عاشت -رضي الله عنها وأرضاها- في حجر نبيّ الرّحمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم...
هي "أمّ سليم بنت ملحان" الأنصاريّة المعروفة "الرّميصاء": أمّ الصّحابيّ الجليل "أنس بن مالك" خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم...
تزوّجت "الرّميصاء" رضي الله عنها وأرضاها "مالكا بن النّضر" في الجاهليّة وأسلمت مع الأوّلين وحسن إسلامها بثبات لايتزعزع... لكنّ زوجها "مالكا بن النّضر" كان قد هجرها وجفاها غضبا منها وحنقا شديدا من قبله على إسلامها، وكان دائما يردّد على مسمعها:
((أصبوت))؟؟؟
أي: ((أخرجت عن دين الآباء والأجداد إلى اعتناق دين غريب عنّا))؟؟؟
فكانت -رضي الله عنها وأرضاها- تقول له:
((ماصبوت، ولكن آمنت)).
وأخذت تلقّن ابنها "أنسا بن مالك" رضي الله عنه وأرضاه الشّهادتين ممّا أوغر صدر زوجها عليها ظنّا منه أنّها تفسد ابنهما ضدّه...
وبعدها، هجرها زوجها "مالك بن النّضر" لفشله فشلا ذريعا ظاهرا أمام قوّة إيمانها وأمام قوّة شخصيّتها في ردّها عن دين الإسلام حين خرج مهاجرا تاركا إيّاها رفقة ابنها "أنس بن مالك"...
وعلى شرك "أبي طلحة" تزوّجته ثمّ أسلم وحسن إسلامه.
وذات ليلة، حلّ ببيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ضيف، فلم يجد رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم مايطعم به ضيفه. فأخذه "أبو طلحة" إلى بيته وقال لزوجه المصون "الرّميصاء" أمّ سليم بنت ملحان رضي الله عنها:
((أكرمي ضيف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم)).
ولم يكن في بيت "الرّميصاء" وزوجها "أبي طلحة" رضي الله عنهما وأرضاهما سوى طعام أبنائها وقد لايسدّ الرّمق...
أخذت "الرّميصاء" الأبناء إلى النّوم وقدّمت طعامهم إلى ضيف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بيتها...
ولأنّه من اللّباقة أن يأكل صاحب البيت مع ضيفه: كي يشعره بالأمان والطّمأنينة ويرفع عنه الحرج، تظاهر "أبو طلحة" رضي الله عنه بإصلاح فتيل النّور بعد أن أوهم ضيفه بأنّ الفتيل به عطب...
وكان "أبو طلحة" زوج "الرّميصاء" رضي الله عنهما وأرضاهما يتظاهر بمؤاكلة ضيفه في الظّلام ومؤانسته ضحوكا بشوشا حينا وبإصلاح عطب فتيل النّور حينا آخر، إلى أن أتى الضّيف على كلّ مافي الخوان ظنّا منه أنّ صاحب الدّار قد قاسمه الخوان...
وهنا، ابتسم الله عزّ وجلّ لهذا العمل البطوليّ الشّجاع المليئ بالنّخوة والكرم والصّبر...
هذه هي "الرّميصاء" أمّ سليم بنت ملحان الأنصاريّة رضي الله عنها وأرضاها...
إنّها ((المرأة الّتي ضحك الله عزّ وجلّ لعملها)).
فأيّ تكريم فوق هذا التّكريم؟؟؟
وأيّة مكانة أرفع من هذه المكانة؟؟؟
إنّه "برلمان إلهيّ" موقّر تبوّأته "الرّميصاء" بجدارة واستحقاق...
ابتسامة "إلهيّة" مشرقة ليست ككلّ الابتسامات...
ابتسامة سطع نورها الوضّاء اللّألاء من ثغر لايشبه الثّغور...
وإنّ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم مواقف أنبل بكثير، وهو القائل:
((ماأكرمهنّ إلّا كريم وما أهانهنّ إلأّ لئيم)).
وقال أيضا:
((رفقا بالقوارير)).
صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم...
وهو الّذي لا ينطق عن الهوى صلّى الله عليه وسلّم، اشتدّ ذات يوم بينه وبين زوجه "عائشة بنت أبي بكر الصّدّيق" رضي الله عنهما وأرضاهما الخلاف الزّوجيّ في البيت: ككلّ البيوت الّتي تعصف بها الخلافات الزّوجيّة بين الزّوجين بطريقة عاديّة:إلى درجة أن أرسل رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم إلى والدها "أبي بكر الصّدّيق" رضي الله عنه وأرضاه ليفضّ الخلاف بينهما بالحكمة...
فقالت "عائشة" رضي الله عنها لزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
((أنت الّذي تزعم أنّك رسول الله))؟؟؟
فحزّ في نفس "أبي بكر الصّدّيق" رضي الله عنه وأرضاه هذا السّلوك غير المستساغ من ابنته وهي زوج صاحبه وحبيبه المقرّب وهو نور عينيه وضياؤهما، ولم يستسغ أن يهان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يسمع. فلطم ابنته "عائشة" رضي الله عنها وأرضاها لطمة عنيفة جدّا سال إثرها الدّم من فمها وسقطت أرضا...
فنهضت المسكينة واحتمت بظهر رسول الله زوجها الرّحيم صلّى الله عليه وسلّم...
وهنا، تغيّر لون نبيّنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهاله هذا الموقف العنيف الرّهيب فالتفت إلى صاحبه "أبي بكر الصّدّيق" رضي الله عنه وأرضاه، وقال له معنّفا:
((مهلا، يا "أبا بكر"! ما أرسلنا إليك لأجل هذا))!!!
إنّه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الرّحمة المهداة...
وإنّها أمّنا "عائشة" الطّاهرة المطهّرة العفيفة رضي الله عنها...
وإنّها "أمّ سليم بنت ملحان" الرّميصاء الأنصاريّة رضي الله عنها...
وإنّه ديننا الإسلاميّ الحنيف الرّؤوف الرّحيم الّذي تفتخر المرأة بمكانتها المرموقة في ظلّه: بأن أعتقها من نير العبوديّة وعظّم مكانتها...
ومن هنا، لاتتعجّبوا من تصرّفاتي حين أخلق للمرأة يوم ((2014 آذار "مارس"))!!!
المرأة: هي كلّ أيّام السّنة لا يوم واحد ولو كره المغرضون!!!
المرأة: هي هذا الأسلوب الكتابيّ الرّقيق النّادر...
الهامس بقطرات النّدى وموسيقى الهزار الغرّيد...
ولأنّ الإسلام قد كرّمها، فإنّ هذا التّاج الثّمين النّادر جدّا على رأسها يغنيها عن كلّ تكريم يتذكّرونها به يوما واحدا لاغير...
وبعدها تصبح غرضا يرمى...
فلن ينقص منها من يهينها...
ولن يزيدعليها من يعزّزها...


((هوامش)):
(*)- قل حة في الخمار الأبيض
الفجر أذّن! فانهضي وتمضمضي!

هذا البيت من ملاطفات ودغدغات فضيلة زياية ( الخنساء) وهي تشاكس الشّاعر "مسكين الدّارمي" صاحب رائعة:
قل للمليحة في الخمار الأسود
ماذا فعلت بناسك متعبّد؟
قد كان شمّر للصّلاة ثيابه
لمّا وقفت له بباب المسجد
ردّي عليه صلاته وصيامه
لاتقتليه، بحقّ دين محمّد!
صلّى الله عليه وسلّم.

(**)- ترّهات الصّحاصح: كناية عن أباطيل الإشاعات الكاذبة المغرضة في حقّ المرأة.

الله عليك
جميل جدااااا