شريف العجوز قصة بعنوان أشياء

أشياء من مجموعة مذكرات حمار
ــــــــــــ

في تلك الليلة الصافية يسبح البدر إلى منتصف تلك الصفحة السوداء المرصعة بالنقوش البيضاء ، صوت السكون يعلو ، يحدث ضجيجا .
بمنزلي فقط .. ! يمكن أن ترى أوراق قديمة مهملة ، صحف ، بعض من الكاسات جفت عليها القهوة ، الملابس القديمة الممزقة تعطي إنطباع بالهمجية ، بمنزلي فقط يمكنك أن تدرك من هو أنا ! .

عندما دق ناقوس منبهي وكأنه أخيرا تذكر أنه يعمل كمنبه - فقط ليزعجني - تحدقت عيناي وكأني لم أكن نائما بل كنت في غفلة ، راودني خلالها هدير من الذكريات .
مازالت الجريدة ملقاه على طرف المنضدة ، القط يزاحم قدماي على الفراش ، الروب يحتل مكاني على الكرسي المتأرجح ، رأئحة التبغ المنبعثة من بين أضراسي أفعمتني بسخط جعلني أنتفض لأشعل أخرى .

عندي من المشاكل ما يكفي لملاء الأرض رواسي ، ولست بحاجة للمزيد لذا لا أهتم بما بعانيه منزلي من إهمال .

أتشوق لرؤيتها تطير حولي كالفراشة تملاء سمائي بكثير من البهجة كتلك المرة !! أستطيع القول أنها قادرة على صنع هذه البهجة داخلي عندما أسترق النظر إلى عيناها ، وأطيل البحث كثرا وكثيرا عن سبب واحد لهذا الإنجذاب لها ، هذا السحر الذي طالما تسيطر علي به .

من الصعب أن أقول إن ثمة جوانب لديها غير كاملة بعد ...

لكن أظن أنها جعلتني أعيد التفكير في نظريتي بشأن الكمال البشري الذي لا يتحقق كثيرا .

هي الوحيدة التي تستطيع أن تشعرني بأهمية الوجود ، هي فقط التي تستطيع توضيح معالم الأشياء ، أن تضع له فواصله ، كمالته ، وربما نهاياته .

أحيانا قد يكون الصمت أبلغ كثيرا جدا من الثرثرة بكلام بشري تافه ، إخترعوه ليأذوا به رؤوس بعضهم البعض .

بل يكون الصمت أحيانا صرخة كبرى تستطيع أن تحدد أشياء كثيرة قد تكون أوضح في المعالم من تلك التي نعبر عنها بالألسنة عديمة الفائدة .

تسالت ذات يوم لماذا لا يحاول البشر في العالم الصمت لمدة دقيقة؟؟

لكني في النهاية وجدت أن الأمر سيكون مستحيلا ، لكم ما إخترعوه أيضا ليضلوا به
عقارب ساعتهم عن التنبه لتقدم السن لذلك هم يرحلون فجأة كما جاءوا فجأة !

أبدوا كرجل عجوز يتوارد تلك الكلمات في الصمت - الذي إستأثر به وحده و تحدي لمن حوله – ذي جنة لبعض الناس لكن ما أتأكد منه هو أنني أصبحت أنظر للبشر أنهم أيضا ذوي جنة .

حينها سيكون العزف على أوتار الذكريات صعبا لمثل حالتي لكن أيضا يظل وترا واحدا لا يستطيع أحد العزف عليه غيري .

ليس بالضرورة عندما تحب شخص أن تبلور حبك ، وتضع له معيارا صغير كتلك الورقة التي لا تساوي شيء في دنيا الأخر فتلك الورقة اللعينة أضاعت كثيرا من الفرح كان يمكن تحقيقه ، كثيرا من الأمل كان يمكن الحلم به ، كثيرا من النجاح كان يمكن التنبىء به .

يصعب على التفكير البشري أن يدرك الحب فوق الاجساد ، فوق شهوات لعينة زائلة ، ويصعب على المتغازل أن يدرك قيمة المشاعر ، عندما يختصر نظرته في عري يبحث عنه ، يقف أمامه مكتوف الايدي أحيانا ، فعما قليل تشرق شمس القلب ليتكشف لكلا المتقاربين حقيقة حبهم المتبادل ، لأن القيمة الكبرى للحب تظهر عندما تختفي الملذات ، عندما تتجلى معالم الأشياء ، وتسقط جميع الأقنعة وتجد إما إلها يستحق التعبد أو شيطان يستحق اللعان .

يتملكني شعور بالفخر عندما يعانق ذراعي أطرف أصابعها ، و أجمع يدها بجوار قلبي الذي يدق بنبضات رنانة مدوية .

و أرفرف كالعصفور طليق محبسه حديثا عندما أسترق نظرة من عيناها ، وأشعر بالدفىء عندما تلتقي شفتنا بنقطة مركزية تلف الدنيا حولها ، وتعطيني بإنطباع عدم وجود مشاكل بالحياة .

يخطىء من يزعم أن الذكريات يمكن نسيانها ! الذكريات تظل محفورة داخلنا ، الذكريات هي التي تنسينا مرارة ما سطرته أمام أعيننا الذكريات تصنع فرحا تحتال به علينا لتفاجئنا بأخريات تنقش أحزانا بلا نهاية .

في بعض الأحيان تكون التضحية بالملك هي أفضل شىء لحماية الأرواح ، الملك لا يستحق الحياة طالما الأخيرة أبت ذلك نعتقد أننا نعيش الحياة لكن الحياة هي من تحركنا كقطع الشطرنج لكل منا عدد خطوات محسوبة محدد لا يستطاع الحياد عنها ، كلا منا له مهمة معلومة مسبقة ، تنتهي حياته بإنتهاء مهمته.
وأنا إنتهت مهمتي عندما تجلت لي بصفات أرضية أخرجتها من اللوحة التي رسمتها لها وسط لوحات الملائكة وأصبح حريُ بي البقاء حبيس ذكرياتي

حكــــ عجوز ـــــاوي

» فرح الدحنون
» شريف ممدوح العجوز
» نتيجة مسابقة شهر مايو 2010
» قصة بعنوان الظل
» مسابقة صالون شريف العجوز الأدبي