فرح الدحنون

فرح الدحنون

لما كنت صغيراً حدثتني أمي عن حكايات ِ الدحنونِ ِ ، وهي كثيرة ٌ وكنت كلما قصّرتُ في واجباتي المدرسية تقول لي :
كن ّيا ولدي مثل َ الدحنون ، نشيطاَ ، مجتهداَ لا تؤجل عملك َ ، سألتها يوماً كيف تعرفين كلّ هذه الصفات عن الدحنون ، تجيبني :
انظر إليه يا ولدي إنه دائماً محمرُّ الوجنتين ، فهو يستيقظ مع الفجر،و لا يعرف التخاذل .
ولما كنتُ اسرقُ لعبةَ أخي الصغير كي ألهو بها خلسةَ ، تؤنبني أمي ، كن يا ولدي مثل الدحنون صادقاً أميناً .
كانت حديقة ُ دارنا غارقة ًفي أحضان الدحنون ، كأنها بساطٌٌ ٌ أحمرُ من السجاد العجمي العتيق ،و لما كبرت وصار لديَّ بنين وبنات علمتهم أن يقتدوا بالدحنون ، بصدقه وأمانته ونشاطه ، لكن حديقة َدارنا أصبحت حزينة ً هاجر منها الدحنون ، وفي صبح ِكلّ ِ يوم ٍ كنتُ أرى العشراتِ من أزهاره مدهوسة ً، ذابلة ً، حتى ذبلت أشعة ُ الشمس التي كانت ترقص مع نوراته الزاهية .
بعد سنواتٍ لم يبق في دارنا سوى اذرع معدودة ٍ من المساحة يحوطها سورٌ شائكٌ ، سألت أمي عن هذا السور الشائك قالت :
يقولون كي لا يختبيء الأرهابيون فيها ؟!
رحل الدحنون من دارنا وأخذ معه كلّ مفاتيح ِالفرحِ ِ .
استيقظت ذات يوم على بكاء أمي ، قبلّتُ يديها الكريمتين ، ربت كتفها أهدهد حزنها ، لكنها سحبت يديها بأنفة ٍ قائلة ً :
لست أبكي فراق الدحنون لأنه ذهب ليؤديَ واجبهُ ، ألم اقل لك إنه مخلصٌ وأمينٌ ؟!
- وما يبكيك إذاً؟
ابكي هذا السجنَ الذي نعيش به ، أضحى بيتنا مسوّراً بالأسلاك الشائكة ، كأنها مغروزة ٌ في كبدي ، قد لا يطولُ بي العُمُرُ فلا أشهدُ انتصار الدحنون ِ،و شدّت يدي بقوة تدفق حناناً وزرعت نظراتِها في عينيَّ ، حدثتني بكل اللغات ، وفهمتُها ، ضممت يدها بكلتا يديَّ وقبلتها فشممتُ عبق الدحنون يفوحُ من طياتِها ، كانت تربّتُ كتفيَّ وتشدد عزيمتي ، وجدتُني أفتح ُالباب ، اجتاز كلّ الأسلاك ، تنفست ُعتَمَة الليل وأنا أنشد ُركبَ الدحنون .
حرقةُ الوداع سرت في عروق العجوزِ القاحلةِ وهي تحضن يديها التي قبلها ولدها قبل رحيله ، لتستبقي عبقَها في حضنها ، تحضن أثارَه وطيفَه ، وكي لا تذعنَ للبكاء ، تستحضر ذكرياتِ طفولتِه وهي تحدثه عن الدحنون ، وعندما تنفسَ الصبح ُ أول شهيق وهويفك ستار الليل عن نوافذه ،دوى انفجار على الحدود الشائكة ، زغردت العجوز ، وعبق المكان برائحة جسد ولدها ، فانفلتت الدموع الحبيسة من هاتين العينين اللتين تعبتا كثيراً بانتظار ثورة الدحنون ، الذي انفجر تفتحاً في كل مكان ، حتى انفلق أصم الحجر و انفجرت ثورة قلعت كل الأسلاك الشائكة .

الدحنون في اللهجة العامية لأهل الجولان هو شقائق النعمان وحتماَ كلنا يعرف شقائق النعمان وهذه القصة من مجموعتي القصصية الجديدة حزمة الورد الأزرق أرجو ان تنال رضاكم
تحياتي للجميع

جميل ابداعك

جميلتى

مودتى

الجولانية .... هذا الاسم الذي إشتقنا لوجوده في القسم مرررررررررررررررحى بعودتك بيننا و مررررررحى بعودة إبداعاتك الجميلة الراقية الفنية بحق ، تثبت رائعتك لجمالها و فرحة بعودتك

الرائع الصديق المبدع شريف العجوز
لست ابالغ إن قلت لك أنت مبدع في كل حرف يسطره يراعك أشكر مشاعرك وصدقني انا لم ابتعد عنكم بل كنتم في وجداني لكني أحبطت وشح قلمي بالكتابة كنت اتابع المنتدى وارقب ما به من تطورات أشكر مرورك وانطباعك على ( فرح الدحنون )

قصة رائعة وفكرة بجد اعجبتني سعيدة اوي اني اول مرة اقرا قصة في المنتدي كانت لك محتوي عميق ومميز وشيق

الأديبة إيمان محمود خضر

أشكر مرورك على فرح الدحنون

وفقك الله لنجاحات مستمرة

فرح الدحنون عنوان مميز

السرد اكثر من رائع

النص فيه دفئ الارتباط بجمال الطبيعة

والماضي الجميل والاسلاك الشائكة هي الحاضر

وفرح الدحنون هو المستقبل باذن الله

دمتي رائعه

الأخت الرائعة أسماء منصور


أشكر مرورك الجميل على فرح الدحنون

وفقك الله

الشاعر الرائع أحمد رجب معيط

أعجبني مرورك على فرح الدحنون ورؤيتك للأمل الذي يكمن في عبارة (فرح الدحنون )
حقاَ نحن أمة عربية واحدة
أترانا نفرح مع الدحنون !؟
أشكر انطباعك
لك مودتي

ما أجمل أسلوبك الراقي

أنت أديبة رائعة بكل المعني

بإذن الله سنفرح جميعنا مع الدحنون

الأديب عاطف عبد العزيز الحناوي

أتشرف برأيك وانطباعك

لعل الدحنون ينثر المحبة في قلوبنا وعلى قمم جبالنا وروابينا
صدقني إن قلت لك لقد تعلمت من الدحنون دروساَ كثيرة وما زلت

أكرر شكري لمرورك ومتابعتك ما أكتب

اي اغترابية تلك التي نعانيها من واقعنا المتعكر فنلجأ لمفردات الوجود البكر من حولنا نتلمس ما غاب عنا نحن البشر لنتعلمه..

شاكرة لك ان أمتعني حرفك سيدتي ... واستمتعت بتلك الهدأة الاغترابية في مرافيء الذكريات

لك ودي .....وتقديري لابداعك

تحياتي عزيزتى الجولانية
سعيد بتواجدى هنا
و بقصتك الجميلة
يومك دحنون
ههههههههه