عبد الله جمعه عضو مجلس الإدارة
الدولة : عدد الرسائل : 2257 نقاط : 2468 تاريخ التسجيل : 10/06/2009 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: التقنيات الحديثة وأثرها في أسلوب السرد القصصي الخميس نوفمبر 22, 2012 11:47 am | |
| التقنيات الحديثة وأثرها أسلوب في السرد القصصي إن المتابع فنون الكلم العربية يجد أن أحد أهم أطرافها ( فن القصّ ) والذي تشعب إلى شعب تحددها أدوات التعبير وتقنيات العرض ؛ فمنها ما اتخذ تقنية الحكي متكئا يتكئ عليه كفن القصة الطويلة ومنه ما اتخذ تقنية السرد أداة من أدوات التعبير كفن القصة القصيرة ومنها ما اتخذ التمثيل أداة للعرض وتقنية للتعبير كفن المسرحية وبالموازنة التاريخية نجد تفاوتا زمانيا بين التقنيات الثلاثة ؛ حيث أن القصة الطويلة تعد الأقدم في التاريخ العربي من حيث تقنية فن الحكي ثم القصة القصيرة – بحسب بعض المؤرخين – من حيث تقنية السرد ثم المسرحية من حيث تقنية التمثيل ... والقصة القصيرة واحدة من الفنون التي اختلف على نشأتها بين النقاد والمؤرخين ؛ فمنهم من ضرب بها في عمق التاريخ الأدبي العربي وطال جذورا لها في الأدب العربي القديم وحاول جاهدا أن يرجع ثمارها الحديثة إلى تلك الجذور حيث حاول نسبتها إلى فن المقامة مثلا والتي نسبت إلى ابن دريد في أول مطلعها ثم بديع الزمان الهمذاني الذي أصَّل لها وجعل لها حدودا فنية ... ومنهم من أنكر هذا النسب حيث أرجعها إلى عصور الترجمة المتقدمة الحديثة وأسندها إلى الأدب الروسي ذي النشأة الأولى لهذا الفن على مشارف العصر الحديث وبعيدا عن التعنصر الأدبي والتأريخي , فإن القصة القصيرة بمفاهيمها الحديثة قد اعتمدت تقنية السرد كأداة تعبيرية رئيسة تفصلها عن بقية فنون القص العربية فإذا كانت تقنية الحكي في القصة الطويلة تعتمد على الشخوص في الأداء الدرامي للحدث وإذا كانت تقنية التمثيل في المسرحية تعتمد على الحوار والجملة المسرحية في الأداء الدرامي للحدث , فإن القصة القصيرة اعتمدت ومنذ لحظتها الأولى على تقنية السرد التي تتخذ من الراوي أداة لعرض تفاصيل الحدث الدرامي ؛ حيث يختفي الكاتب تماما خلف الراوي الذي يقوم بسرد الحدث الدرامي في تنام معتمدا الكثافة التعبيرية ووحدة العرض والمشهد ومنذ نشأة تقنية السرد وحتى يومنا هذا لم تستطع القصة القصيرة – مع تشعباتها الحديثة – أن تتخلص من أسلوب السرد وإن كانت قد نجحت في تطوير أسلوب السرد ذاته مع تطور الحقب الزمانية والمبتكرات الحضارية المتنوعة وإذا كنا هنا بصدد الحديث عن التقنيات الحديثة وأثرها في السرد القصصي فإنه لزام علينا أن نفرق بين أمرين غاية في الأهمية هما :
الأول تقنيات المنتج الحضاري ذاتها
الثاني أثر هذه التقنيات على أدوات السرد القصصي ودون الخوض في تفاصيل تلك التقنيات ذاتها – التي نلمسها وندركها جميعا – من مذياع لتلفاز لكمبيوتر لوسائل نشر ألكترونية تتطور بصورة مذهلة فإن أثر هذا المنتج الحضاري على أدوات السرد القصصي هو الأهم في بحثنا هذا حيث تمثل هذا الأثر في أمرين بالغي الخطورة هما :
(1) محاور التلقي (2) طريقة التلقي وعلاقتها بجمهور الأدب ( 1 ) محاور التلقي : وتتمثل في ثلاثة أمور هي : - لغة النص ومعطياته - خبرة المتلقي وذوقه الجمالي - صاحب النص ( 2 ) طريقة التلقي وعلاقتها بجمهور الأدب : وتتمثل في أمرين هما : - الفن الأدبي المسموع - الفن الأدبي المقروء
أولا أثر التقنيات الحديثة في محاور التلقي يتميز مفهوم التلقي أو جمالياته في حركات النقد العربي عنه في حركات النقد الأجنبي في أنه لم يرتبط لدى رواده بنزعات فلسفية عامة على نحو ما كان معروفا في فلسفة النقد اليوناني مثلا وهذا فيصل طبيعي بين أمه جعلت الفلسفة التجريدية غرامها الأول وأمة عزفت بتكوينها النفسي والاجتماعي عن المنازع الفلسفية , وبالنظر في مناهج النقد العربي نجد أن مفهوم التلقي فيها قد غلب عليها في التعامل مع النص بثلاثية التلقي ( النص – المتلقي – الأديب ) ومن هنا يتبادر السؤال ؛ كيف أثرت تقنيات المنتج الحضاري في ثلاثية التلقي ؟ تكمن الإجابة هنا في إمعان النظر في الأمور الثلاثة على النحو التالي :
أولا لغة النص ومعطياته :
مع ظهور مفهومي ( الحداثة ) و ( ما بعد الحداثة ) لم تعد لغة النص تمثل أهمية تذكر في مفهوم التلقي عند بعض النظريات الحديثة التي تعول على لغة الأسطورة والتجارب الرمزية اللاواعية حتى صار اتجاها يستهوي الكثيرين من رواد الحداثة الغربية والعربية على السواء , بل تحول هذا الاتجاه في أحوال كثيرة إلى حرب مناهضة لكل تفسير يعتمد فيه المفسر على لغة النص من مجازات وتشبيهات واستعارات ؛ فهم يرون اللغة عاجزة بكل معاييرها المجازية عن احتواء تجاربهم الرمزية ومن ثم فقد جدَّ أصحاب هذه المفاهيم في تطويع لغة النص لمفاهيم رمزية وأسطورية متكئين في هذا المنحى على طمس دلالات الكلمة في السياق والانفلات من معطيات اللغة بقصد التعتيم أو [ الإيهام بالعمق من خلال تمويه المعنى وإخفاء قرائنه ] وقد يكون في هذا الضرب من التلقي ما يتساوى مع النظريات الحديثة في قراءة النص ففي تلك النظريات لا يلقون بالا لما يريد صاحب النتاج الأدبي ولا يحسبون للغته حسابا , بل يتحول الاهتمام طبقا للمفاهيم الجديدة إلى مراد القارئ ورؤيته , ولكي نوضح هذا الأمر لنضرب مثلا لإحدى القصص القصيرة جدا للقاص د. ثروت عكاشة بعنوان ( ضعف ) " قالت في أسى : حين كان زوجي حيا .. لعنت ضعفه وقلة حيلته مرة واحدة .. ولعنت ضعفي وقلة حيلتي مئات المرات بعد موته " فبالنظر إلى لغة التلقي من منظور اللغة المباشرة للنص لا يعدو فهمنا مجرد ندم امرأة لوفاة زوجها وحنينها إليه ... ولكن بالتعويل على لغة الأسطورة والتجارب الرمزية اللاواعية والتحول بالاهتمام إلى مراد القارئ ورؤيته نستطيع أن نفتح دلالة القصة ونسمو بها إلى عالم الرمزية والنظر إليها على أنها قصة بلورية الوجوه ؛ فقد يراها البعض أمَّة تلوم نفسها على فقد زعيمها أو أهل ديانة نادمين على فقد نبيهم أو عاملين في مؤسسة يلومون أنفسهم على فقد ورحيل مديرهم .... إلى غير ذلك من وجوه تتقلب بحسب مراد القارئ ورؤيته
ثانيا خبرة المتلقي وذوقه الجمالي :
ربما خضعت فلسفة التلقي عند العرب وقبلهم اليونان لقاعدة بلاغية معروفة وهي ( مطابقة الكلام لمقتضى الحال ) ... وبوحي من هذه القاعدة توطدت علاقة النص بخبرة المتلقي وذوقه الجمالي وبوحي منها بنى أرسطو نظريته في العلاقات المسرحية حيث جعل النص المسرحي ملتزما بفكر الجمهور وثقافته مثيرا لدواعي الخوف والرحمة لدى المتلقي وهذا لا يتم إلا بتراسل المشاعر بين النص وجمهوره ومن ثم كان الجمهور مناط الحكم على النص وكاتبه وربما أبيح له أن يناقش الممثل على خشبة المسرح في بعض المسرحيات اليونانية والمتابع لتطور عصرنا يجد أن الجمهور قد تطورت حالته المزاجية والنفسية وخبرته المعرفية فأصبح الجمهور يميل إلى الذهنية والعمق العقلي مما دفع السرد القصصي إلى اعتماد هذا التطور ومسايرته .. ويتجلى ذلك واضحا في قصة ( السور يعلو لأسفل ) للقاص د. ثروت عكاشة حيث نجد تطويع السرد القصصي لخبرة الجمهور وذوقه الجمالي فالقاص في تلك القصة إنما يحاول أن يظهر تلك المتناقضات التي نعيشها في عالمنا وواقعنا المعاصر والذي يسعى الساعون إلى الحداثة فيه إلى هدم كل قديم لتشييد كل جديد وإنكار الأصالة أمام موجات المعاصرة وحين أراد أن يعرض ذلك استخدم أسلوب السرد الذي يتعاطى مع خبرة الجمهور وذوقه الجمالي حيث يصف المعاصرة بزلزال قوي ناجم عن قوة سبعة بمقياس ريختر وهو مقياس مستقر في خبرة الجمهور الآني المعرفية ناتج عن بناء سور جديد تتهدم أمامه القيم الأصيلة فوظف مقياس ريختر لخدمة رغبته في التعبير عن قوة الهزة مراعيا خبرة الجمهور المعرفية , كما راعي ذوق الجمهور الجمالي من حيث تجمع أفراد الأسرة انتظارا لدور الأم في تقديم الطعام وهو دور طالما ألفه ذوق الجمهور العربي عامة والمصري خاصة كما راعى ذوق الجمهور في المفارقة التي عرضها من حيث الموازنة بين الفقراء والأغنياء وكيف أن ارتفاع بناء الأغنياء يؤثر عكسيا في انهدام أبنية الفقراء التي لا تستطيع المقاومة وهذا الإحساس المسيطر على الجمهور المصري - خاصة - بأن ازدياد غنى الغنيِّ إنما هو علامة على ازدياد فقر الفقير وتهدم حياة الفقراء لحساب بناء حياة الأغنياء فتنهدم القيم والمبادئ مع انهدام حياة الفقراء
( السور يعلو إلى أسفل )
تضع الغداء أمامنا وهي متأففة كعادتها، شوحت ناظريّ بعيدا عنها عبر النافذة، نحو السور الجديد لمزرعة الكبار؛ كي لا أفقد شهيتي للطعام، وقبل أن أمد يدي وأطفالي.. راحت الأرض تهتز ، والأطباق القادمة ترتعش في يد زوجتي الحانقة، وأولادي يتمايلون ، وهم يصرخون.. صوت انكسار الأواني بالمطبخ، مع صوت مذيع الراديو يعلن أن مقياس "ريختر" يسجل سبع درجات ونصف..
الصراخ يعلو وينتشر، وصوت الارتطام والهدد يُسمَع بوضوح، الأتربة الكثيفة تتصاعد، وضوضاء مفزعة تعم الجميع.. تهرع زوجتي وأطفالي، وكل الجيران يتدافعون على السلَّم طمعا في النجاة.. أهمُّ بالوقوف مترنحا، أحاول السير تجاه الباب كي ألحق بهم، فلا أستطيع ، ألتفت إلى البلكونة، أخطو بضع خطوات.. أشعر بدوار، أستند بيد ٍإلى الحائط وبالأخرى على حافة السرير، تتطلع عيناي الزائغتان نحو السور، الحراس الواقفون على بوابته لا يزالون كما هم بلا حراكـ،، البناءون يعملون بجد، والسور يعلو ويعلو..
أقترب مترددا من حافة البلكونة، أرتمي مستندا على حافتها الحديدية.. زوجتي وأولادي والجيران يصرخون، يطالبونني بالنزول إلى الشارع؛ فلم يبق سواي بالمبنى القديم.. أتأملهم في ذهول ، والدوار يشتعل برأسي، يحاصرني لحظاتٍ ، ثم يهدأ ليحاصرني من جديد.. الطوب يتساقط من علوّ ، والصراخ يعلو .. وها هم الحراس يغادرون مسرعين، والبناءون يعملون بهمةٍ ونشاط، السور لم يزل يعلو .. ويعلو ..
زوجتي وأولادي والجيران يخبو صراخهم، يبتعدون ويبتعدون.. يتناثر الهدد أمام عينيَّ، وكل السكان غادروا المكان، يعاودني الدوار بشدة، وأحس برأسي ثقيل جدا، لا أقوى على الوقوف، أسقط وعيناي معلقتان بالسور البعيد، أراه يقترب ويقترب، لكنه يصغر ويصغر..
أغمض عينيّ.. يسّاقط السقف فوق رأسي، يمتزج الصراخ بالهدد، ويعلو السور رويدا، ثم يغوص إلى أسفل..!
( 3 ) صاحب النص :
استقر منذ أقدم عصور الفكر النقدي أن دراسة النص كانت - ولا تزال – تعتمد في أحوال كثيرة على المناهج التي تهتم بحياة الأديب وأحوال البيئة والعوامل التاريخية والنفسية التي يمكن أن يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر فيما تجود به قريحته من نتاج أدبي , وربما تحولت العلاقة بين النص وصاحبه – على هذا النحو – إلى نسب وثيق حتى استقر في سمع أجيال متعاقبة أن الأديب هو ابن بيئته وعصره وأن ما تجود به قريحته إنما هو مرآة تعكس مدى استجابته للمواقف النفسية التي تفرضها ظروف حياته ولهذا مضى النقاد والعلماء يصرحون بهذا النسب ويؤكدون اهتمامهم بهذا الجانب .. فقد روي عن ابن سلام الجُمَحِيِّ أنه سأل يونس النحوي " من أشعر الناس ؟ قال : لا أومئ إلى رجل بعينه ولكن أقول : امرؤ القيس إذا غضب والنابغة إذا رهب وزهير إذا رغب والأعشى إذا طرب " وبمتابعة هذا المبدأ على ما نحن فيه من تأثير التقنية الحديثة ومبتكراتها نجد أن القاص الأديب قد خرج من محدوديته وخصوصيته إلى مفاهيم العولمة تحت تأثير التقارب السريع والوثيق الذي أحدثته تلك التقنية الحديثة فلم تعد القرية – مثلا – بمفاهيمها ذات الخصوصية مصدر إلهام ومنهلا للأديب القاص بقدر ما أصبحت قيم العالم الجديد هي المصدر الأقوى وأصبحت حياة الأديب تتصل بالمفاهيم العالمية اللامحدودة بل أصبحت قاعدة انطلاقة ثقافة أهل الكرة الأرضية أكثر من ثقافة أهل قريته التي تمثل بيئته المحدودة وحين أنظر ‘لى أسلوب السرد القصصي عند د. ثروت عكاشة أجده – وهو ابن الريف – قد تخطى حدود بيئته الريفية المنغلقة إلى بيئة العولمة المنفتحة على كل آفاق الثقافات ومن المؤكد أن التقنيات الحديثة الممثلة في الفضاء الافتراضي عبر شبكة الإنترنت كانت السبب في خلق تلك البيئة الجديدة التي كسرت عنده حواجز البيئة المحدودة إلى بيئة العولمة الجديدة ويتجلى ذلك في قصته ( لقاء ) التي عبر فيها عن قيم العولمة متخطيا قيم القرية والبيئة الريفية التي نشأ فيها حيث المثالية إلى وهم الحضارة وكسر حدود القيم المثالية ذات الخصوصية فتلك المحبوبة الجميلة التي تقف على إحدى ضفتي الطريق تحاول العبور للحافة التي هو عليها فيتوهم أنها قادمة إليه فيتهيأ لاستقبالها من أجل استعادة ذكريات الحب القديم الذي فقده وحين تعبر يفتح ذراعيه ليتلقفها فيكتشف أنها قد عبرت لتتأبط ذراع الواقف خلفه وليس هو وأنه كان موهوما حين ظن أنها مازالت تحافظ على قيم المثالية وأنه لا يزال عالقا في وجدانها .. إنه يعبر في هذه القصة عن قيم الحب الجديدة المصاحبة للعولمة حيث المحبوبة تلون قلبها بحسب طبيعة الأحوال لا المحبوبة ذات القيم الشعورية الخصوصية الثابتة التي لا تتبدل مهما بدر من الحبيب .. وهنا سؤال يطرح نفسه ؛ ما الذي دفع القاص – وهو ابن البيئة الريفية ذات الخصوصية – إلى تبني قيم العولمة الجديدة حتى في الحب ؟ ... إنها تلك البيئة الجديدة التي نشرت ثقافتها حتى ألغت الخصوصية القيمية لتتحول إلى قيم أهل الكرة الرضية لا قيم البيئة الريفية , تلك البيئة التي فرضها ذلك العالم الجديد الذي تحول مع الثورة التكنولوجية إلى قرية صغيرة استعاض الكاتب بقيمها عن قيم القرية الجغرافية المحدودة ... ذلك العالم القرية الذي فرض قيمه الجديدة لتحل محل القيم المحلية
( لقاء ) أراها واقفة في الجانب المقابل تتلفت، وتهم بالعبور بين الزحام والسيارات المسرعة، تتسمر قدماي، وتغوص عيناي في باطن الأرض خجلاً، أنتظر عبورها إليّ، كنت متأكدا من لقائها، قطعاً سامحتني، ستأتي الآن مسرعة وترتمي بين ذراعيّ، إنها بحاجة إليّ، بالطبع تبحث عني، منذ دفعت لها تكاليف العملية، وتركتها في عيادة الطبيب مع صديقتها، وانصرفت..
نعم غيّرت أرقام هواتفي، وتركت الشقة التي شهدت أيامنا معاً، الآن.. سأصحبها لشقتي الجديدة الفاخرة.. ستعيش معي أسعد أيامها ولياليها، ستعود إليّ اليوم؛ ترجوني كي نعود كما كنَّا..!
أرفع رأسي، أرى ابتسامتها التي اعتدتها؛ فتتسع ابتسامتي، أهم إليها؛ فتقترب أكثر.. أفتح ذراعيّ، وأسارع بالاعتذار، تتسع ضحكتها، وتمرق بجانبي، لتتأبط ذراع الواقف خلفي، وتمضي..!
ثانيا أثر التقنية الحديثة في طريقة التلقي وعلاقتها بجمهور الأدب هناك طريقتان تقليديتان للتلقي لدى جمهور الأدب الأولى الطريقة السمعية الثانية الطريقة البصرية فهناك من الفنون ما يتم تلقيه من الجمهور بطريقة سمعية وكان على القاص الماهر أن يدرك الطريقة المثلى لعرض نتاجه الأدبي على الجمهور .. فلو افترضنا مثلا أن عشاق الفن الموسيقي فرضت عليهم التغيرات العالمية أن يستقبلوا هذا الفن مقروءا بدلا منه مسموعا , فماذا تكون الحال ؟ ولو تصورنا أن رساما قدم فنه إلى الجمهور معتمدا على الكلمة بدلا من الخطوط والألوان , فكيف تكون علاقته بالمتلقي ؟ أغلب الظن أن النتيجة الطبيعية لمثل هذه الطريقة هي أن يفقد الجمهور أسباب التواصل مع الفنان لأن الفن لم يقدم إليه باللغة التي تناسبه ومن ثم فإن هذه الطريقة لم تكن هي الطريقة المثلى للسرد القصصي في بداية نشأته وكانت الطريقة المسموعة الطريقة المثلى للفن الشعري أو فن الخطابة ... ولكن مع انتشار التقنية الحديثة ومسايرة القصة القصيرة لهذه التقنية فقد لجأت القصة القصيرة إلى أشكال جديدة كسرت بها الحدود الفاصلة بين طريقتي التلقي سواء المسموعة أو المقروءة – البصرية – فمع ظهور القصة القصيرة جدا أو قصة الومضة أصبح ممكنا للقصة القصيرة أن يتم تلقيها مسموعة إلى جانب أنها مقروءة حيث يمكن تلاوتها على جمهور فيتلقاها بسمعه قبل بصره ويتفاعل معها نتيجة التكثيف الشديد الذي لا يطيل التلاوة على المتلقي فيعايش دراما الحدث القصصي المعروض دون ملل أو تشتت ولنضرب مثلا بذلك لقصة ( ضعف ) للدكتور ثروت عكاشة
قالت في أسىً: حين كان زوجي حياً.. لعنت ضعفه وقلة حيلته مرة واحدة، ولعنت ضعفي وقلة حيلتي مئات المرات بعد موته..!
إننا حين نستمع إلى تلك الومضة القصصية متلوة علينا سوف ننجح في معايشتها بقوة كما لو كانت مقروءة بل ربما أشد عبد الله جمعة الإسكندرية – الخميس 15 – 11- 2012 | |
|
ابن يحي عبد القادر شاعر
الدولة : عدد الرسائل : 756 53 الهواية : قراءة الشعر العربي. نقاط : 814 تاريخ التسجيل : 15/11/2011 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: التقنيات الحديثة وأثرها في أسلوب السرد القصصي الخميس نوفمبر 22, 2012 1:00 pm | |
| الأستاذ عبد الله جمعة بارك الله فيك. *** وقد ذكرت جلَّ ما يغفله المبتدؤن ولسريالية كذلك النصيب الأكبر في التمويه و التخفي إلا لمن يعرف وتبقى لغتنا منجم تنقيب كل محترف. *** طاب لي مقالاك وإن لم أرد على الأول. | |
|