طريقة السرد

عندما اشرع فى كتابة قصة, يحيرنى موضوع السرد
هل من الافضل ان اكتبها على لسان بطلها . ام يتولى الشاهد السرد ؟

سؤالى : ماالأطر التى تحدد طريقة السرد ؟

أخي محمد
أعتقد أن من يحدد ذلك هو المبدع نفسه
فلا أحد يستطيع أن يفرض رأيا معينا على مبدع
و لكل لون مما قلت طعمه و مذاقه الخاص
و تبقى دربة المبدع و حنكته فى الكتابة
تقبل ود أخيك

استاذ /عاطف الجندى
تشرفت كثيرا بمرورك الكريم.

وتعقيبا على رد حضرتك : ربما ماتقوله صحيحا, لكن فى بعض القصص قد يتحول الابداع القصصى باختلاف طريقة السرد. لذا فلابد من من قاعدة ادبية تحدد هذا .

تقنيات السرد في القصة القصيرة متعددة وقد تم حصرها بقدر الإمكان في الأشكال التالية :

الراوي الخارجي : العليم الذي يروي لنا الأحداث بنظرة خارجية ويكون استخدام ضمير الغائب .

أسلوب الأنا : وضمير المتكلم .. حيث يكن البطل هو المتحدث غالباً أو يكون ضمن نسيج الأحداث بشكل أو بآخر ويقوم برواية الأحداث لنا ولكن من منظور شخصي يعتمد على الإطار السيكلوجي الذي تم تصميم الشخصية الساردة على أساسه .

أسلوب المخاطب ( انت ) : يقوم دائماً بمخاطبة القارئ مباشرة ووضعه مكان الشخصية الرئيسية ..

أسلوب الوثائق : ويتم عرض الأحداث إعتمادا على نص بعض الوثائق .. مثل تقرير طبيب شرعي ، محضر من الشرطة ، رسالة من شخص ما أو من مجهول ، فاتورة بيع .. وجرى إدخال بعض الوسائل الحديثة المواكبة للعصر مثل : نص دردشة على الإيميل ، محادثة في الهاتف المحمول ، إعلان تلفزيوني أو إذاعي ، أو ورقي ، .. إلخ .

بعد تفنيد الأساليب الثلاث وتحديد مهام كل منهم يمكنك حينها أن تقر أيهما ستصلح له قصتك إن حددت الغرض المطلوب توصيله من الأحداث ..

أولاً : أسلوب الراوي الخارجي : دائماً ما يفيد هذا الأسلوب في إعطاء حركة أكبر في الكتابة في التنقل بين أكثر من شخصية وفي إطلاق الصورة البصرية أكثر .. وفي معظم الأحيان ومع كتاب أقل خبرة بسبب المساحة اللامحدودة التي يتيحها هذا الأسلوب تنفلت خيوط الأحداث من تحت سيطرة الكاتب جرياً وراء المؤثرات البصرية فتنحرف مجمل الأحداث عن كونها قصة قصيرة .. ولذلك يفضل إستخدام هذا الأسلوب في الرواية أكثر وغالباً ما تكون الروايات يهذا الأسلوب كبيرة الحجم .

ثانياً : اسلوب المتكلم ( أنا ) : هذا الأسلوب يستخدم بكثرة في القصة القصيرة لأنه يحجم حركة الأحداث قليلاً ويحجم رواية الأحداث في رؤية واحدة وهي رؤية السارد الذي يكون ضمن نسيج الأحداث .. وهذا الأسلو ايضاً يلعب على الوجدان بشكل كبير لذا ترقى غالباً الأعمال المكوبة به إلى الشعرية .. ولعلك تلاحظ أن غالبية القصص أو الروايات التي تنتمي إلى الرومانتيكية بالذات تعتمد على هذا الأسلوب بشكل قوي .

ثالثاً : ضمير المخاطب ( أنت ) : بدأ استخدام هذا الأسلوب في الفترة الأخيرة بشكل واسع لأنه يقوم بوضع القارئ في المواقف والأحداث ويقحمه في لحظة الأزمة مباشرة .. وقد شاع ذلك للسخرية من الإنسان واعتلاء لهجة التهكم بسبب التهميش الذي نعانيه اليوم فصار كل فرد فرد وتفككت المجتمعا وسقطت الفضائل والأخلاق وشاعت الفوضى وعم الوجود كله العبث .. فشاع استخدام هذا الأسلوب إما للتهكم أو التحقير .

رابعاً : أسلوب الوثائق : هذا الأسلوب قليل الإستخدام للغاية في الرواية إلا أنه يستخدم بشكل أوسع قليلاً في القصة لأنه يعتمد على سرد التقارير الروتينية و الأوراق الرسمية مما يترتب عليه قتل التشويق و تدمير الصورة البصرية .. ومع ذلك فقد نجح هذا الأسلوب في عدة أعمال مثل : رواية ( دراكيولا ) لبرام ستوكر .

أظن بعد هذا العرض السريع لأشكال السرد في القصة وإستخداماتها فستستطيع تحديد أي الأساليب الأنسب ولا مانع طبعا في المزج بين شكلين أو أكثر بين أشكال السرد كما يحدث الآن كثيراً في القصص والروايات الحديثة .

ربما المزج أفضل بين أساليب القص و الحكي المختلفة في إطار العمل الواحد ففي هذا إثراء للكتابة ..و لنا في القرآن المثل الأعلي فمثلا تجد الله سبحانه يتكلم بصيغة الغائب عن ابراهيم و اسماعيل في لحظة بناء البيت ثم يلتفت في نفس المشهد إلي ابراهيم و اسماعيل و هما يدعوان الله
و لك في سورة يوسف المثال الأكمل لتآزر كل عناصر القصة و لذلك فقد سماها الله ( أحسن القصص )
و لمزيد من تفاصيل القصة القرآنية - و بالتالي أي قصة - يمكنك الرجوع لكتاب في ظلال القرآن للأستاذ سيد قطب و له كتاب جميل حول فن القصة في القرآن اسمه علي ما أتذكر ( التصوير الفني في القرآن الكريم )
( و لا تحسبنى من الإخوان المسلمين لأنني أختلف معهم في الكثير من أساليبهم و أفكارهم .. و لكن هذا علم لا أكثر و لا أقل )

أستاذي الفاضل أشكرك على مشاركتك .. لكنني أتحدث عن طرق السرد في القصة القصيرة التي هي في أصلها عمل أدبي .. لا يمكن أن نقارنها بكتاب سماوي مجيد .. سيدي القرآن الكريم حالة مختلفة تماماً فهو ليس قصة ولا شعر نثر كما قيل ولا هو أصلا عمل أدبي .. فكيف نربط بين هذا وذاك ؟ .. إذا أنت مصر على وجهة نظرك فأنت تدعوني لأن أكب قرآنا مثلاً وهذا أمر غير ممكن أصلاً .. ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) صدق الله العظيم .

محمد علام 92 كتب:

أستاذي الفاضل أشكرك على مشاركتك .. لكنني أتحدث عن طرق السرد في القصة القصيرة التي هي في أصلها عمل أدبي .. لا يمكن أن نقارنها بكتاب سماوي مجيد .. سيدي القرآن الكريم حالة مختلفة تماماً فهو ليس قصة ولا شعر نثر كما قيل ولا هو أصلا عمل أدبي .. فكيف نربط بين هذا وذاك ؟ .. إذا أنت مصر على وجهة نظرك فأنت تدعوني لأن أكب قرآنا مثلاً وهذا أمر غير ممكن أصلاً .. ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) صدق الله العظيم .

سيدي أعرف تماما ما تقول و أنا لا أدعوك لكتابة قرآن فلن يستطيع الانس و الجن علي أن يأتوا بمثل سورة من القرآن
أنا فقط أدعوك و أدعو نفسي للتعلم من أسلوب القرآن و بلاغته حتي إننا نجد في المكتبة العربية سفرا رائعا عنوانه ( الاقتباس من القرآن ) أظنه للثعالبي
فالقصة في القرآن أفضل قصة و أروعها ... و تنوع أساليبها مما يسحر الألباب
اوكي ما فيش مشاكل ممكن تقرأ كتب للدكتور علي الراعي مثلا عن فن الرواية أو للدكتور جابر عصفور و غيرهما الكثير
لك وافر التحية و الشكر علي رحابة صدرك

بالمناسبة لا يجوز أن تقول يا استاذ محمد علام لا يجوز أن تقول عن القرآن أنه حالة مختلفة كما قلت في ردك السابق

لماذا ؟ .. أو لست متفق معي بأن القرآن كإبداع إلهي مختلف تماماً عن أي إبداع بشري ؟

و الله العظيم انا معاك ... بس انت مش معايا
حاول تفهمني ببساطة أنا عاوز نتعلم من القرآن و من نماذج البلاغة العربية الخالدة
قرأت ذات يوم في مقدمة بن خلدون ما يأتي - و هو من الذاكرة - :
يقول هارون الرشيد لمعلم ولده : أقرئه القرآن و روّه من أشعار العرب و عرفه الأنساب و أيام العرب و ...و....

فقط نتعلم من القرآن و لا نقلده ... لأننا لن ببساطة لن نستطيع !!!!