المهر الأصيل

كتب أحمد عبد السميع قال :

لا تحزني يا أُماه
فأنا عَِشْقتُ اللهو قبل ان يُدْرِكُني الموت
خرجت يا أُماه يوم خرجت
أضحك ألعب أُغَرد
كأنني طفل بين ذراعيكِ أتدلل
تعانقيني تارة وتقذفيني أخرى
وكلاهما يا مولاتي يُسْعِدُنا
تعلمت منك يا أمُ كل شئ
علمت أن الرجل في عناق الأم صغير
وصدرك يا أمي وسادة حب وعطف وحياة
ولم أتعلم من مدرستك سوى شئ
لا تغضبي يا أُماه
فكل ما يُحْزِنُنِي في موتي حُزْنك لموتي
غُدِرَ بنا يا أُماه
وهذا ما كنْت أجْهله في الحياة الغدر يا أُماه
سفح جبل يأخذني أعلاه
رأيتُ أسْفَلهُ حياة
سأخبرك بما رأيْتُ يا أُماه

رأيْتُ أطفالاً يَبْكُونْ
ومما اشتهَت أنفسِهُم محرومون
أيتام فقراء يا أماه مُهْمَلين
بكيت حتى اهتز الجبل حزناً
وكاد أن يَخِرُ هَدْاًً
ورأيت أطفالاً يا أُمْ بالخيرات مُنَعَمون
وآبائهم مُسْرِفون
وبالأيتام لا يشعرون
وهذا منهج في الحياة
الغدر يا أماه
وفوق سفَْحِ جَبْلُ الحياة
رأيت يا أماه
نِساءُُ يتزاحَمون يسألون العاطي عطاياه
جياع يا أُماه
حتى إذا أخذوا عطايا العاطي
فرحوا وكانهم امتلكوا الحياة
فقراء يا أُمْ لا يملكون طعام يوم
مساكين لا حول لهم ولا أمر
وهذا منهج في الحياة
الغدر يا أماه
وفوق سَفْح جبل الحياة رأيت يا أماه
شيوخاً على عِصِيهُمْ يتوكؤن
يرفعون أيديهم إلى السماء
يسألون الله أن يرفع عنهم البلاء
ملامحهم يا أُم من ملامح السنين
لا مال ولا بنون لهم يا أماه
وهذا منهج في الحياة
الغدر يا أماه

وفوق سفح جبل الحياة
رأيت ما لا تصدقيه يا أماه
رجل فقير له صغار
مرض أحدهم والداء مميت
والدواء لا يقدر عليه سوى الأغنياء
ذهب الأب المسكين ليبيع من جسده شئ ثمين
حتى يشتري دواء الصغير
آآآآآآآآآه يا أماه
أتصدقين
وهذا منهج في الحياة الغدر يا أماه
وفوق سفح جبل الحياة
رأيت زوجان يا أماه يختصمان
وبينهم أطفال يصرخون يتضرعون جوعاً
اشتد الشجار بين الزوجان فإطلقا يا أماه
في طريق الجنون ذهب المسكين
والأم تبكي في ليلٍ حزين
والأطفال ضياع بين البكاء والجنون
وهذا منهج في الحياة الغدر يا أماه
وفوق سفح جبل الحياة بكيت يا أماه
على أطفال في الطرقات يتجولون
يبيعون الورود للعاشقين
يغنوا يا أماه
يبتسموا يضحكوا وهم يتألمون
إذا اشتهت أنفسهم الحلوى
لا يستطيعون شرائها
فلهم إخوة صغار ينتظرون الطعام
وأمهاتهم يبكون الحال
أطفال يا أُم لا يعرفون الّلهو
يطعمون أمهاتهم وإخوانهم الأيتام
وهذا منهج في الحياة الغدر يا أماه
وهذا ما كُنْتُ أجهله في الحياة الغدر يا .......
فكيف تأمني على وليدك القتل والغدر
وهناك أناس وأطفال يموتون في اليوم مئات المرات
غُدِرَ بي يا أُم كما غُدِرَ بهؤلاء القوم
فأنا قتلت يوم اللهو بخنجر سريع الموت
وهم فقراء جياع يموتون ببطئ
أزف الرحيل يا أم
فسفح الجبل يشتد عليه الحزن
وقبل رحيلي سأوصيكي بكلمات
أخبري بهن يا أماه
كل الآباء والأمهات الذين ماتوا أبنائهن يوم موتي
أوصيكم بالفقراء والمساكين
أوصيكم بالأيتام يا أماه
فكل هؤلاء يا أُم
نزل عليهم الغدر قبل أن ينزل بنا
فلا تحزني يا أماه .. لا تحزني يا أماه
جزء من كتاب ( المُهْر الأصيل )

تحياتى لك و لحرفك الجميل
أخى نور
تقبل خالص ودي
أيها الراقي

إنما هذا الثناء يستحقه من كاتبنا ... الأستاذ أحمد عبد السميع وهو من اكتشافاتي والحمد لله .. أشكرك أختي العزيزة علياء .. مودتي