القرصنة الأمريكية وصراع السلطة

معالجة الاخوان لهذه الفضيحة .. فضيحة هروب الأمريكيين الأربعة عشر قد تقربهم خطوة من المجلس العسكرى، ولكنها بالقطع ستبعدهم خطوات عن الشارع، وستطيح بآمال ملايين المصريين الذين كانوا يحلمون ببرلمان قوى مستقل يواجه سيطرة اصحاب المصالح عليه.أما الكارثة الحقيقية فى المعالجة الإخوانية للأزمة، فهى أنها تورط السلطة التشريعية فى هذه الفضيحة، التى مست فى الصميم استقلالية السلطتين التنفيذية والقضائية، فبتجاهل البرلمان لاستدعاء المشير طنطاوى أو الفريق عنان مثلا لاستجوابهما حول دور المجلس فى السماح بسفر المتهمين الأمريكيين، فإن البرلمان يكون قد دق المسمار الأخير فى نعش الدولة نفسها فى مصر، التى لم تطح هذه الفضيحة بهيبتها فقط ولكنها أطاحت بوجودها نفسه بالمعنى القانونى والدستورى، وجعلتنا كما لو كنا إحدى «جمهوريات الموز» ،وهو الاصطلاح السياسى الذى يطلق على سبيل السخرية، على دول تتميز بالفساد وكثرة الانقلابات وتحكم أقلية ثرية فى كل قراراتها بدون رقيب ولا حسيب.
وما حدث سيحسب للرئيس أوباما وهو مقبل على انتخابات رئاسية في أمريكا ... استطاع تحرير الأمريكيين من يد العدالة المصرية ، إنه بذلك سوف تزداد أسهمة في الانتخابات المقبلة وكأنه يقول عياناً بياناً أنا والطوفان من بعدي ... ذلك الطوفان الذي يعم الشارع المصري الآن ولم ندرْ بعد من المتورط في هذا الأمر ... أمر تحرير الأمريكيين الأربعة عشر أو اختطافهم في عملية قرصنة أمريكية ...
ثم تظاهرات فئوية هنا وهناك ... بور سعيد تنادي بالاستقلال عن الوطن والنقل العام يضرب عن العمل !! يشعر البورسعيدية بالظلم الواقع عليهم من القرارات التي اتخذت ضدهم من جراء الأحداث الكروية الأخيرة وموظفي النقل العام ينادون برفع أجورهم في وقت عصيب بالنسبة للوطن ... تظاهرات على استحياء وقت انعقاد مجلسي الشعب والشورى لاختيار أعضاء يقومون بإنشاء دستور جديد وعددهم مائة ... ماذا يطالب هؤلاء وماذا يريدون على وجه التحديد ... لا ندري بعد ... الغلاء يصيب الجميع بدهشة ولم يدر الشعب ماذا يفعل سوى القول ربنا يسلم من الأيام القادمة ولا تحدث ثورة جياع تأكل معها الأخضر واليابس ...
نصل أخيراً إلى مرحلة فارقة من عمر مصرنا المنكوب نكبة ما بعدها نكبة ... تطاحن بين قوى إسلامية وليبرالية وثورية في عملية الترشح لرئاسة مصر ... أبو أسماعيل يتعثر بفعل فاعل ومحبيه كثيرون شعبيته جارفة لا يمكن تجاهلها ... الإنذار تلو الآخر من محبيه بحرق مصر في حال استبعاده عن سدة الحكم بظروف أصبحت مواتيه له تماماً ... ثم عمرو موسى الذي يعتبر امتداداً للنظام السابق ... له هو الآخر شعبية بمستوى أبو إسماعيل أو أقل قليلاً يدعون أن رئيسهم لابد وأن يكون محنك مارس السلطة قبل ذلك ليرد عليه الآخرون أنه صنع سياسياً في عهد النظام السابق الذي أذاق الجميع ويلات الفقر والاضطهاد النفسي والفكري ...( جزء من كتاب سنة ثانية ثورة )