(حالة قبضْ )
حسن حجازي حسن/ مصر
///////////
دخل علينا المكتب بلباسهِ الميري العتيقْ , بلونهِ البني المحروق من شمسِ الصيفْ رغم أن الشتاء على وشك أن يلفظَ آخر أنفاسه , فنحنُ ما زلنا في أواخر مارس من عام 2012 م ,حاملاً بندقيتهُ التي ندركُ جميعاً أنها خاوية من أي رصاصْ . وقفً جواره الغفير بجلبابهِ الرصاصي الباهتْ والبالطو الكاكي اللون وبندقيته العتيقة , معلقة على كتفه برباطها الذي يتحدي ثقلها الظاهر ومرارة الأيام .
نظرَ الجميعُ تجاهه في اهتمام , غافلين عن الموظفين الذين يتوافدون فرادى للتوقيع في دفتر الحضور والإنصراف , انتظرنا أن يتكلم ويفصح عن سبب قدومه ولم يخيبْ ظننا طويلاً عندما قال :
- جئتُ ...جئتُ للقبضْ !
- للقبضْ ؟!
نظرنا لبعضنا البعض ودارت الكلمة داخلنا جميعاً بسرعة مذهلة وانتظرنا لعلهُ يكمل فلم يفعلْ .
فبادره أحدنا :
القبضْ .. على إيه ؟! –
قال أحدنا :
- لعلهُ متهمٌ يريدُ القبضَ عليه !
فبادره الآخر مازحاً :
لعلهُ عزرائيل جاء للقبض على روح أحدنا ! -
فَردَ الرجلُ مسرعاً :
- يا اخوانا القبض ... الفلوس .. مستحاقتي المالية عن أعمال الامتحانات أين الخزينة ؟!؟!
فابتسمنا جميعاُ وقام صاحبنا مسرعاً ليدلهُ على مكان الخزينة لكنهُ أكملَ مسرعاً :
- يا اخوانا الشرطة هذه الأيام لا تقبض على أحد , نحن نبعد عن الشر ونغني له !
أشفقنا عليه وتذكرت المئات من رجال الشرطة الذين يبذلون أرواحهم رخيصة في سبيل المحروسة ويتساقطون في مواجهة الخارجين عن القانون دون كلمة شكر من أحد , شانهم شأن أبطال قواتنا المسلحة الذين ضحوا بأرواحهم في ساحات الشرف حباً في تراب المحروسة التي أصبحت تفرقُ بين أبنائها التي ربما نحتسبهم جميعاً عند الله من الشهداء !