(1)
أبداً سألوّن أشعاري ..!
مضى زمنُ الأشعار التي ترصف كالجدارْ
تُنظم في قوالب من أصدافٍ أو محارْ
يُلقيها الشاعر في سوق عكاظْ
لا أقصد في ذلك قطع جذوري أو طمس تراثي
فأنا عربيٌ أعتزّ بتاريخي وبما صنع الأجدادْ
أعتزّ بكلّ تراثٍ صنعوهُ ، وكلّ أصيل فعلوهْ
كم شاعر ، كم عالم ، منهم خلّد أمجاد العربِ ؟!
لكنْ هل يعني هذا أن أتقوقعَ ..
أغلق كلَّ الأبواب عليْ ؟!
لا أفتح شرفاتي .. صدري ،
للضوءِ القادم من أيّ مكانْ ..!
أن لا أركب ( أعلى خيلي )،أعبر أمدية الكونِ ..
وأترك بصماتي في كلِّ زمانْ ..؟!
أبداً : سألوّن أشعاري .. أُشعل فيها الريحْ ..
أقدحها من صخرٍ .. أعزفها من بحرٍ ، لا فرقَ ..
سأرسم ألواني بالكلمات لأبدع فيها لوحة فني
أقتنص اللحظاتْ .. أتخطى كلَّ الخُطواتْ ..
أخرج مما فاتَ إلى ما هو آتْ ..
في العشق : أغرّد ، أسبح ..
لا أدعُ اللحظة تهرب مني
في الحب : أجدّد أشعاري ..
وأموسقها بالإيقاعات السحريةِ ..
أرسمها وألوّنها .. ثم أغنّي ..
في الحزنِ : أوفّر دمعي ..
لا أذرفه إلا إن كان يُخفّف نار الحُرقة عني ..
في الحرب : أخوض غمار الأعداءِ .. أقضّ مضاجعهمْ
وأضحي من أجل الوطن الغالي في كلّ نفيسْ ..
أتباهى بالوطنيةْ ..فالشعر فروسيةْ ..
أبداً : سألوّن أشعاري ..
أُسكن فيها الأمر َ,الخمر ، السحرْ ..
أتخطى الأوزان ..الإيقاعات ..
وإن شئتُ أعودُ إليها لا فرّقَ ..
فقلب الشاعر في النجوى يخترق الأرجاءْ
وروح الشاعر تسمو فوق الأشياءْ
فلنغزل بالإحساس قصائدنا ..
ولنجدل من كلّ خيوط الضوء ، الليل ،
الظلّ ، ضفائرَ شعرٍ تتدلّى ..
فالشاعر إن لوّن ، شكّل ، نوّعَ .. أبدعَ .. في الرسمِ ..
وفي الحلم ، وفي الخوف , وفي الوهمْ ..
جاءتْ جلّ قصائده لا أجمل .. لا أحلى .!
أبداً :فالزمن تبدّل .. والكون تجمّل .. والفنّ تلوّن ..
فعلينا أن نتبادل أيَّ حوارٍ .. لا نخشى الآخرَ ..
ما دمنا نملك ما يجعلنا نتمسّك بمبادئنا .. بحضارتنا ..
نعطي الآخرَ .. نأخذ منه لا فرقَ ..
لنبنيَ صرحاً عربياً ..
نقفُ على القمة كالنسر .. لنقترب من الشمسْ ..
ما كان الشاعر إلا الصحوةُ .. إلا المحنةُ .. إلا......
ما كان الشاعر لولا الصرخةُ ..
لولا الثورةُ في وجه الريحِ ..
الموج .. السيْل .. الليلْ ..
فلترسم كلمات الشاعر بالوجدان وبالألوانِ ..
ليقتحم المجهولَ .. ليطبع بصمات الشعر من السحرِ ..
ويسبق كلَّ الُخطواتِ ..
ليخرج مما فاتَ إلى ما هو آتْ ..
فالشاعر إن لم يبدع , يرسم لوحات الماضي ..
والحاضر.. والمستقبلْ .. يتخطى الكلماتْ ..
فلنقرأ فاتحة الغفران عليه معاً .. فالشاعر ماتْ .
م