في كل مرة كنت أفكر في استقبال ضيف لهذا الكرسى .. أجد شئ ما يحدث يلفت انتباه الرأى العام .. ويشغل الكل به .. ومن ثم يصبح هذا الكرسى مهملاً لفترة ما .. حتى تهدأ الأوضاع وأفكر في استقبال ضيفاً أجد ما حدث يتكرر ، حتى اليوم .. هناك الكثير من الأحداث تشغلنا عن هذا الركن .. ولكن وجدتني اذا انتظرت فلن أفعل شيئاً أبداً ولذلك فكرت في تنشيطه عن طريق وضع حوار كنت أجريته مع الشاعر محمود بطوش و نشرته بالجرنال بتاريخ 1 سبتمبر الماضي ، وارجو أن يكون بداية لتنشيط كرسى الاعتراف ..
**محمود بطوش أحد أعضاء مجلس ادارة اتحاد كتاب مصر ، شاعر وناقد ، ينتمي لجيل الثمانينيات ، له العديد من الدواوين منها " رغم إني مش فاكر اسمه ، ونور بينطفى بالتدريج ، والكام سنة اللى عشناهم " وحاصل على جائزة هيئة قصور الثقافة وجائزة مجلة أخبار الأدب في الشعر .
** ما تفسيرك لغياب الساحة الأدبية من النقد الآن ؟
ــ غياب النقد أسبابه سياسية بالدرجة الأولى ، والسلطة الثقافية في مصر تعمل على ابراز موضوع النخبة ، بمعنى أن من يريد الاهتمام بالثقافة سلطة سياسية ، وهذا التفكيرجعل هناك أعمالاً أدبية كثيرة يتم نشرها مع عدم وجود نقاد يبدون أرائهم في هذه الأعمال ، حتى وإن من يقول رايه من النقاد هم قلائل .. وبالإضافة إلى احساس غريب بداخل الأدباء لا يستطيعون التخلص منه وهو أن الأديب عندما يقال له أن هناك ناقد سوف يبدى رأيه في أعمالك الأدبية نجده يخاف من ذلك ، حتى وإن كانت أعماله جيدة .. هذا ونجد أنه في الفترة الماضية كان في كوارث بوزارة الثقافة والإبداع والفن والنقد ..
* هل غياب النقد يشجع على ظهور أعمال أدبية دون المستوى ؟
ــ لا أعتقد ذلك لأن عملية النقد تتم بعد طبع الكتاب ونشره .. وبالتالى يصبح رأى الناقد تحصيل حاصل بالنسبة للكاتب .. ولذلك أقترح أن تتم عمليه النقد لكل عمل أدبي قبل نشره .. ويتم نشر التحليل أو الدراسة النقدية مع العمل حتى يتمكن القارئ العادى من تقييم العمل الأدبي الذى يقرأه
* هل المبدع يتقبل النقد ويأخذ به أم لا ؟
ــ هناك مبدعون يكتفون برأيهم فقط .. وهناك مبدعون يذهبون بأنفسهم إلى النقاد لأخذ أرائهم فيما يكتبون من أعمال أدبية .. ولكنى أرى أن المبدع نفسه هو أكثر شخص يعرف أين نقاط الضعف والقوة في عمله .. فالمبدع هو الناقد الأول لكتاباته.. ومن ناحية أخرى فإن الإبداع نفسه في حالة نقد للواقع والمجتمع ، لكن بطريقة نثرية أو مسرحية أو غيرها ، وأرى أنه يجب بعد ثورة 25 يناير أن نضع كل شئ في مكانه الصحيح .. لأن هناك البعض يجاملون الأعمال الأدبية لأغراض ما .. ولكن أكثر شئ يضر الكاتب هى المجاملة ..
* مارأيك حول خلاف اللغة في الأعمال النثرية ؟
ـإن موضوع الفصحى والعامية هو موضوع شائك وكبير جدا ولا يجب أن نعطى حكم عام أو مطلق ونطبقه على كل الأعمال ..فكل عمل له لغته التى تفرض نفسها .. فهناك قصة لا يمكن أن تكتب سوى بالعامية .. وهناك قصة أخرى لا يمكن أن يكتب فيها سطراً واحداً بالعامية .. وهذا يرجع إلى العمل نفسه .
* هل ترى أن اللغة العربية تتراجع ؟
ــ لا شك أن اللغة العربية تعاني أزمة كبيرة جداً .. فهى أولاً يتم تدريسها خطأ ، حيث إن أزمتها تنحصر في التعليم والثقافة .. ولكن على الرغم من ذلك فأنى أرى أنها لن تمحى .. فهى محفوظة لا محالة .. لأن القرأن نزل باللغة العربية .. ثم إن الشعر أيضاً هو مصدراً لحفظ اللغة .. وهى موجودة بوجود الإنسان العربي ..
* ما رؤيتك للأدب العربي في مقابل الأدب الغربي ؟
ــ إن الكتاب الشباب والأجيال الجديدة جعلت الأدب العربي موجوداً على الخريطة العالمية .. ويعتبر وصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل قد فتح بوابة كبيرة جداً ليتواجد فيها الأدب المصرى والعربي على الخريطة العالمية .. ولكنها فكرة كيفية التواصل .. وكيف يقرأنا الغرب .. وهذا بالطبع هو دور الترجمة وتوصيل الأمور إلى درجة من التفاعل بحيث يستطيع الغب قراءة الأدب العربي ..
* هل ترى أن التراث العربي يتراجع أم مازال موجوداً بيننا ؟
ــ لا يوجد جديد إلا وله قديم .. فالكاتب لابد له قبل أن يكتب أن يعود لتراثه ويقرأه ، فإذا كان يكتب القصة فلابد أن يعرف تاريخها وأشهر كتابها " حتى يعرف راسه من رجليه" وكذلك في المسرح وغيره .. فيجب أن يطلع على تاريخ الأدب ، وأدب التاريخ .. لأن الأدب هو مصدر هام للتاريخ .. فنحن قد نعرف تاريخ الثورة الفرنسية كلها إذا قرأنها رواية مثل "قصة مدينتين" لأن الفن هو أساس لكتابة تاريخ آى بلد والسجل الحقيقى للتاريخ.. وليس كالتاريخ السردي الذى تكتبه السلطة ..
* وهل ترى أن تجسيد الأديب للتاريخ في رواية أو مسرحية يلتزم بالمصداقية التاريخية في الكتابة ، أم يوظفونها حسب السياق الدرامي ؟
ـ هناك سؤالاً هاماً . وهو كيف نتعامل مع التاريخ ؟ فهل ننقله كما هو كوقائع تاريخية ووثائق .. أم نضفره مع اللحظة الحالية ونكتب التاريخ بشكل سردي ورمزي أو غير مباشر ؟ فهذه هى فكرة التوظيف التى ترجع لقدرة الكاتب .. فالفن يستطيع أن يفعل المستحيل ..