أيهما أذكى ؟


<table align="left" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0" width="66"><tr><td align="center"></td></tr></table>كشف لنا علم ما قبل التاريخ عن وجود الإنسان علي أرض مصر منذ ما قبل بداية العصر الحجري القديم‏,‏ أي قبل مليون سنة‏.‏ وقد عثر الباحثون علي أدوات مصنوعة من الظران الحجر الصوان المهذب ثم المصقول‏,‏ كان يستخدمها المصري القديم‏,‏ خاصة في الصيد‏.‏ أما العالم الفرنسي أرسلان الذي حضر إلي مصر عام‏1868,‏ فقد عثر في الهضبة التي تشرف علي وادي الملوك بالأقصر علي مصنع عظيم للنطران يرجع عهده إلي العصر الحجري القديم‏(‏ الباليوليتي‏).‏ كما كشف الدكتور سند فورد مدير مساحة المعهد الشرقي عن وجود أسلحة من الظران كان يستخدمها الصيادون في منطقة بالصحراء الجنوبية تبعد عن نهر النيل بألف ميل أو أكثر‏,‏ وأوضح الرجل أن هذه الأسلحة قد استخدمها أصحابها منذ مئات الآلاف من السنين‏.‏ والظران نوع من الحجارة تمكن الإنسان المصري من تشكيلها أي تصنيعها بصورة تلبي احتياجاته‏,‏ ومن الأدوات التي صنعها السكاكين والحراب‏.‏ أي أن الإنسان المصري في العصر الحجري القديم الذي قال العلماء إنه بدأ منذ مليون نسمة‏,‏ كان قد انتقل من مرحلة بدائية إلي مرحلة استخدام آلات صنعها من الحجارة بعدها انتقل لصناعتها من الخشب‏.‏ خلال هذا العصر كان الإنسان جامعا للقوت الطعام أي يأكل مما هو موجود من الثمار والنباتات بالإضافة إلي ما يتمكن من صيده من الحيوانات‏.‏ وفيما بعد‏,‏ تحول ليصبح منتجا للقوت‏,‏ وبذلك حقق للبشرية نقلة جذرية علي طريق التطور‏.‏ وكان نجاحه في استنبات بعض النباتات البرية أول خطوة علي طريق التحول إلي الزراعة التي ألزمته بالاستقرار بجوار حفله لرعايته‏.‏ والزراعة موشر رئيسي علي توصله لمجموعة هائلة من المعلومات التي لا يمكن ممارسة الزراعة بدونها‏,‏ وهذه المعلومات أو فلنقل هذه العلوم ترتبط بالسيطرة علي مياه النيل واستخدامها في الري بجانب الاعتماد علي الأمطار‏.‏ ومثل هذه العلوم المرتبطة بالنيل وهندسة الري وشق الترع والقنوات ومواسم الفيضان تعد خطوة كبيرة تمكن هذا الإنسان من انجازها‏.‏ وإلي جانب هذه العلوم‏,‏ هناك علوم أخري مرتبطة بالبذور ومواعيد البذار والمحاصيل الزراعية ومواسم زرعها ونضجها وأساليب رعايتها وجمعها والاستفادة منها وتخزينها وغير ذلك من مصارف‏.‏ وهذه الخطوة اقتضت تحويل المستنقعات وأحراش البردي إلي أراضي صالحة للزراعة‏.‏ أي أن المصري القديم تمكن من تحويل الأرض التي يقيم عليها إلي جنة خضراء‏.‏ وذلك انجاز هائل لا يقل أبدا عن بناء الأهرام‏.‏ والاستقرار في منطقة من الأرض بجوار الحقل‏,‏ يعني تكوين تجمعات سكانية‏,‏ أي بدأ الصياد القديم والراعي فيما بعد إلي الاستقرار في مجتمع عندما تحول إلي فلاح يزرع أرضه‏.‏ وهذا المجتمع نما فيما بعد من مجرد تجمع لعدد محدود من البشر إلي تجمع أكبر أخذ شكل القرية ثم المدينة ثم تطور إلي ماهو أكبر وأكثر اتساعا وتنظيما لتشكل إقليم فمملكة فاتحاد الممالك الجنوبية معا‏,‏ وكذلك الممالك الشمالية‏,‏ ثم مملكة واحدة تكونت من مملكتي الجنوب والشمال علي يد مينا عام‏3425‏ ق‏.‏م‏.‏ ومن الزراعة‏,‏ انتقل إلي مرحلة تصنيع بعض المنتجات من النباتات‏,‏ واستخدام الطين في صناعة أوان لحفظ حاجياته‏.‏ وكان منطقيا وهو يتمتع بهذه القدرات علي المعرفة والتطور أن يتوصل إلي كيفية الطهي وتحضير الطعام‏,‏ بعدها عرف صناعة الحلوي‏.‏ وعندما كان المصري‏,‏ يودع العصر الحجري القديم‏,‏ ويستقبل العصريين الحجريين المتوسط والحديث‏,‏ كان قد ارتقي بنسبة لا بأس بها علي مدارج المدنية‏.‏ وخلال العصر المتوسط‏,‏ عرف أدوات الزينة‏.‏ وفي العصر الحجري الحديث‏,‏ عرف الحياة في قري صغيرة‏,‏ وعرف الملابس‏,‏ وبدأ يدفن موتاه في قبور‏,‏ ويصنع بعض التماثيل‏.‏ وعند الانتقال إلي عصر المعادن‏,‏ استأنس الحيوانات‏,‏ ثم اخترع الكتابة‏,‏ التي أكد المؤرخون أنها أقدم نظام كتابي في العالم‏,‏ وبذلك سيطر علي طريق التقدم الطويل نحو الحضارة‏.‏ ويقول جيمس هنري برستيد في كتابه فجر الضمير المصريون وأجدادهم هم أقدم مجتمع عظيم علي الأرض‏,‏ فقد استطاعوا أن يضمنوا لأنفسهم غذاء ثابتا باستئناس الموارد البرية من نبات وحيوان‏.‏ وقادهم تغلبهم علي المعادن فيما بعد واختراعهم لأقدم نظام كتابي إلي السيطرة علي طريق التقدم الطويل نحو الحضارة‏.‏ ثم يقول‏:‏ ومن حول نهر النيل‏,‏ أقام المصريون حضارة غير مسبوقة‏,‏ ولا تضاهيها حضارة أخري‏.‏ ولا يمكن القول إنها عبقرية نهر النيل‏,‏ فالعالم ملئ بالأنهار‏,‏ وكم من أنهار بالعالم‏,‏ ومع ذلك لم تتمكن الشعوب الموجودة من حولها في إنشاء حضارة مماثلة باستثناءات في الصين وأرض الرافدين‏.‏ والعبقرية هنا للبشر لا للعوامل الجغرافية‏.‏ ولم يكن لسكان وادي النيل في عصر ما قبل التاريخ أجداد متحضرون يرثون عنهم ثقافتهم‏.‏ ولكن خبراتهم أخذت في التعمق‏,‏ وازداد أفقهم اتساعا‏,‏ وهكذا تمكن هؤلاء الصيادون السذج أصحاب المساكن الصغيرة المصنوعة من الطين‏,‏ والاخصاص المصنوعة من الخوص من التحول إلي مجتمع عظيم‏,‏ يسيطر عليه رجال ذوو خيال واسع‏,‏ وأصحاب آمال ضخمة‏,‏ وبكل الحرية التي امتلكوها والقدرة علي تحرير عقولهم من أغلال التقاليد للانطلاق نحو المستقبل من إعمار تلك البقاع التي كانت غابات يوما ما‏,‏ ومأوي للوحوش‏,‏ ولم يكتفوا بذلك‏,‏ بل أدركوا المعني السامي لقيم الأشياء الاجتماعية والأخلاق والابتعاد عن الأنانية‏,‏ فانبثق علي أرضهم فجر الضمير الذي لم ينبثق علي العالم من قبل‏.‏ وكان الانعدام التام للفوارق الاجتماعية أمام القانون من أرقي مظاهر الحضارة المصرية‏.‏ ومثل هذا لم يكن معروفا مكان آخر أو حضارة أخري‏.‏ ويواصل برستيد قائلا‏:‏ في ذلك الوقت كانت أوروبا لاتزال تعيش في همجية العصر الحجري‏,‏ وبعد قرون من التطور والمدنية بدأت الحضارات تبرز علي أرض وادي النيل‏,‏ ومنها حضارة نقادة الأولي والثانية والفيوم ومرمدة بني سلامة التي اكتشفها الباحثون علي حافة الدلتا الغربية‏(4400‏ ق‏.‏م‏)‏ وحرزة والمعادي والبداري‏.‏ أي أن الحضارات ظهرت في شمال وجنوب الوادي في توقيت متقارب‏.‏ وإذا ما توقفنا أمام حضارة مرمدة بني سلامة كنموذج لحضارات الشمال‏,‏ فسنجد أن سكانها كانوا يلبسون ملابس من الكتان بعد غزله‏,‏ أما النساء فعرفن الكحل كما تحلين بعقود من المحار وخواتم من العظم وحلقان من العاج‏.‏ وبالنسبة للبداري كنموذج من الجنوب‏,‏ فقد كان الرجال يعنون بمظهرهم الخارجي‏,‏ ويحلقون لحاهم‏,‏ ويضعون الطواقي‏,‏ فوق رءوسهم‏,‏ كما عرفوا الملابس الكتانية والصوفية وتلك المصنوعة من الجلود‏,‏ وبما يعني أنهم تمكنوا من حرفة دباغة الجلود‏,‏ وكانوا يضعون حول أعناقهم وأيديهم عقودا وأساور من حبات الفيروز المزججة والعقيقي والكوارتز وقشر بيض النعام‏.‏ كما استخدمت النساء الكحل وأحمر الشفاه‏.‏ وعرفت كل من حضارات الشمال والجنوب صناعة الفخار والسلاح‏.‏ وفوق هذه الأرض لم يشرق فجر الضمير فقط‏,‏ بل أدرك الناس وجود خالق وأن هناك بعد الموت بعثا وحسابا‏.‏ لقد صنع المصري نموذجه وطوره وفقا لظروفه‏.‏ وإذا كان المصري مدينا لأحد بحضارته وتفرده وعبقريته وابحاثه وضميره‏,‏ فهو مدين لنفسه فقط‏,‏ فالمصري لم يرث علمه وعبقريته إلا عن أبيه وجده الذي عاش في وادي النيل‏,‏ وهم الذين جعلوا من النيل نهرا لحضارة لا نظير لها‏.

» أيهما تفضل قلمك ام لسانك ؟
» شاهد أذكى طفل فى العالم و هو مصرى
» عليكوا السلام يا أذكى رسول
» أيهما أنت ...ياأبى؟
» إلى أمـــــــي " أيهما حقاً لا أدري"