ماذا كتب الدكتور هدارة عن المهندس الشاعر محمود ضيف الفحام
كتب الدكتور محمد مصطفي هدارة -رحمه الله- و هو من علماء اللغة الأفذاذ
كتب هذه المقدمة النقدية البليغة , كتبها كمقدمة لديوان الشاعر محمود ضيف الفحام ( و أداعب أوتار الكلمات ) المطبوع ستة 1994 و توجد نسخة منه بمكتبة الاسكندرية
كتب الدكتور هدارة يقول :
من خلال الظلمة التي تكتنف حياة الشعر العربي المعاصر يبرز هذا الديوان أخاذا بشكله و مضمونه بعيدا عن الهشاشة و الغثاثة , بريئا من غموض الدلالة و طغيان المجاز المريض , و تعثر اللغة السقيمة و الإيقاع.
إن الشاعر المهندس محمود ضيف الفحام الذي جاء ترتيبه الأول في مسابقة الشعر هذا العام يعي جيدا ما يواجه الشعر من عبث و إخلال فهو يقول :
الشعر أصبح كالغريب بداره لله در قصائد قالوها
ما بال قافيتي يجف رحيقها هلا علي العوادقد صلبوها
هي قد تسامت أن تدين بدينهم فإذا هم تبا لهم شنقوها
وهو في اعتماده على تراث الشعر العربي , لغة حية ناصعة الدلالة , و ايقاع منتظما يغترف من بحور الشعر و قوافيه , يبعد تماما عن نمطية التقليد و يعبر عن ذات انسان القرن العشرين و عن الوجود في الزمن المعاصر
برغم ادعاء المروجين لزيف الشعر الحديث بتخلف كل من ارتبط بتراث الشعر العربي في عناصره التي يرتكز عليها , يقول الشاعر :
يا شعر ما لك تستضيف شواردا حمقاء تهدم ثابت الاركان
قالوا عن الفصحي رموز تخلف يا ويح مصروع يصير الجاني
إن الشاعر يقدم في هذا الديوان ترنيمة حب ، مشبوبة العاطفة , مستثارة الوجدان و هو يحس في جمال من يهواها أسرا و لكنه يستعذب هذا الأسر :
عيونك قررت أسري وأنا أقبل الأسرا
و يعبر الفعل( قررت ) عن العزم و التصميم اللذين تمتلكهما العينان الجميلتان فتوظفان أسلحة السحر للوقوع في الأسر .
كذلك يرى الشاعر في الحب عبادة و صلاة , و تتضح هذه الرؤية في مواضع مختلفة من شعره , يقول :
وأعرف أن الغرام صلاة و ما كنت قلبي بالمارق
و يقول في قصيدة أخري :
ماذا أخمر من عيونك تسكب إني ثملت و قد حواني معبد
و يقول في قصيدة ثالثة :
صليت في محراب حبك عابدا و ذرفت فيه تبتلي و خشوعي
و برغم هذا التعبد للحسن الذي يشي بالسمو و التجرد نجد الشاعر مغرقا في الحسية , يترشف خمر المحاسن في تؤدة الشغوف بها , العاكف عليها .....
تم الجزء الاول من دراسة الدكتور هدارة حول ديوان ( و أداعب أوتار الكلمات ) للشاعر المهندس محمود ضيف الفحام....
إلي لقاء في الجزء الثاني إن شاء الله