مملكة شرم الشيخ

عندما أرغم الرئيس ذى الثمانين عاماً على ترك الحكم...ملئت الإحتفالات أرجاء البلاد..
ورحل الرئيس وتم عزله فى مدينة شرم الشيخ مع أسرته وحاشيته المقربه..
وبدا للثواروللكثير من أبناء الوطن أن الطريق أصبح ممهداَ للحريه وإستعادة الكرامه..
وبدئوا يفكرون و يخططون لصنع وطن جديد متحضر لهم ولأبنائهم..
قرروا أن يتحملوا لفتره ويبذلوا مجهوداً مضاعفاً لبناء بلدهم من جديد..
إتخذوا هذا الأمر واجباً وطنياً وإلتزاماً دينياً..
ولكن لسبب ما..أصاب جزءاً أخر من الناس حاله غير مفهومه من الذعر و الإرتباك عند رحيل الرئيس..
بعض منهم صرح بأنه لم يعد يشعر بالإستقرار..
و اخرين بكوا كالثكالى مطالبين بعودة الرئيس..
و جماعه أخري من الأغنياء أعلنوا أن ثرواتهم ستضيع بعد رحيل الرئيس..
و أجمعت هذه الالاف القليله من الشعب أن الحياه لن تطيب من دون حكم الرئيس..
بل لعلها تكون مستحيله..
وهنا تشكلت الفكره..
أليس الراغبين فى حكم الرئيس جزء من الشعب؟
و لا يطيقون الحياه من دونه..
إذن فلم لا يذهبوا إليه فى شرم الشيخ؟
لماذا لا يذهبوا هناك ليستكملوا حياتهم المستقره..التى لن يوفرها سوى حكم الرئيس الرشيد..
بل لماذا لا نعطيهم المدينه كلها ليعيشوا فيها هانئين تحت حكم الرئيس و عائلته كما يرغبون..
أليسوا مواطنين هم أيضاً؟
هكذا كانت الفكره التى تبناها أحد قيادات حزب الرئيس السابق..
و بشكل ما وافق عليها الجيش و الشعب بسرعه كأنهم يريدون الخلاص من هذا العبء..
و بدأ التنفيذ..
إنتقلت جحافل من المواطنين إلى شرم الشيخ بعد أن أعلن بعضاً من رجال الأعمال المقربين للرئيس توفير مساكن لهم..
و أعلنوا أيضاً عن توفير وظائف للمنتقلين فى شركاتهم..
وهو ما أغرى مواطنين كانوا معارضين.
فإنضموا للنازحين..
وبدئوا مع عائلاتهم فى إستوطان المدينه..
وظهرت وجوه مألوفه من فنانين وكتاب و حتى دعاة دينيين يدعون للهجره لشرم الشيخ..
و إنشاء مجتمع الإستقرار..
والفكر الجديد..
وبعثت مؤسسة الرئاسه السابقه مره أخرى فى شرم الشيخ..
و فى أكبر الميادين تجمع المؤيدون باللألاف فى إنتظار الظهور الأول للرئيس و نجله..
و عند ظهوره على المنصه..إنتابتهم الدهشه للحظات قليله..
عندما تبدى الرئيس مرتدياً عباءه ذهبيه طويله..
وعلى رأسه تاجاً..و فى يده صولجاناً..
و لحقه إبنه فى ثياب شبيهه وتاج أصغر على رأسه..
و مالبثت أن تحولت دهشتهم إلى حماس و فرحه..
حين أذاع الرئيس قراره الأول بتحويل شرم الشيخ إلى مملكه..
نصب نفسه عليها ملكاً..و نجله سيكون ولياُ للعهد..
أليس هذا هو كل المراد؟
أليس هذا هو الإستقرار الذى أتيتم من أجله؟
تعالت هتافات المبايعه و التأييد المطلق..
ودفع الحماس أحد المسئولين الكبار أن ينهار باكياً ويقبل يد الملك مراراّ..
و كان القرار الثانى عزلهم عن بقية العالم ووسائل إعلامه تماماً درئاً لأى فتنه قد تدمرهم..
أشاد المواطنون بحراره..
و عادوا راضين إلى ديارهم و أعمالهم..
و لم يشعروا بالضيق حين تحرى عنهم جهاز الأمن الملكى قبل تعيينهم..
أو حين ترددت أخبار عن إختفاء البعض و تعذيبهم..
فهذا يدل على يقظة ألأمن..
فلا أحد يرغب فى تكرار ما حدث..
إتفق الشعب ضمنياً على عدم ظهور معارضه..
لمنع حدوث مظاهرات ..
و بالتالى لا يحدث أى ترويع لهم أو إنشغال عن أعمالهم..
و على هذا الحال مضت الحياه بهم..
يعملون فى نوعين من الأعمال فقط لا غير..
فى البلاط الملكى والمؤسسات التابعه له..
وفى شركات ومصانع رجال الملك..
كانوا سعداء..
يأكلون..ويشربون..
ينامون..ويتناسلون..
ينجبون و يعلموا أبنائهم الولاء المطلق للملك و أسرته..
و تجنب الفتن..
و أن يسيروا جنب الحيط..
و لحكمه أرادها الله وحده..
مد الله فى عمر الملك.. حتى تجاوز المائه و الأربعين عاماً..
ضمر وجهه و لم يعد ظاهرا من رأسه سوى تاجه..
وتقزم جسده وغاص فى عبائته..
وبعد إنتهاء أحد الخطب الملكيه التى قالها بصوت يكاد يكون غير مسموع..
عادت الدهشه لتصيب الجماهير المتجمعين أمام منصة الرئيس..
حين وجدوا رئيس تحرير الصحيفه الملكيه..
يسجد سجدتين أمام الملك و يتمتم ببعض العبارات ناظراً له بخشوع..
لم تفهم الناس الأمر إلا حين خرج عليهم مفتى المملكه..
ليصرح بجواز إظهار الإمتنان للملك فى صورة صلاه قصيره..
ففخامته تجسد فيه العدل والرحمه و الحكمه و الشده..
أتعرفون إلهاً لا تتجسد فيه هذه الصفات؟
إذن زيدوا من صلاتكم و إجعلوها فى اليوم خمساّ..
عله يشملكم برحمته..
سمع الناس عن بعض المعترضين على هذا الأمر..
لكنهم لم يروهم فقد تولى أمرهم الأمن..
لتستمر الحياه مستقره ولاينقطع الطعام والشراب..
إختلفت الصلوات و دور العباده شكلاً ومضموناً منذ ذلك الحين..
لم يعد الملك يظهر على الملء أبداً..
ولكن إسمه أصبح مفرد الرهبه و الجلاله..
تولى نجله شؤون المملكه..
والعباد..
كان عندما تروق له فتاه من المستمعين لخطبه..يرسلها زوجها أو أهلها إلى البلاط الملكى فخورين..
ألغى الكتب المقدسه وإصطنع كتاباً تسير على قواعده الناس..
فى بلاد الإستقرار..
تداول الناس الكتاب و حفظوا مقاطعه..
أصبحت كل مناهج المدارس و الجامعات تدور حوله..
فكر بعض من أبناء الجيل الجديد أن هناك شيئاً ما خطأ..
و ما إن باحوا بذلك حتى قتلوا..
لا..ليس من الأمن..
بل من ذويهم..
فلا أحد يتحمل وجود مثير للفتن فى بيته..
فمعنى هذا جحيم الملك ولا شئ غيره..
لكنهم كانوا سعداء..
يأكلون..ويشربون..
ينامون..ويتناسلون..
و يسبحون للملك..
ومع مرورالسنين.. بدأت أمورغير معتاده فى الحدوث..
فقد بعض من الناس النطق لسبب ما..وإن طالت ألسنتهم..
البعض الأخر نبت له ذيولاً تدلت من مؤخراتهم..
و أخرين نبت لهم قروناً فى رؤوسهم..
شاهت وجوههم وتشوهت وحنت ظهورهم..
إختلفت طرق تكاثرهم وولد جيلاً لا يمت بصله للبشر..
و لكن على الرغم من صغر حجم أمخاخهم..
كانت الفكره مزروعه بالداخل..
كالغريزه..
فكانوا يذهبون من تلقاء أنفسهم لقصر الملك الذى لم يره أحد منذ عقود..
يذهبون ماشين..قافزين..زاحفين..
منحنيين..
و يتحلّقون حول القصر يؤدون الصلاه..
ثم يعودوا إلى منازلهم..
إلى جحورهم و أوكارهم..
ليستكملوا الحياه و هم سعداء..
و يأكلون..ويشربون..
و ينامون..ويتناسلون..
و يتذكرون ضاحكين..تراثاً خرافياً وأساطير..
عن بلاد بعيده.. بعيده.. لا يعرف الناس فيها ملكاً..

عمرو صلاح
2011

أخى عمرو
تحية لك على هذا النبض الجميل
و مرحبا بك مشاركا و أخا كريما
تشترك القصة فى المسابقة
بناء على طلبك
دمت بخير

أشكر لكم إهتمامكم ويشرفنى الإنضمام لهذا المنتدى الثقافى الرائع..

الشاعرالكبيرالأستاذعادل سند؛؛
تسعدنى إشادتكم كثيرا وأتمنى دائماًأن أقدم أعمالاً ذات مستوى يسعدكم وكذلك لأستفيد دائما من نقدكم البناء..
لك منى كل الموده والتقدير..

الشاعر الكبيرالأستاذ/عاطف الجندى؛؛
أشكر لك إهتمامك و نقدك و سوف اعمل على إصلاح الأخطاء النحويه فى أقرب فرصه..
مع كل الشكر و الإحترام

جميل أستاذ عمرو
معالجة جميلة لواقع شرم الشيخ و الذى
تحول بقدرة قادر الى ملجأ للصوص البلد

أشكرك يا أ/ إيمان؛؛
بالفعل هى صوره تخيلتها لكل من يريد التخلى عن حقه فى الحريه و يتمنى البقاء بجوار الظالمين واللصوص

شكراً لكم

الاستاذ القاص عمرو صلاح فكرة جديده فللوهلة الاولى اعتقدت انى امام التلفاز اشاهد نشرة الاخبار وسرعان ما ادركت انلاى امام نص ادبي من ارقى ما يكون

تحياتى

الأستاذه الشاعره دعاء العطار أشكرك كثيراً و يسعدنى إعجابك بالقصه..