الثورة المضادة

من منكم له أي قريب أو صديق في أي شركة أو مؤسسة حكومية سيعلم أن هناك ثورات واعتصامات مستمرة ضد مدير الشركة أو المؤسسة أو بسبب طلبات مشروعة لزيادة الاجور أو تثبيت العمال.

ما ستسمعه من صديقك أو قريبك أنه سيقول: إننا بمجرد الإتصال بالمسئولين فإن الاستجابة تأتي بسرعة شديدة ويتم تنفيذ مطالبنا فوراً.

يبدو هذا رائعاً. الفساد يتم استئصاله من جذوره في أسرع وقت. ولكن للأمر وجهة نظر أخرى قد تبدو غريبة ولكنها تستحق الاهتمام الشديد.

وانتبهوا للآتي فهو جد خطير

كلنا صار يعلم مصطلح الثورة المضادة ونكاد نحفظ أساليبها. ولكن هناك أسلوب للثورة المضادة يكاد يكون هو أخطرها ولم ينتبه له أحد حتى الآن.

هذا الإسلوب يهدف إلى القضاء على الأعداد الكبيرة للثوار وتقليص عدد المتظاهرين جداً – لبضعة آلاف - مما يصرف الناس عنها تماماً وتمر دون أن يشعر أحد بها.

كيف يتم هذا؟

بسرعة تلبية المطالب الفئوية. تثبيت العمال، تنحية مدير مستشفى، رفع الأجور نوعاً. وغيرها

كل هذا يجعل الفئة الرئيسية للشعب لا ترى أي سبب للثورة. فلماذا يثور العامل وقد تحققت مطالبة وتم تثبيته وطُرد مديره وزاد أجره. لماذا يتظاهر من جديد. وهو للأسف لا يستطيع أن يتخيل بأن حقه في هذا البلد أكبر من مجرد وظيفة وراتب ضئيل. سيرد عليك عندما تتحدث معه عن بقية مطالب الثورة من إلغاء قانون الطواريء وإزالة حكومة شفيق وغيرها قائلاً: أعطوا الجيش فرصة.

يتزامن هذا مع لهجة الجيش "الوديعة" التي تحرص على مخاطبة عاطفة الشعب المصري.

من شاهد منكم لقاء قيادات الجيش مع منى الشاذلي في العاشرة مساءً سيجد هذه اللهجة طاغية على الحديث. فعندما تقول قيادات الجيش: أعطونا فرصة وسنفعل كل ما تريدون. فإن هذا يجعل العامل البسيط يخلي عقله من مسئولية يشعر أنها أكبر منه حجماً. ما دخله هو وتعديل الدستور وإلغاء الطواريء.

فحديث كهذا من القيادات العليا للقوات المسلحة هو حديث موجه فقط لعامة الشعب، الذين ثاروا من الظلم والفقر. فإن أنا أزلت عنك الظلم وقليل من الفقر وطلبت منك أن تهدأ وتستريح. فماذا ستفعل؟ بالطبع ستنادي بأن دعوهم يعملون في صمت. مع أن حديث كهذا من القيادة العليا للقوات المسلحة يمثل كارثة في إدارة الدولة. كيف تريد من الشعب في هذه المرحلة الحرجة أن يترك لك الحبل على الغارب تفعل ما تريد. لسنا أطفالاً لنبتهج بحديثك شاعرين بزوال الهم وبوجود "بابا" الذي سينتقم ممن ضربني. ولكن وكما قلنا، هذا حديث موجه للمواطن البسيط الذي بثورته وصلت الأعداد لملايين. والذي لو قرر الإنسحاب فإن أعداد المتظاهرين ستصل لبضعة آلاف.

يأخذنا هذا لنقطة أخرى، وهي

الإصرار العجيب للجيش المصري على فض أي اعتصام في ميدان التحرير

ما الضرر من تواجد ألفي شخص في الميدان ليلاً؟ ما القلق الذي يسببه هذا التواجد الآمن للجيش؟ وما سر كل هذا الغضب والضرب بالعصي الكهربائية؟ شاهدت فيديو على اليوتيوب يضرب فيه ضابط جيش متظاهر بقوة توحي بانفلات أعصاب غير معقول. لماذا كل هذا؟

حجة حظر التجول كوميدية، لأن الجيش تنازل عنها في اليوم التالي وسمح للمتظاهرين بالمبيت. أما تصريح المتحدث باسم القوات المسلحة عن ضبط ثمانية من البلطجية ضمن المتظاهرين فقد عكس تناقضاً صارخاً بين أفعال الجيش وتصرفاته. لأنه في الليلة التالية سمح الجيش للمعتصمين بالمبيت في الميدان. ثم لما بدأ موعد حظر التجول انسحب الجيش مع الشرطة العسكرية من الميدان تاركاً المعتصمين وحدهم.

السؤال عندها: لو كان تصريح الجيش صادقاً من تخوفه من فوضى يشعلها البلطجية؟ فلماذا ترك المعتصمين وحدهم في هذه الليلة دون أي حماية من البلطجية المزعومين؟ مادمت تقول أنك تريد حمايتي فلتحمني إذن. ولكنهم تركوا الميدان ورحلوا.

السر إذن أكبر من مجرد خوف من الفوضى. السر يكمن في صرف الانتباه عن أي محاولة لتنبيه البسطاء عن حقيقة ما يجري. لو حدث اعتصام في التحرير فإن الناس ستسأل ماذا يجري بالضبط؟ وقد يؤدي هذا لعودة الثورة مرة أخرى. وهذا ما لا يريده النظام السابق المتمثل في بعض قيادات الجيش.

ما يؤكد ما أقول هو قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعمل صفحة له على الفيسبوك ينشر فيها بياناته. نعم تبدو خطوة "بروح شبابية وتواصل بديع". ولكن نشر المجلس الأعلى لبياناته على الفيسبوك تزامن مع عدم الاهتمام الإعلامي بهذه البيانات وخصوصاً على التلفزيون. بمعنى آخر، عرض البيانات على التلفزيون ستؤدي إلى انتباه البسطاء لما يحدث. لماذا هذا البيان؟ ماذا تم؟. لكن عرضها عل ىالفيسبوك سيجعلها تذهب فقط في اتجاه الشباب الفاهم الذي هو من الأساس سيعتصم في الميدان ولكن عدده لا يصل لمظاهرة مليونية.

سر قلة العدد نوعاً في جمعة التطهير هي أن قيادات الجيش استطاعت أن تصرف انتباه البسطاء عن الثورة عن طريق استجابة سريعة لبعض المطالب الفئوية الصغيرة وبتقليل الإهتمام الإعلامي بالمظاهرات. والنقطة الأخيرة تفسر لنا حرص الجيش على بقاء قيادات الإعلام في مكانها مع التضحية بكبش فداء أو اثنين مثل أنس الفقي الذي صار ورقة محروقة.

السؤال: لماذا يحاول الجيش الإلتفاف على الثورة؟

الإجابة الواضحة والصريحة هي: لأن الكثير من قيادات الجيش هي من فلول النظام السابق. والنظام السابق يعلم جيداً أن التطهير الشامل يعني النهاية. هل من الممكن فتح ملفات الثروة المالية للمشير طنطاوي؟ لماذا لم نسمع حتى الآن عن أي تحقيق في ثروات بعض قيادات الجيش؟

ثم الضغط الخارجي لا يجب إغفاله. بالتأكيد الولايات المتحدة واسرائيل لا تقفان في مقاعد المتفرجين، بل تقفان في الكواليس في محاولات مستمرة لبقاء النظام السابق. لا استبعد محاولات إغراء لا محدودة بالمال والسلطة. لا استبعد أي شيء. لأن وصول مصر للديمقراطية الحقيقية وتطهيرها الشامل من الفساد يعني نهاية اسرائيل بكل تأكيد.

ولهذا، يبدو بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة حول علمه بالثورة المضادة بياناً هزلياً. كيف يؤكد علمه بالثورة المضادة بينما محاولات دس الفتنة الطائفية في مصر تزداد اشتعالاً كل يوم. ما هو موقف الجيش العظيم في هذا الأمر. وماذا فعل الجيش إزاء الإتفاق بين وزير الأوقاف ومحمد حسان على فتح مسجد النور أكبر مساجد القاهرة للداعية "السلفي" الذي بلا شك سيتحدث أمام الأعداد الغفيرة عن المادة الثانية من الدستور.

ما هو موقف الجيش إذن من الثورة المضادة؟ هل يتصدى لها فعلا كما يقول.

كما قلنا من قبل. لا شيء في بيانات الجيش غير كلام اجوف مفاده أن "اطمئنوا أنا سأتصرف" " الحل معي بالعصا السحرية". أما أي كلام عن حديث فعلي وخطوات ملموسة فهو غير موجود بالمرة.

ما الحل؟

الشواهد وماوراء الأخبار يؤكدون أن الجيش لن يستطيع أبداً أن يقف في مواجهة الشعب. لأن الجيش المصري جيش قائم على التجنيد الإجباري وغير قائم على المال. بمعنى أنه ليس كجيش الجزائر يأخذ أموالاً ضخمة كل شهر ليبقي الولاء للنظام. هذه الميزة هي أعظم ما تملكه الثورة. فالجيش لن يضرب المتظاهرين لأن أول أمر بالضرب سيؤدي لإنقسام الجيش من داخله، وربما يتم محاصرة القيادات الفاسدة وعزلها من قبل القيادات الأصغر. وما تردد كثيراً هو أن الأوامر في القيادة العليا كانت تقتضى ضرب المتظاهرين ولكن بوادر الإنقسام ظهرت سريعاً فأعلن الجيش رفضه ضرب المتظاهرين.

ولهذا وقف الجيش على الحياد وترك المتظاهرين تسيل دماؤهم يوم أربعاء الرماد. لأنه كان يعلم أن تدخله ضد المتظاهرين سيحدث إنقساماً رهيباً في صفوفه، وتدخله ضد النظام أمر مستبعد لأنه يدين بالولاء له.

لهذا، فالاستماع لمن يحذرنا من تدخل الجيش وعدم إغضابه وإحداث الوقيعة بينه وبين الشعب هو أمر لا صحة له، لأن الضغط المستمر على الجيش في صالح الشعب لأنه سيجبر الجيش إما أن يكون معنا أو ضدنا. ولو قرر أن يكون ضدنا فإن قياداته الفاسدة ستحفر قبرها بيدها.

ولهذا، فالحل يكمن في خطوتين:

الاولى: هي "الإعلام" المستمر بضرورة استمرار المظاهرات والضغط الشديد على الجيش. والإعلام هنا لا يقتصر على الفيسبوك بل يستهدف في الأساس الفئة التي لا يصل لها الفيسبوك. اشرحوا للأهل والأصدقاء والجيران خطورة ما يدبر ضدهم. من أجل الحفاظ على أعداد الثوار التي هي وسيلة الضغط الوحيدة لدينا.

الثانية: أن يكون لمجلس ائتلاف الثورة منبر إعلامي، يستمر في توضيح الصورة الحقيقية للناس. ما يدور في اجتماعاته مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ويكون صوته قوى وعالي وفاضح إذا ما شعر بأي مؤامرة.

هاتان الخطوتان مع حتمية استمرار المظاهرات المليونية هم السبيل لممارسة الضغط المستمر على القوات المسلحة، مما يجعلها – مجبرة – تقوم بتنفيذ كافة المطالب المشروعة للشعب المصري. فالضغط وحده على القوات المسلحة هو القادر على إحباط الثورة المضادة.
منقووول

كلام تمام فعلا وبتهيالى الكل خد باله من الثورة المضادة وبيتكلم عنها وعن مخاطرها

والحمد لله كلنا ثقة فى رجال جيشنا فهم على وعى ودراية

وفى النهاية لا نملك غير الدعاء لله سبحانه ان يمن على مصر بالامن والامان وتعدى الايام بكل خير, وصبرا اهل مصر

مشكورشاعرنا القدير استاذ /حسام

نقل موفق لحضرتك
احترامى وتقديرى اخى

سعيدة جدا بنقولك هذا استاذ حسام

لما به من شرح وافى لما يحدث بالفعل

وياريت كلنا منستسلمش

عشان دى حياتنا مش ناقصه نهب تانى

دمت بحب

اخى العزيز الشاعر

حسام خليل

ارى ان كثرة الضغط تولد الانفجار .

وهنا إيحاءات ارجو ان اكون قد فهمتها خطأ .

وهى الضغط على الجيش حتى آخر نفس . والإطمئنان بأن

الجيش لن يستخدم معنا القوه .

هنا لابد من تدخل العقلانيه لنجاح الثوره . ونحن بطبعنا شعب

يريد كل شيء فى اقصر وقت . وهذا لن يتحقق إلا بمعجزه

حالياّ تعمل الهيئة العليا للقوات المسلحه على تحقيق مطالب الثوره

بكل طاقتها . حتى تُظهر للشعب انها معه وليس ضده .

ولكن نترك لها الفرصه والوقت حتى تستطيع التغيير المرجو .

{ إلا فى ما يخص المباديء التى قامت عليها الثوره .}

وها قد بدت نتائجه العظيمه . وزراء فى السجون . تجميد ارصدة

من كنا نستبعد ان يتحدث عنهم احد . رجال منعوا من السفر رهن

التحقيق . اشياء كثيره اسعدت المجتمع المصرى كاملاّ .

اخى حسام ليس من الضروره استعمال الضغط فى الوقت الحالى

إلا بعد ظهور نتائج المرحله الاولى من التحقيقات .

وإلا سوف تأتى نتائج عكسيه نحن فى غنى عنها فى الوقت الراهن

هذا الموضوع يطول الحديث فيه . ولكن ..

يكفى ان اقول نحن انتقلنا لمرحله كنا نحلم بها .

فالحمد لله على النجاح النادر الذى حققته الثوره .

اشكرك على لمحتك الجميله فى هذا المنقول .

مودتى وتحيتى ..

» الثورة دى جـِدّتى..!!.،تواصل مع الثورة دى بنتنا لمحمود جمعه
» ايران والصواريخ المضادة للسفن الحربية
» ياريتك فار- مهداه للثورة المضادة - طارق منيب
» بعد الثورة ( صباح الثورة )
» زمن الثورة