المقامة الخضرية.. في حديث الزوجية= محمد خضر الشريف

المقامة الخضرية في حديث الزوجية !!
يكتبها: محمد خضر الشريف
مقدمة
تعتبر المقامة لونا من ألوان الأدب النثري الذي تتميز به لغتنا العربية الخالدة، والمقامة هي فن يعتمد على السجع في عباراته، والتكثيف في فكرته، والإطناب في توصيل رسالته. تشتمل كما يقول الحريري: "على جد القول وهزله، ورقيق اللفظ وجزله، وغرر البيان ودرره، وملح الأدب ونوادره.
وأرى أنا أن المقامة تتمميز بأنها نوع من القصة الذي يتفوق عليها بالحبكة الفنية واستخدام الأسلوب الأجمل وانتقاء اللفظ الأشد تأثيرا وهي عتبة لايتجاوزها إلا القليل النادر ممن له علم باللغة واسرار مبناها ومعناها، وقد تفوق فيها ، وألم بجوانب فنية وأسالبب لغوية عالية راقية تمكنه من السير في قصته، وتكتنفها القصص والحكياات والأحاديث والآيات والأشعار والأنثار المسجوعة والمحبوكة فنيا .
وقد بز فيها الحريري وترك لنا في مقاماته ثروة لغوية ضخمة ولاننسى أيضا بديع الزمان الهمذاني الذي أضاف رصيدا طيبا وكبيرا لهذا ا لفن العربي الجميل.
ومن وحي هذا كتبت المقامة الخضرية في حديث عن الزوجية وهي مقامة افتعلها موقف زوجة مع زوجها بسبب كتابة مقال غزلي بعض الشيء يسمى" حديث الروح" ونشر في هذا المنتدى وإليكم نص تلك المقامة الخضرية ..
استوقفني الكثير ممن لهم معرفة بالسطور، وسألني البشير منهم قبل النذير: من صاحبة "حديث الروح"؟ التي ذكرت في كل سطر من سطورها الروح، وكأن قلبك يومها مجروح، بل مذبوح، فقد بحت بما لم يبح به صاحب روح، تجيء في الدنيا وتروح..
وبما أن التنكير هنا مطلوب؛ والتغميم في حديث الروح مرغوب، فالنكرة تعني التعميم، كما يقول أهل البلاغة من الأقدمين، فقد جنحت إليه، وجعلت حديثي كله منصبا عليه.. إلا أن الأسئلة التي جائتي تسوم، وحول رأسي تطن وتحوم، وفي بحر لجي من الشك تسبح وتعوم، وهي مزمجرة تقعد وتقوم - خاصة من الست "حرمنا المصون"- وزوجتي الرؤوم، التي تركت المنتدى بأبوابه، وأعضائه ورواده، وماكتبته فيه، وفي غيره، من قصائد ذات شهره، ومقالات تترى، وقصص وأشعار، وخواطر وأنثار، أخذت مني ساعات طويلة في الليل والنهار، تركت كل ذلك وتشبثت بـ " حديث الروح"، وقالت بلسان حالها:" ياروح مابعدك روح"..

وبأدبها الجم، بالهمس لا باللمس، وبالفم لا بالدم، وأخلاقها الدمثة، وهمساتها المونسة، حامت حول الموضوع، وفتحت خريطة المشروع، وراحت وغدت، وذهبت وأتت ، وخرجت ورجعت، وقالت وزادت، فلم يكن ثمة بد من كشف الحقيقة، وإفشاء سري لو بالقفز من فوق سور الحديقة، والقضاء على التنكير المقصود، والجنوح إلى التعريف المشهود، فقلت لها - صادقا حالفا- والله ماكتبت إلا فيكِ، يوم أن هاتفتني وأنت مسافرة، وعني وبيتي مغادرة، وقد شعرت في كلامك انشغالك عليَّ وتوصيتك لنفسي علىَّ، بأن آخذ بالي من نفسي، وأصون بالتغذية جسدي وحسي، والشهر - كما تعلمين -رمضان، وشهرنا شهر صيام، وماتعودنا الفراق في كل الأعوام ، فكيف في رمضان ؟ شهر المحبة والوئام، واجتماع العائلة على السفرة والمُدام، وملأ البطون بلذائد الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام، والخلوة بالذكر والقرآن مع رب الأنام، أبعد ذلك تظنين أنها كتبت في غيرك يامدام؟!

ومن وحي ذلك كتبت"حديث الروح" والشاهد على ذلك ابنك البكر "أيمن"ذو الوجه الصبوح، الذي شهد ميلاد الخاطرة، وكأنني ساعتها في درس مذاكرة.. فارتاحت نفسها، وقر قرارها، ورجعت روحها الحائرة ، ونفسها السادرة، إلى مستقرها الجسدي، بعد لئي ولؤي، فور أن كشفت لها اللثام، وفسرت ماقلته من حلو الكلام، وأكدت قولي أنه فيها هي - لاغير- ولو كان في غيرها لقلته ولا ضير، مؤكدا أنه فيك يابنت الأشراف الكرام ، وليس في بقية النسوان..
وهذه شهادتي أمامكم يا إخوان ويا أبناء وبنات الكرام..إن حسبتموها من مبدأ" الجبن سيد الاخلاق"، فهذا ظنكم، والأخلاق أرزاق، وإن حسبتموها من باب "الاعتراف بالحق فضيلة"، فتحسب لكم - والله - فضيلة، وإن اعتبرتموها من باب " إرجاع الحق لأهله"، فأنتم لذلك أهله، ولاتنسوا أن " كل امريء بما كسب رهين".. وأن المرء لما يكتبه ويقوله عند الله سجين، فإن كان شرا فالجحيم مثواه، وان كان خيرا فالجنة مأواه.

إن خير ماكتب المرء بيديه، ولايحاسبه الله عليه ، أن يقول الكلام العذب في شريكة حياته، وأم أبنائه وبناته، وصنو روحه، لباسها ولباسه، تكاد تقبل من فرط حبها له نعله ومداسه، المقتسمة معه فراشه ولحافه، المجدفة معه في قارب حياته، للوصول إلى شاطئ الأمان، في صبر وإيمان، والصابرة على لأواء الدنيا وغدرها، ومرها وظلامها، وعذابها، المانحة حبها وكرمها في ود الدنيا وحلوها وعطائها، فهي تعطي إن منعت السماء غيثها، وترضى أن جادت الأرض بقحطها، وتضحك للدنيا وهي تعطينا ظهرها، وتزهد إن أفنقت علينا الدنيا بمعسول مالها وعذبها ونعيمها..
فلله درها من زوج حنون، صبور رؤوم، متعها الله بالصحة والعافية، وجعلها لزوجها وأهلها وأبنائها كالشمس للدنيا ضياء وعافية، وكالقمر لبيتها أنوارا سارية.

ولكم وللجميع خالص الود- يا أعضاء منتدى الحب والود- إليكم جميعا التحية و الإكرام، وعاطر الكلام و السلام ، أن قرأتم تلك المقامة الخضرية، وصبرتم على حديث الزوجية.. وأنا مافعلت ذلك إلا لتفيدوا من المواقف، وتقدروا السوالف، وتجتبوا التوالف، وتحذروا شر مايؤذيكم، ويعكر عليكم صفو حياتكم وبيوتكم ونواديكم.. والسلام ختام على أهل "منتدى عاطف الجندي" الكرام.[/color]

رابط خواطر" حديث الروح" في المنتدى هو:

https://elgendy.ahladalil.com/t14538-topic

كتب الدكتور أشرف السيد سالم هذا ا لتعقيب:

سلام من الله عليك يابن خضر
وقاك الله من كل مكروه وشر
وحفظ لك الزوجة المصونة
ربة العفاف الحنونة
التي كبلتك بشباك الحب
عافانا الله من كل كرب
وعليك بالرقيا أنت والزوجة
لأننا نغبطكما على هذه البهجة
فأنا وأنت لنا نفس السن
ولكنك يا غالي أتقنت هذا الفن
فأصبحت تحظى بالتدليل من زوجك سيدة النساء
ونحن كل ما نطمع به من زوجنا صحن من الحساء
وقد عرفت الآن سر الشباب
الذي أراه مؤخرًا ينسكب منك انسكاب
حفظ لك ربي هذه الزوجة الفاضلة الكريمة
وإن كانت حالتك لا تعني أن الزواج ليس جريمة
أما عن عزومتكم بالطازج
ونعوذ بالله من كل شيطان مارج
فقد تكررت منكم هذه الخيانات
وواضح أننا أصبحنا خارج الحسابات
يعني انت خارج البيت دجاج وداخل البيت كباب
واحنا جتنا نيلة في حظنا الهباب !

***********
ذكرت قصة" المقامة الخضرية وحديث الزوجية"، على الزملاء ونحن على مأدبة غداء تسمى "الطازج" من الدجاج الطازج، فضحك من ضحك، وسر من سر، ولما لم يكن العزيز الشاعرد. أشرف سالم، موجودا معنا ، أرسلت له القصة مكتوبة، لأضحكه بعض الشيء، فكتب تعقيبه الحلو آنف الذكر .. وإليه أقول معقبا على تعقيبه:
إلى أخي الدكتور الشاعر/ أشرف سالم
أشكرك وقد أضحكتني، أضحك الله سنك، وأطال في الخير عمرك، وشكرا على قفتشك الجميلة ..
لك ودي ياحبيب، من كل قلبي الحبيب.[/size][/color]