لاحت عيون حبيبتي عند الربا
لما سرى في زهرها ريح الصبا
فتمايلت مثل الورود بغصنها
لما دنا منها النسيم مداعبا
وتفتحت تهدي الحياة جمالها
ولسحرها وقف النسيم مراقبا
واهتز شوقا فوق عين حبيبتي
غابت وبانت ثم ولت ذاهبة
وبدت هناك بنورها ودلالها
عيني رأتها حين كانت غائبة
ثم اختفت عند الغروب وخلفت
قمرا لنا في الكون عنها نائبا
يا أيها القمر المطل على الدنا
قل للحبيب تركت قلبا راغبا
ما حيلتي إني أسير غرامه
هلاّ أتى حتى يشاهد من سبى؟
فعبيره ينساب بين جوانحي
في رقة تشفي العليل الغاضبَ
ونميره عذب وإني ظامئٌ
وهناء قلبي حين يغدو شاربا
والهجر موج هاج في بحر الهوى
والروح تسبح كي تراود قاربا
والفلك تجري والديار بعيدةٌ
والليل آت والعواصف صاخبة
والعشق يُسقى في أعاصير المنى
بجذور خوف في المشاعر ضاربة
وقوافل الأيام تسعى لا تذر
خلاّ يناجي في خطاها صاحبه
أحبيبتي طال الفراق وحبكم
ما زال يزكو بالفؤاد وما خبا
وطوائف الأحلام برد غرامكم
يمشين في درب الهيام مواكبا
فإذا بشمسٍ أشرقت في ليلتي
ورأيت في وضح النهار كواكبا
وحبيبتي تختال فوق خميلةٍ
ورموشها أمواج عطر جاذبة
فمتى وصالك يا مليكة بهجتي
ومتى أرى وجه الحبيب مرحبا
ومتى نُزف إلى الغرام بعشنا
ونذوب قلبا ثم نغدو قالبا
وتسيل أقداح المحبة لذةً
ونذوق شهدا في شفاه ذائبة
تحلو الأماني خلف أستار القدرْ
والغيب يملي والحوادث كاتبة
ومنابع الآمال تملأ بينما
في لحظة تأتي العواصف ساكبة
مثل التي ترنو لصيد كلما
يبدو لها أرست عليه مخالبا
وإذا خلا يوما بعش هائما
ترميه في العش السهام الثاقبة
قد كان يرجو أن يدوم هناؤه
لكنها دنيا الوعود الكاذبة
تلك المخاطر حين ترقب صيدها
تنداح في رغد الزمان مصائبا
فلتلبسي ثوب العفاف حبيبتي
ولتسلكي سبل السلام الصائبة
إن لم يكن قبل الممات لقاؤنا
فستلتقي كل النفوس التائبة
ونعيش أبدا خالدين بجنةٍ
فيها الحبور وليس فيها نائبة
أستودع الله العظيم أمانكم
قد فاز من أرضى الكريم الواهبَ