ثورة " أبو اليسر "الفائزة بجائزة سبتمبر 2010

الاستاذ الأديب \ محمد عبدالغفار صيام
الف مليون مبرووووك .. على فوز رائعتك المميزية
فقلمك يستحق الكثير
دمت مبدعا..

[quote="عاطف الجندى"]ألف مبروك اخى محمد
قصة مدهشة تستحق الفوز
و كم كانت سعادتى غامرة برؤيتك فى ندوة المنتدى
باتحاد كتاب مصر
[/quote]



بارك الله فيك شاعرنا الأغر .
لقد سعدت أيضا بالتعرف عليكم و على كوكبة من مبدعى مصر المبرزين ، و قضينا سويعات ننهل أدبا و حكمة !
بارك الله فيكم ، و جزاكم عنا خير الجزاء .

الاستاذ المبدع /محمد عبد الغفار
اجمل التهانى مع اطيب التمنيات بالتوفيق ومزيد من الابداع

أستاذ / محمد ..
أولا ألف مبروك فوز هذه القصة الرائعة بجائزة القصة القصيرة ..
أحييك على هذه اللغة الجميلة وهذا السرد المشوق ..
دمت مبدعا

ثورة " أبو اليسر " .. وخصوصية النصّ الساخر !
• محمد باقي محمد

تذهب الـ " ثورة " في الذاكرة الجمعية إلى فعل انتفاض ، فمن الذي تفكّر " أبو اليسر " في الانتفاضة ضدّه ، وما دلالة الاسم ، اسم " أبي اليسر " !؟ ألا يذهب القاصّ محمد عبد الغفار صيام جهات اللعب على الدلالات ، ليشي بعسر الوضع الذي يُعانيه أبو اليسر !؟ ثمّ ألا تشير هذه الأسئلة إلى نجاح صيام في تخيّر عنوان يُثير كل هذه الأسئلة ، وبذلك - وعبر علامات وإشارات سيميائيّة بعينها - يستنفر فضول قارئه ، بهدف توريطه في قراءة المتن ، لعله يقع على أجوبة للأسئلة التي راحت تقضّ مضجعه ، أن لماذا وكيف !؟
إنّنا نفترض في أي عنوان أن يتمفصل - في تجاوره مع متنه - بهذا النصّ أو ذاك ، ليشي بفضاءاته كعتبة مُمهّدة ، على ألاّ يُفصح عن أسراره جميعها ، وإلاّ تكون النتائج سلبية ، ذلك أنّه - عندها - يقتل لعبة التشويق التي يقوم عليها أساساً !
وفي المتن تنقلب الآية ، إذ ها هي المرأة - التي عانت كثيراً من تسلّط الرجل - تجد فرصتها لتردّ الصاع له ، لعلة في شخص أبي اليسر ربّما ، أو لأنّنا إزاء نموذج مُتسلّط من النساء لا نعدم مُصادفته في الحياة ، وفي الأحوال كلها فإنّ نصّ صيام يتصدّى لتلك العلاقة الإنسانية الخالدة ، علاقة الرجل بالمرأة ، بما هما قطبا الوجود وعلته بآن ، وهي علاقة تشكو انكساراً ما ، وإلاّ لما سطّرها القاصّ في متنه ، ذلك أنّ الروس يقولون بأنّ " ساشا إذا أحبّ ماشا وتزوّجها ، فليس ثمّة مُشكلة ، المُشكلة إذن ألاّ يحبّ ساشا ماشا ، ومع ذلك يتزوّجها " ، بمعنى أنّ القاصّ ظلّ أميناً لمفهوم القصّ على الصعيد المواضيعيّ ، ذلك أنّ القصة - كحدث شديد الضبط في وحدة الزمن - تتصدى - غالباً - للشخصيّة الإنسانية في واحدة من حالاتها ، وبالتحديد في لحظة تأزّمها أو انبتاتها عن السياق ، سواءً أكان هذا السياق دولة أو طائفة أو مذهباً أو قبيلة أو - حتى - عائلة ، لتبدو القصة وكأنّها صرخة الشخصيّة في تواصلها مع روح الجماعة !
إذن هو ذا صديقنا أبو اليسر يتخيّل وسائل بالغة التعقيد للتخلّص من زوجته ، ولا نظنّها قطعاً ستأخذ حيّزها في التنفيذ ، فقط هو كان بصدد أن يجد طريقة للتخفيف من المحظورات التي فرضتها عليه ، لتحكم سيطرتها من جهة ، وتديم أمد هذه الهيمنة من جهة أخرى ، وفي ترميز بالغ الذكاء يستعير صيام عالم الطيور ، فيأتي على علاقة ديك بدجاجاته وصيصانه ، ويُحاول أبو اليسر أن يتعلّم من هذا الطير الندّ كيفية إدارة مملكته الصغيرة ، غير أنّ الزوجة تضع يدها على إرهاص يشي بأنّ ثمّة تغيّراً يطال شخصية زوجها ، وعندما تضع يدها على السبب ، تقدّم الديك وجبة غذاء فاخرة لزوجها ، من غير أن يعلم بأنّ لحم هذه الوجبة هو من جسد صديقة ومُعلّمه ، ويبدو أنّ الكيل كان قد طفح به ، لذلك - ربّما - جمع قبضته في حركة يائسة ، ولطم زوجته لطمة أطاحت بمملكتها الوهميّة !
نصّ رهيف وذكيّ ، ولكن ماذا عن الفكرة !؟ أليست في أحد وجوهها رداً على الخطاب الأنثوي الشعبويّ التقليديّ ، إذْ يتشكّى ظلم الشريك الرجل ، أو يتماهى به نشداناً لعلاقة حبّ تعزّ لانعدام في التكافؤ !؟ ثمّ أليس هناك حلّ ثالث ، ولماذا فكرة السيطرة هذه ، سواءً أكانت لهذا الطرف أو ذاك !؟ أليس من المُمكن أن نُقيم علاقة تقوم على التكافؤ ، فتحقق لطرفيها المُتعة والرضا والاكتفاء ، علاقة تقوم على العدل والحبّ والتفاهم !؟
ثمّ لنـتأمل في التنفيذ ، أي في التقانات ، وسنجد بأنّ البداية شديدة الذكاء في الإحالة إلى ماقبل عبر الـ " واو " ، أي إلى المُتوارث ، ومن ثمّ في الإحالة إلى الديمومة ، لكنّ الفكرة سرعان ما ستلصّ القاصّ من تقاناته ، فإذا به يعمد إلى سرد تقليديّ معرف ، ستتالى الأحداث - إذن - في نسق لن ينسخ القاصّ عنه نسق التعاقب ، وبذلك سيتخيّر لنصّه زمناً فيزيائياً ، ينسجم في توليفته مع السرد كبنية مُعقدّة ، تحدّد زاوية الالتقاط وطرائق التنفيذ !
إنّ الشكلانيين الروس يرون في السرد مُنتهى الجمال إذا أحسنت التوليفة وتناغمت ، ولكن ماذا عن الخيارات الأخرى !؟ ولكي يتوضّح القصد سنقول بأن لا تقنيّة مجانية في القصّ ، فلماذا عمد القاصّ إلى التقطيع الفنيّ مثلاً !؟
إنّ التقطيع الفنّي مأخوذ عن المونتاج السينمائيّ ، وذلك في إطار تداخل الأجناس أو تراسلها أو تضايفها كمُصطلح نقديّ غير قارّ بعد ، ويوكل إليه - عادة - التحايل على رتابة السرد ، وحلّ إشكالية الزمن ، واللعب على التشويق ، فهل استغل صيام التقطيع لأي من هذه الأغراض في إفرادها أو اجتماعها ؟ هو لم يعمد إلى التقديم والتأخير بقصد التشويق ، ما كان سيُحيلنا إلى زمن مُنكسر ، ثمّ أنّ زمن القصّ لا يُعاني إشكالاً ، ليقسم القاصّ قصته إلى مستويين ، مستولى القصّ ، بما يتساوق ومفهوم القصّ كحدث مُنضبط في الزمن ، وزمن الفكرة ، الذي قد يوغل في الماضي عبر التداعي أو التذكر أو الخطف خلفاً ، أو في المُستقبل عبر الحلم والتخيّل ، ليقوم الأول بضبط الثاني ، ما يحفظ النصّ من الترهّل ، أو من الخروج عن مفهوم القصّ ، إذن لماذا عمد القاصّ إلى تقطيع لا داعي له ؟!
أمّا لغته فتنحو جهات التعبيريّ الدال ، الذي يترسّم خطاً مُستقيماً إلى مدلوله ، باعتبار المستقيم الطريق الأقصر بين نقطتين أو طرفين ، مخافة الإنشاء الزائد ، ما كان سيُفضي بنا - ثانية - جهات ترهّل غير مطلوب ، هي لغة مشغولة بدلالة اقتصاد لغويّ صارم إذن ، ولكنّها - من كلّ - بدّ تجاوزت المُستوى الأوّلي الخام ، الذي يُؤسّس لوظيفة التواصل ، لتندرج في نسيج فنيّ ، يقوم على السلامة أولاً ، ويتوخّى الرصين ، بل والجميل أيضاً في كثير من الأحيان !
وإذا كانت قد خلت من التوصيف المُجنح ذي الأفياء والظلال والتوريات ، فنحن - هنا - إزاء تيّارين في النثر العربيّ ، الأول يرى بأنّ مقتل القصة في شاعريّتها " د. فؤاد مرعي من سورية مثالاً " ، تحت هذا البند أو هذه الرؤية سينتج الناقد والقاص اللبناني المعروف إلياس الخوري مجموعته " رائحة الصابون " ، وفي هذا الإطار ستجيء رواية الروائي المصريّ الشهير صنع الله إبراهيم " بيروت .. بيروت " ! والثاني سيُطالب بالقصة القصيدة - إذا جاز التعبير " كما عند الناقد وفيق خنسة من سورية - مثالاً " ، وإلى هذا التيار سينتمي مُعظم النثر القصصي العربي ، ابتداء بزكريا تامر من سورية ، وانتهاء بمحمد زفزاف من المغرب ، هذا هو حال د. محمد المخزنجي " مصر" أو محمد خضير " العراق " أو محمد اليحيائي " عُمان " على سبيل التمثيل لا الحصر !
بقي أن نُشير إلى أنّ قصة أثارت عاصفة من التداعيات ، كتلك التي أتينا عليها قصة ناجحة بالتأكيد ، وذلك بغضّ النظر عن المُلاحظات التي أثارتها ، ثمّ ها نحن نضع أيدينا على قاصّ ساخر من طراز رفيع ، يجمع الرهيف إلى الذكيّ ، وفي النصّ الساخر ستختلف أدوات التناول عن غيره من ضروب القصّ ، لذلك لم نأت على الخواتيم ، لا لأنّنا كنّا سنذهب إلى الادّعاء بأنّ التوفيق لم يًحالف القاص ، بل لأنّ النصّ الساخر بسيط في مبناه ، إلاّ أنّه عميق في المعنى ، وهذا ما تأتى لنصّ محمد عبد الغفار صيام بالتأكيد ، ما اقتضى التنويه !