الملك الظالم والحكيم زغلول ....
فى زمان غير الزمان , ومكان غير المكان , كانت توجد مدينة كبيرة يسكنها عدد كبير من الناس , و هذه المدينة كانت تمتلئ بالكثير من الكنوز والأموال , وكان يحكم هذه المدينة ملك ظالم يعتقد أن الكنوز والأموال هى التى تأتى له بالسعادة ولهذا كان يعامل سكان المدينة معاملة قاسية ويأخذ منهم أموالهم لينفقها على نفسه , و كلما أزدادت ثروته وأمواله أزدادت فرحته وظن أنه مَلك الدنيا وما فيها .....
وقد عاش سكان هذه المدينة حياة بائسة حزينة , فالمزارعين يزرعون حقولهم طوال السنة وعندما يأتى يوم الحصاد يأتى رجال الملك ويأخذوا الثمار , وعندما يبيع التجار بضائعهم يأتى رجال الملك ويأخذوا منهم الأموال وبدون مبرر ..
ومَن يعارض أوامر الملك أو رجاله كان يحكم عليه بالسجن أو الإعدام ..
وبذلك عاشت المدينة سنين طويلة من الخوف والتعب والسلب والنهب , أما الملك فكان يعيش عيشة هنية مرفهه , يملك كل شئ إلا حب الناس ورضا الله عز وجل ..
وفى يوم من الأيام , وعندما كان الملك يتفقد الأموال والكنوز التى أتى بها رجاله إليه فى فرحة وسعادة شديدة , كان يقف بجواره الحكيم ( زغلول ) وزيره وطبيبه , و الحكيم
( زغلول ) رجل صالح , يحب الناس ويدافع عنهم ويسعى دائما لرضى الله , وهذا الحكيم كان دائم الغضب والسخط من تصرفات الملك ورجاله ,
وفى هذا اليوم وأثناء سعادة الملك بالأموال والغنائم , أقترب منه الحكيم ( زغلول ) وسأله
_ ماذا ستفعل بكل هذه الأموال ياسيدى ؟!!
فرد عليه الملك ومازالت الفرحة لا تفارق وجهه
_ أجلب الأموال لكى أسعد بها
فقال الحكيم
_ وهل المال يسعد صاحبه ؟!! وهل تُسعد سيادتك عندما تجلب الأموال من شعبك الفقير ؟ شعبك الذى لا يجد الطعام أو الشراب , فمعظم شعبك _ سيدى الملك _ جعان لا يملك الطعام والبعض الأخر مريض ولا يقدر على مصاريف العلاج !!
فغضب الملك وقال
_ نعم أعلم كل هذا , ولكن مالى أنا والشعب , فأنا أعيش لكى أسعد والأموال هى التى تحقق لى السعادة لذا سأجلبها بكل الطرق ..
فرد الحكيم
_ حب الناس وطاعة الله هى التى تجلب السعادة
فثار الملك وغضب غضباً شديداً , وأمر بحبس الحكيم ( زغلول )
ولما أن جميع الناس يحبون الحكيم ( زغلول ) فقد كانوا على أستعداد للدفاع عنه , ولهذا ثار الشعب وغضب وطالب بالإفراج عن الحكيم ولكن الملك رفض وهدد الشعب بالسجن والحبس للأبد ...
ومرت الأيام والحكيم (زغلول ) فى السجن والملك ياخذ أموال الشعب ليزداد غنى وفرح , والشعب مريض وفقير ولكنه لا يستطيع رفض أوامر الملك ...
وذات يوما , وفى الصباح شعر الملك بالمرض الشديد الذى منعه من الحركة وقد ظل فى الفراش عدة أيام حتى أنهك المرض قواه , وقد أتى إليه أعظم وأفضل الأطباء ولكن بلا فائدة , وقد أدرك أن شفاه بيد الحكيم ( زغلول ) هذا الطبيب الماهر الذى لا يقف أمامه مرض ..
وبالفعل أصدر أوامره بالإفراج عنه , ودخل الحكيم غرفة الملك فوجده طريح الفراش , لا يستطيع الحركة وقد ضعفت صحته وقوته
فقال الحكيم
_ أنت دائما تبحث عن السعادة و وتعتقد أن السعادة فى جمع الأموال , فأرينى ماذا تفعل لك الأموال , وهل ستجلب لك السعادة والشفاء أم لا ؟!!!
وأمر الحكيم ( زغلول ) حراس الملك أن يفتحوا جميع الخزائن ويأتوا بالأموال والكنوز إلى غرفة الملك ...
وعندما أمتلأت غرفة الملك بالأموال والمجوهرات , أمر الحكيم (زغلول ) الحراس بالإنصراف , ونظر إلى الملك وقال
_ أرينى كيف تسعدك الأموال وتشفيك الكنوز , وتركه وحده مع الأموال وخرج ..
وفى اليوم التالى ... دخل الحكيم غرفة الملك , فوجد صناديق الأموال كما هى , كما وجد الملك يتألم من شدة المرض ..
فخرج الحكيم وطلب الإجتماع بالشعب أمام قصر الملك , وخطب فى الناس ووعدهم بأن الملك سوف يعيد الأموال إلى أصحابها وأنه سيبدأ عصر جديد قائم على الحب , حب الملك للناس وحب الناس للملك ...
ولكن كل هذا سيتم بعدما يشفى الملك , وطلب منهم أن يدعوا له بالشفاء ..
ودخل الحكيم غرفته وحضَّر بعض الأعشاب وأحضرها للملك وطلب منه أن يشربها , وبعد عدة ساعات شعر الملك أن الآلام تختفى وأن المرض يموت بداخله وبدأ يستعيد الملك صحته وقوته ...
فأخذ الحكيم بيد الملك ووقفا أمام النافذة , فوجد الملك جميع الشعب محتشد أمام القصر ليدعون له بالشفاء العاجل ..
ففرح الملك وسعد سعادة بالغة , وشعر براحة وفرحة فى قلبه لم يشعر بها من قبل , ووعد الشعب أن يعيد له جميع حقوقه ..
وبذلك إنتهى عهد الظلم وبدأ عهد جديد قائم على الحب , حب الله وحب الجميع ......
قصة للأطفال بقلم
د. أسماء مصطفى