شرفة على نهر/
والروائي المصري محمد حجاج..!
بقلم:محمد الزينو السلوم
أرجو من أخي عاطف إبلاغه هاتفياً على الموبايل عن الدراسة(رقم الموبايل 0101591858) وشكراً سلفاً.
--------------------------------------------------------------------
مدخل: يؤكد الكاتب منذ البداية في"هذه الرواية" أن كل الشخصيات في هذه الرواية شخصيات عاشت وتحركت على سطح كوكبنا الأرضي, وكل الأحداث التي جاءت فيها – حتى الصغيرة منها – وقعت في هذا العالم (وهي موثّقة)..كما يبين أن الرواية التزمت بالتوازي بحرفية الفن الروائي، وبمنهج الكتابة التاريخية ..!
ويهدي الرواية إلى مدينو المائة باب (طيبة)سيدة مدائن العالم(القديم)..وإلى روح السيدة العظيمة "لوسي أوستن" أو السيدة"لوسي دف جوردون"..!
كما يوجه الشكر إلى الصديق"حسين قدري"كاتب أدب الرحلات الذي أمّن له نسخة من كتاب "لوسي دف جوردون"من لندن..وللصديق القاص والروائي"حسني سيد لبيب" للعون الذي قدمه له أثناء إعداد الرواية للطبع..!
وأضيف أخيراً أن الروائي محمد حجاج مقيم في القاهرة لكنه من مواليد الأقصر التي تشكل "طيبة"فيها نقطة التقاء الحضارات التاريخية..!
الدراسة: تشكل "طيبة" محور التقاء رحلة على سفينة في نهر النيل بقيادة امرأة انكليزية"لوسي أوستن"من "بولاق"(أي القاهرة)باتجاه الجنوب مروراً بمدينة"سويف –المنيا – سيوط – جرجا – البلينا – قنا – وتصل السفينة ومن عليها إلى "طيبة" في ليلة الثاني عشر من يناير سنة(1864م).
ويتحدث الكاتب على لسان المرأة الإنجليزية عن كثير من عادات وتقاليد وحياة كل بلدة وحتى حالة الطقس فيها..!
وعلى محور آخر ينقلنا الكاتب إلى المحور التاريخي القديم حوالي سنة(2100 ق.م)ويتحدث عن الأوضاع السياسية وقتئذ في مصر .. بسرد وثائقي وبفنية قد يصعب على القارئ العادي التواصل مع المحورين لكثرة النقلات دون اي غشارة لذلك.. وف كل مرة يدخلنا الكاتب في سرد قصص معينة ذاتية غير متصلة ببعضها البعض ولكل منها خاصيتها – فيما يتعلق برحلة المرأة الإنجليزية في السفينة حيث تتوقف في كل مدينة وتعايش الأهالي وتشارك في بعض عاداتهم وتقاليدهم بكل احترام.. - وفي المحور الآخر التاريخي حيث يتعاقب الملوك والحكام وتستمر الحروب هنا وهناك بدءاً من "حكم الأسر الخمس الأولى" إلى بداية "حكم الأسرة السادسة" فالسابعة والثامنة .. وحتى الأسرة العاشرة(2100 ق.م) وتولي ""منتو حتب الثاني" والثالث(عام 2019 ق.م) .. ويتحدث كذلك عن العديد من الأحداث في ذلك الوقت..!
ويستمر الكاتب في السرد التاريخي إلى فراعنة الأسرة الثانية عشر "سنوسرت الأول" وحتى الثالث سنة(1878)ق.م ويأتي أيضاً على ذكر"أمونمحات الثالث" سنة (1849)ق.م والذي استمر حكمه حوالي الخمسين سنه..!
ويصل الكاتب إلى الأسرة الثالثة عشرة وإلى تسلل متزايد للعناصر الأجنبية في منطقة شمال شرق الدلتا حتى أنها استطاعت أن تتغلب على الحاكم المصري في"ايتي تاوي"عام (1674)ق.م وهم الآسيويين الذي يطلق عليهم اسم (الهكسوس) أي حكام الأقاليم الأجنبية..!
-يعود بنا الكاتب من جديد إلى المرأة الإنجليزي بعد أن وصلت"طيبة" وأصبح لها منزلاً كما كان من قبل..وعدداً من الفلاحين وتستمر إقامتها فيها واختلاطها بالأهالي وبشخصيات أخرى مثل"مصطفى أغا" التركي..والشيخ يوسف الذي يعلمها اللغة العربية .. وعن عادات الأهالي في شهر رمضان وتعرّضها لتقلبات الطقس من حرارة وغبار تؤثر على صحتها..!
ومما يجدر ذكره ان الكاتب يضع بعض العناوين أحياناً لما سيسرده علينا في المحورين مثل(عنوان:"صديقي العظيم المعاون" (ص66)..وتحس وأنت تقرأ الرواية وخاصة خلال رحلة المرأة الإنجليزية بأسلوب سردي شائق..يجعل القارئ لا يمل السردية على عكس ما يجري في المحور الآخر..!
وعلى المحور التاريخي الآخر يتابع الكاتب بعد أن جاء عصر الملك"سانخت ان رع تاعا"الأول حوالي سنة (1590)ق.م ..ويتحدث فيما بعد عن"كاموس"بعد رحيل والده "سقنن رع" بعقد اجتماع لمستشاريه في قصره الملكي بطيبة للم شمل الأجزاء التي اقتطعت من مصر من قبل بعض الحكام الآسيويين والنوبيين..وتجري حروب بينهم .. ويتحدث عن "أحمس"الابن الأصغرلـ"سقنن رع"وحروب أخرى تجري, وحتى فترة حكم"أم نحتب الأول"و"تحتمس" الذي جاء بعده وحتى سنة(1494)ق.م ويعود ليتحدث عن"تحتمس الثالث"وإنجازاته وانتصاراته طويلاً..إلخ.
وهكذا يتابع الكاتب سرده على المحورين معاً.. وبنفس الأسلوب السردي .. إلى"رمسيس الثالث" – على المحور التاريخي الآخر – وما قام به من إنجازات كبيرة في تنظيم ممتلكاته الآسيوية وتشييد الحصون في فلسطين وفي سورية ودعم طرق النقل بيهما..ويتحدذ عن "الخط المسماري", و"أوراق البردي" وغير ذلك من منجزات لا يزال يشهد له بها التاريخ..
وينهي الكاتب بقوله:"وفي القرن الحادي عشر قبل الميلاد أصبحت فينيقيا تستخدم أحرف الهجاء المصرية في مخطوطاتها..ثم انتقلت إلى بلاد اليونان ومنها إلى سائر أنحاء العالم ..ويتابع الحديث عن"رمسيس" والوثيقة التي تركها وهي لفافة بردية (130) قدماً وما تحتويه.
و حتى يصل بنا إلى إلى عودة"لوسي أوستن"الإنجليزية إلى "القاهرة"متممة رحلتها الثانية..حيث تنتهي الرواية التي بلغت(162)صفحة – إصداركدار الإسلام للطباعة والنشرعام 2010م.
-ومما سبق يمكن القول:"لقد بذل الكاتب جهداً كبيراً لتوفير الوثائق التاريخية لروايته التي طالما حلم بها - وخاصة وأنها جزءاً من دراسته كما علمت مؤخراً .. فهو مجاز بالتاريخ – واستخدم التوثيق والفنية معاً وبكل المقاييس ليقدّم لنا نتاجاً روائياً موثّقاً ودقيقاً.. ولا أدري إذا كان دمج المحورين معاً دون إشارات أو مقاطع جعل القارئ يضطر لإعارة الأحداث كل الاهتمام ليتواصل مع الرواية على محوريها..أم أنها أنكهته وأتعبت أفكاره .؟!
وكذلك فإن كثرة التنقل ما بين المحورين – فلاش باك – وفي كل صفحة تقريباً كان له أثراً على قطع سلسلة الأفكار والمتابعة الذهنية .. فيوزّع القارئ أفكاره وذاكرته بين أحداث محور وآخر لتتبّع أحداث كل منهما.؟!
وأعتقد أن اكاتب استطاع أن يوصل لنا ما هو موثق في محورين بعيدين تاريخياً عن بعضهما – قبل الميلاد وبعده – بأسلوب روائي جميل وفنية أجمل..مراعياً التوثيق في كل ما يقول وهو عمل يحتاج إلى خبرة في عالم الإبداع والتاريخ القديم وفق منهجية وثائقية قلما لجا إليها الروائيون .. وكذلك فإن ما ساعده على السرد القصصي في الرواية كونه قاصاً أيضاً وله بعض الأعمال القصصية المطبوعة..!
وهكذا أمضينا رحلة شائقة مع الروائي:محمد حجاج" في"شرفة على نهر" على أمل أن نقرأ له الجديد والمدهش دائماً..!