هل الوقوف بعرفة من الوثنيات ؟

يقول ربنا جل وعلا: "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام
واذكروه كما هداكم وان كنتم من قبله لمن الضالين . ثم أفيضوا من حيث أفاض
الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم" "البقرة: 198:199".. ويسأل
المستشرقون: أليس الامر بالوقوف علي عرفات بالافاضة منها كسائر الناس في
الجاهلية هو دليل علي ان أركان الحج من أصل وثني. وأنه ليس من التشريع
السماوي في شيء؟.

** يرد علي هذه الافتراءات د. محمد أحمد عمارة مدرس الفقه بالأزهر
قائلاً: دفع هذه الشبهة يكمن في سؤال واحد لهذا الملحد من أين لأهل
الجاهلية بهذه التشريعات من شرعها لهم. أو من أين تعلموها؟ بالطبع هو لا
يعرف الجواب عن ذلك» لأنه ما درس الاسلام بالانصاف وانما درسه للمناظرة
وبث السموم. والنبي- صلي الله عليه وسلم- يقول: "إن هذا الدين يسر ولن
يشاد الدين أحد إلا غلبه..".. إنه لا يعرف ان مناسك الحج مأخوذة عن
إبراهيم عليه السلام. قبل معرفة المشركين بها. ونحن مأمورون باتباع ملة
ابراهيم كما قال تعالي: "ثم أوحينا إليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا وما
كان من المشركين" "النحل: 123". ونحن أولي الناس به بعد ان نفي الله تعالي
هذا الفضل عن اليهود والنصاري قال تعالي: "ما كان ابراهيم يهودياً ولا
نصرانيا ولكن كان حنيفاً مسلما وما كان من المشركين" "ال عمران: 67". فقال
سبحانه: "إن أولي الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا
والله ولي المؤمنين" "ال عمران: 68".

فقوله: "ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله ان الله غفور
رحيم" "البقرة: 199". المراد ان يفيضوا من حيث أفاض ابراهيم عليه السلام.
وقيل: إنه إنما قال: "الناس" وأراد ابراهيم وحده. كما قال تعالي: "الذين
قال لهم الناس" وكان رجلا واحداً.

والأمر هنا لقريش وغيرها ان تتبع في الافاضة ابراهيم ومن سار علي
نهجه بأن تكون الافاضة من عرفات ليس من مزدلفة» لأنها مناسك يستوي الجميع
في فعلها. فالمناسك تبع لابراهيم وهي تشريع من الله تعالي لابراهيم
وأتباعه استجابة لدعوة ابراهيم وإسماعيل. والأظهر من معني قوله: "وأرنا
مناسكنا" سائر أعمال الحج» لأن الله تعالي أمرهما ببناء البيت للحج. وقد
روي ابن أبي ليلي عن انس ابن مليكة عن عبدالله ابن عمر عن النبي عليه
السلام قال: "أتي جبريل ابراهيم عليهما السلام فراح به إلي مكة ثم مني"
وذكر أفعال الحج علي نحو ما فعله النبي- صلي الله عليه وسلم- في حجته.
قال: ثم أوحي الله إلي نبيه- صلي الله عليه وسلم-: "ان اتبع ملة ابراهيم
حنيفا". وكذلك أرسل النبي عليه السلام إلي قوم بعرفات وقوف خلفه وهو واقف
بها فقال: "كونوا علي مشاعركم فإنكم علي إرث من إرث ابراهيم عليه السلام".
وقد حذر الله من الرغبة عن هذه الملة الحنيفية ومن ثم قال تعالي: "ومن
يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه" فهو يدل علي لزوم اتباع إبراهيم في
شرائعه فيما لم يثبت نسخه. وأفاد بذلك ان من رغب عن ملة محمد- صلي الله
عليه وسلم- فهو راغب عن ملة إبراهيم» إذ كانت ملة النبي عليه السلام
منتظمة لملة ابراهيم وزائدة عليها.. يزيد علي ذلك ان الحج مظهر من مظاهر
الوحدة والمساواة فلا تكبر فيه من أحد علي أحد» ولا يزيد أحد في الأفعال
علي أحد. روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كانت قريش ومن كان علي
دينها يقفون بالمزدلفة. ولا يقفون بعرفات فأنزل الله عز وجل قوله: "ثم
أفيضوا من حيث أفاض الناس" وكذا الأمة أجمعت علي كون الوقوف ركنا في الحج
فتارك الوقوف بعرفة لاحج له» ونقلته عن النبي عليه السلام قولا وعملاً.

شكرا لك يا محمد
و هذه من شعائر الإسلام

» نصيحة لمن فاته الوقوف بعرفة
» قصيدتي ( الوقوف على شفرة الانتظار)