عروس النيل

موضوع: عروس النيل السبت يونيو 05, 2010 8:13 am

كان فيضان النيل إحدي العجائب في رأي الشاعر الروماني "لوكريتوس" لأنه النهر الوحيد في العالم الذي يفيض في الصيف.. وكان المصريون يستقبلون النيل في بدايات الفيضان بقولهم: "شباب رعاياك وأطفالك يهللون فرحاً بقدومك. والرجال يحتفلون بك كملك راسخ القوانين. عندما يوافي الوجه القبلي والوجه البحري. ويروي الناس من ظمأ. ويقر الحزين. ويبتهج كل قلب. إن مصر وادي النيل. ووادي الدين". وفي نشيد النيل الذي نقله "إرمان" عن قدماء المصريين. أنهم كانوا يفضلون النيل علي البحر: "إنه النيل الذي يأتي بالخيرات والغني والطعام. وخالق الطيبات. يغمطه من يقرنه بالبحر الذي لا ينبت قمحاً. وبالصحراء التي لا تؤذي خيراً. وما دام الناس لا يأكلون اللازورد الحر. فالشعير أحسن".
الأسطورة تقول ان فيضان النيل مصدره دموع إيزيس. حين كانت تبكي حزناً علي موت زوجها وأخيها. أوزوريس وحورس.
ولعل ابن عبدالحكم هو أول من تحدث من المؤرخين العرب عن احتفال المصريين بزفاف عروس مصرية إلي النيل في موعد الفيضان. قال انه حين فتح عمرو بن العاص مصر. قال له أهلها عند قدوم شهر بؤونة: أيها الأمير ان لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها. قال لهم: وما ذاك؟. قالوا: إنه كلما جاءت الليلة الثانية عشرة من هذا الشهر. عمدنا إلي جارية بكر. فأرضينا أبويها. وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون. ثم ألقيناها في النيل. فقال لهم عمرو: هذا لا يكون في الإسلام. وإن الإسلام يجب ما قبله. فأقاموا شهور بؤونة وأبيب ومسري. والفيضان لا يأتي. وكتب عمرو إلي الخليفة عمر. فكتب إليه عمر: قد أصبت. فإن الإسلام يهدم ما كان قبله. وقد بعثت إليك برقعة. فألقها في النيل إذا أتاك كتابي. وقرأ عمرو ما في الرقعة: "من عبدالله أمير المؤمنين إلي نيل مصر. أما بعد. فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر. وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك. فلنسأل الله الواحد القهار أن يجريك" وألقي عمرو الرقعة في النيل. وكان أهل مصر - علي حد تعبير ابن عبدالحكم - قد تهيأوا للجلاء عنها. والخروج منها. لأنه لا يقوم بمصلحتهم إلا النيل. وأصبحوا وقد أجراه الله تعالي ست عشرة ذراعاً في ليلة واحدة.
واللافت ان الكثير من المؤرخين اليونانيين والرومانيين الذين قاموا بزيارة مصر قبل الفتح العربي. لم يتناولوا - ولو بالاشارة السريعة - تلك الحكاية المثيرة عن النيل الذي يتزوج عروساً كل يوم.. نسخة سابقة من شهريار ألف ليلة!
الحكاية مثيرة بلا جدال. وإذا كانت صحيحة. فمن المؤكد انها كانت ستجد حفاوة في كتابات مؤرخي اليونان والرومان.
وفاء النيل يعني قدوم الفيضان في موعده. المياه التي تروي البشر والأرض. والطمي الذي يخصب الأرض. ويهبها المزيد من الصحة والعافية وتواصل العطاء.
هل نغالي لو قلنا إن النيل هو الذي فرض صورة الحياة الحالية. في المجتمع المصري؟
المركزية التي يدين بها المجتمع المصري - منذ بدايات تكوينه - هي ضرورة أملاها جريان النيل بين الضفتين وحاجة الناس لمياهه. وسيطرة الحاكم علي توزيع المياه.
النيل هو الذي علم الناس أن يتكاتفوا للافادة من مياهه. وفي درء ما قد يفيض به من الخطر. فالسعي إلي الفائدة المشتركة هو الذي حتم علي أبناء الوادي - في مناطقه المختلفة - أن يوحدوا جهودهم للافادة من مياه النيل. بحيث لا تغرق الزراعة أيام الفيضان. ولا تتلف أيام التحاريق. وتصبح من حق الجميع. شقوا الترع. واخترعوا الشادوف والساقية والنورج. ونظموا اندفاع المياه لتصل إلي الحقول البعيدة. أما التكاتف في مواجهة الخطر. فقد كان يحدث عندما يأتي الفيضان عالياً. فيغرق المزروعات. ويهدد الناس والحيوان والطير والأشياء. يتعاون الكل لدرء الخطر. بتقوية الجسور. وحراستها وإنشاء القرية بعامة في موضع مرتفع ينأي بها عن هذا الخطر.
وكان النيل - بخواصه المميزة - في مقدمة العوامل - بل لعله العامل الأهم - التي فرضت علي المصريين القدامي. والأجيال التالية من بعد. معني الدولة. وكانت "الحكومة" ضرورة لازمة للحياة المصرية في فجرها الأول. تلازمت مع انبثاق فجر الحياة الزراعية - بما تعنيه من استقرار - علي ضفتي الوادي.

موضوع: رد: عروس النيل السبت يونيو 05, 2010 10:34 am

موضوع جميل وشيق جداااااااا

موضوع: رد: عروس النيل الأحد يونيو 06, 2010 2:21 pm

والآن يريدون حربنا عن طريق هذا النيل

ويشعلون الفتن لتحديد نصيبنا رغم الاتفاقيات

العالميه . وكل ذلك بإيعاز من اسرائيل .

موضوع جميل استاذه / شيماء نشكرك عليه ...

» قراءة في /عروس النيل - حسن حجازي /محمد الصاوي السيد حسين
» عروس البــــــــــــــــــــــــــــــــــــحر
» عروس الوطن
» عروس الحلم
» حفل زفاف عروس الأدب :: صدفة ::