عبد اللطيف غسري مشرف الفصيح
الدولة : عدد الرسائل : 108 نقاط : 160 تاريخ التسجيل : 28/09/2009
| موضوع: 1ـ جلسة إلى الشاعر المغربي عبد اللطيف غسري الجمعة يونيو 04, 2010 1:24 pm | |
| جلسة إلى الشاعر المغربي الأستاذ: عبد اللطيف غسري بقلم الأديب والناقد المغربي الأستاذ محمد داني ـ مدخل:نصوص شعرية لفتت انتباهي.. وجرت فضولي لدخول غمارها.. والإبحار في ينابيعها...ما إن دخلت عالمها حتى وجدتها تحمل طاقة جمالية ،وفنية أغرتني بالتناول...طاقة فجرت دهشتي.. وأسالت تفاعلي معها.. فتيقنت أنني أمام شاعر مغربي يعي ضمن متخيله تبادل الأدوار بين المرسل( الشاعر)، والمرسل إليه( المتلقي)، أثناء عملية القراءة...صحيح أن هذه الدهشة التي تولدت جراء اتصالي بقصائد هذا الشاعر المغربي، تطلبت مني اعتماد أحكام قيمة.. وتوسل مقاييس أثناء قراءتي المتعددة.. متوسلا التأويل ، والتفسير والتساؤل.... وكل هذا لأبرر الدهشة الجمالية التي فجرتها في هذه النصوص الشعرية...إن الأمر:"يتعلق بتأمل الذات في بعدها الحقيقي، والعميق والحفر في الوجود واللغة والمتخيل لنستعيد مع الشعراء لحظة الإبداع الممتدة في اللانهائي"[1]...إن الشاعر المغربي الأستاذ عبد اللطيف غسري الذي سنكون في ضيافته الشعرية، جعلنا نسكن الفن والشعر، والجمال، وسحر الكلمة، ورقة الصورة من خلال الشعر...فهو يفرش لنا ذاته عبر اللغة، والصورة.. ليجعلنا في حضور الدهشة، نتماهى الشعر ومتخيله...أول ما يسترعي انتباهنا عند أول لقاء مع نصوص الشاعر عبد اللطيف غسري، هو الشكل الشعري الذي اعتمده.. ليجعلنا من خلال التواصل الأولي نسترجع مرجعية القصيدة.. في تاريخها الشعري العربي... فنتذكر ارتباط هذا الشكل المعتمد في الكتابة بالإنشاد، والسماع، والمشافهة، والإلقاء...مع التركيز على النبر والإيقاع، والموسيقى، والتعبير الجسدي( الحركات، وملامح الوجه)، وكلها آليات تدخل في البناء الشعري ، وطقوسه....لكن حاليا.. تراجع هذا المنظور الصوتي، فاسحا المجال أمام الحضور القوي للخط، والطباعة.. الشيء الذي نقل النص الشعري من ميزته الشفوية إلى مجال آخر ، هو الكتابة...مما ربط الشعر بالسيميائية...وهذا يدفع المتلقي إلى التسلح باستراتيجية قرائية مخالفة لاستراتيجية التقبل السماعي...إن الشكل العمودين الكلاسيكي، والذي يهيمن على جل قصائد شاعرنا سي عبد اللطيف غسري، والذي اختاره عن وعي، يجعلنا نتوقف طويلا أمام هذا الاختيار لمحاورته، واكتشاف جمالياته...والقصائد التي اخترناها لمحاورة الشاعر عبد اللطيف غسري، هي:- طبق لطعام الليل وأرغفة القلبـ عيناكِ تفاحتانِ- قلم ينز حلماـ معلقة على أسوار الحبـ تمرين بي- أنا شبح يختلي بالمرايا- عاشق الكفتة- فلسطين يا منتهى شجني- رباعيات عاشق- عصر المغاوير- بغداد يوم الكريهة- غربة القلب- سيف الملامة- يا سيد الليل- قبس العندليب من ألحانك..
[1]- آيت اوشان، (علي)، الذاكرة والصورة، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، ط1، 2005، ص:7 عندما نرى هذه القصائد المختارة، تستلفتنا العناوين المصدرة لها.. وكما قلنا في كتابات سابقة، أن العنوان له سيميائياته ، ودلالته،ووظيفته في التشكيل الشعري...وهنا يحضرنا تعريف ل(ليو هوك) للعنوان، إذ يقول:" هو مجموعة من الأدلة اللسانية التي يمكن أن تعتلي النص والإشارة إلى محتواه العام، وإغراء الجمهور المقصود"[1]...وقد أدى العنوان في مجموعة النصوص الشعرية هذه، وظيفة جذب وتشويق.. ومساعدة على القراءة والتأويل... وكل العناوين تأتلف في صيغ اسمية كلها مركب، ما عدا قصيدة واحدة، فقد جاءت تأتلف في صيغة فعلية، وهي(هل أشتكيك لبعض أنسام الدجى).ونستنتج من هذا كله :"أن الشاعر يحاول بهذه الصيغ والتراكيب الاسمية النفاذ إلى المكونات الثابتة في بنية اللغة قصد إعطائها أبعادا بلاغية تخرجها من دلالتها المباشرة إلى دلالات رمزية وجمالية"[2]...كما أن هناك ملاحظة ملفتة، وهو أن الشاعر عبد اللطيف غسري قد صدر بعض قصائده بحاشية، يحدد من خلالها اسمه ولقبه، وتوضيحه أو دافعيته في كتابة هذا النص الشعري أو ذاك... وهذا التصدير أعطى للقصيدة دلالتها.. وحدد سياقها.. وأزال بها الملابسات الخاصة بإنتاج بعض هذه النصوص الشعرية... وهذا حقق من خلاله الشاعر عبد اللطيف غسري غايتين:1- الحفاظ على التقليد الذي عرفته القصيدة العربية التقليدية، كما نجد عند شوقي وحافظ وشعراء البعث، والمدرسة الكلاسيكية..2- البحث عن ربط ميثاق ، وتشكيل تعاقد ضمني مع المتلقي، يوجه من خلاله ظروف النص، ومعناه.. والإعلان عنهما بصراحة...ملاحظة ثانية... نستنبطها من قراءتنا الأولية لهذه النصوص الشعرية... وهي أنها – كلها- خالية من علامات الترقيم...كأننا أمام قراءة إيطالية لا تعتمد علامات الترقيم.. مع العلم ،-وهذا يعلمه الشاعر عبد اللطيف غسري جيدا- أن لعلامات الترقيم بعدها الصوتين والتركيبي، والدلالي، والتداولي..فهي ليست علامات ، أو رموز للزينة.. نوزعها في النص اعتباطا.. بل إنها تمتلك دلالات تعيينية وإيحائية... بالإضافة إلى تضمنها توزيعية الكثافة الصوتية من جملة إلى أخرى، والعلاقة بين مكوناتها...ولا أدري لم حذف الشاعر عبد اللطيف علامات الترقيم من قصائده... هل ليترك للمتلقي مبادرة المشاركة في تحديد إيحائية الجمل الشعرية؟... وحدودها؟...أم أنه يمتنع عن ترقيم قصائده حتى لا يعطيها معنى مضادا؟...أم أن طريقته في الكتابة مبنية على الاسترسال، وترقيم الكتابة ينبني على الإدراك بحدود البنية الصوتية وامتداداتها، وارتداداتها؟...وبما أن الكتابة عنده مبنية على الاسترسال، فهذا يتطلب منه انسيابية ترتكز على محو الفواصل.. وأن المعنى واحد يبدأ من أول كلمة ، ولا ينتهي إلا بانتهاء القصيدة....؟...أو ربما، أن الشاعر لا يومن بسلطة العلامات الترقيمية على لغته الشعرية؟...شخصيا...أجد أن هذه الظاهرة تعود إلى طقوس الكتابة عند الشاعر عبد اللطيف غسري..طقوس نستشف من خلالها حالة القلق التي يعيشها وهو يكتب الشعر.. فهو في لحظات المخاض والولادة، يعبر عن الذات الشاعرة وما يلتبسها من وحي شعري...وعندما تتلبسه الحالة الشعرية..وحالة الكتابة، لا يعرف حدودا لما يكتب.. ولذا تنتفي العلامات الترقيمية.. لأنها تشكل عيا، وحصرا.. وانقطاعا لهذه الانسيابية التي يعيشها ويحياها...- البياض والسواد:عندما ننتقل من السماع، والمشافهة إلى عملية القراءة البصرية.. تأخذ النصوص الشعرية مجالا ثانيا، هو المجال المكاني.. وبالتالي ، هذه القراءة تبين حيزها المكاني، أو علاقتها مع الفضاء.. ومن ثمة تصبح خاضعة لقانون تشكيلي مرتبط بالفضاء.. وجماليته...هكذا ، عندما نقف إلى قصائد عبد اللطيف غسري، نجد أن الفضاء متساو، ومتناسق، لا تفاوت فيه...وبالتالي يتساوى البياض والسواد، ولا يركب أحدهما الآخر.. ما دام الشاعر قد اعتمد الشكل العمودي ذي الشطرين، بناء وتشكيلا في جل قصائده...
[1] - Gérard , genette : Seuils, ed, De . Seuil, 1987 ; p : 54
[2]- علي آيت أوشان، المرجع نفسه، ص: 18 الشكل والمضمون في شعره عندما نتمعن جيدا في شعر الشاعر عبد اللطيف غسري، نجد انه شعر واقعي في مجمله.. وبالتالي نجزم أن شاعرنا شاعر واقعي ، ملتزم... نعم.. رب قائل : إن عبد اللطيف غسري لا ينتمي إلى الواقعية الصرفة في شيء...في تصوير تجربته الشعرية..وانه حافظ على النمط الموروث، وانفتح على مواضيع عدة، وبرؤى مختلفة... شاعرنا آمن بالحب والحياة..والعلاقات الإنسانية...فقد كان إنسانا قبل أن يكون شاعرا.. وما زال الشاعر يحمل الإنسان.. ولذا كانت عينه على كل شيء...يلتقط المواقف، فيعبر عنها شعرا عندما تحرك سواكنه. عشق الحياة.. والجمال...والطبيعة...والإنسان...فاستمد من هذا العشق مضامينه الشعرية....فكانت قصائده لا تخلو من قيم، ورؤى، ومبادئ...وبالتالي كانت قصائده عبارة عن تداعيات نفسية...وعبارة عن بوح شعري- إن جاز لنا ذلك- ... ولو عن غير قصد... ومن ثمة تنوعت الأغراض في شعره.. واختلفت المواضيع...فكان كالنحلة البهية، لا يمتص إلا رحيقا، ولا يمد إلا عسلا مصفى... ففي حديثه عن الصداقة نجده يصف صديقا له في جلسة عفوية.. يصف شغفه بالكفتة، ونهمه.. تصويرا جميلا لا يخلو من صدق ، وعفوية....نشتم فيه مدى الحب الذي يكنه لهذا الصديق...ومدى الألفة والصداقة التي تجمع بينهما، ولو أن وصفه يعد من باب النميمة... كما أننا نجده في غزلياته- إن شئنا- يصور المشاعر الإنسانية بدقة متناهية، ويصور حالة الفرح والانتعاش التي تكون عليها النفس،وهي في حالة غرام، وهيام.. أمام الحبيب. وفي قصيدته(فلسطين يا منتهى شجني)و( بغداد يوم الكريهة) نراه يصور ألمه.. وحزنه... وما يحس به من فجيعة اتجاه بلدين عزيزين( فلسطين)و( العراق).. ومن خلال معاناته وحزنه يتمرأى لنا معاناة الشعبين العراقي والفلسطيني... وشعر عبد اللطيف غسري، يظهر من خلاله أنه شاعر مجيد...كالشعراء الكلاسيكيين.. اهتم بالشكل واعتنى به كثيرا... من خلال اعتماده على عمودية الشعر، والصياغة اللفظية.. وجمالية العبارة الشعرية... صحيح أن له قصائد تفعيلية ، لكن الغالب عليه هي: القصيدة العمودية، لأنه يجد فيها سواكنه، ولذته... والجميل في شعر عبد اللطيف غسري، هو أننا نجده متعدد المواقف.. حيث نجد أن تجربته الشعرية متنوعة الاتجاهات، والمذاهب.. فهو شاعر كلاسيكي لا يختلف عن رواد الكلاسيكية(شوقي- حافظ- مطران-الرصافي- الجواهري-.....وغيرهم). وأحيانا نجده رومانسيا متأثرا بمدرسة أبولو.. فلا نجده يختلف عن الشابي، والهمشري، وأبي شادي،والأخطل الصغير،وصالح جودت،وغيرهم... وأحيانا نجده حداثيا، يسير في ركب شعراء الحداثة: أدونيس، والبياتي، والسياب،ودرويش، وغيرهم... فعبد اللطيف غسري، لم يسجن نفسه في حيز معين، وبالتالي لم يتقيد بمبدإ ما .... وهذا ما وفر له نوعا من الحرية في الاختيار، والتعبير، والرؤية... وبالتالي كان شاعرا حرا، غير ملزم...أو الانطلاق من فلسفة معينة... لذا كانت قصائده قناعات ، واختيارات، تصبو من رؤية خاصة للحياة.. ومعايشة للأحداث... ومعاناة ذاتية... فهو شاعر مطبوع.. يعرف مدى الرسالة الملقاة عليه... وتجربته الشعرية، لا تخلو من روح المعاصرة... دون الإغراق في الحداثة والتجديد المسف...ومن ثمة لا نجد في شعره غموضا.. أو لبسا..أو ألغازا...كما نجده خاليا من الركاكة، والفظاظة، والإسفاف، والخلط بين الأجناس الأدبية... وفي كثير من قصائدهن نجد رومانسيته ظاهرة للعيان.. تتدفق منها مشاعره وشعوره.. يغلب فيها الشكوى، والحنين، والأنين،والقلق،كما نجد في قصيدته ( رباعيات عاشق)، والتي يقول فيها: إذا حدثت شاقني صوتها
وحملني نشوة كالحزن
وعلمني كيف تحلو الحياة
وكيف يلد مذاق الشجن
وكيف يصير الهوى جنة
وكيف تهون جميع المحن
لمن حلمه أن يعيش كعنـ
ـدليب يغرد فوق فنن
+++++++
إذا الليل جن علي استوى
لدي الكلام وصمت الحجر
أبيت أعد نجوم السماء
وأبحث عن وجهها في القمر
إلام أظل أسير الهموم
يعذبني حبها بالسهر
إذا الشوق زاد اكتفيت بأن
أرى سحرها في كتاب الصور
وشعره يمتاز بالوحدة العضوية:"لأن وحدة الشعور والإحساس الذي ينتظم أجزاء معظم قصائدهن نراها تكون ما تشتمل عليه القصيدة من صور وموسيقى وتعبيرات، بلون واحد نابع من الموقف النفسين المسيطر على الشاعر لحظة إبداعه القصيدة"[1].. وبالتالي ، يلتقي الفن بالشعور عند عبد اللطيف غسري.. كما تلتقي الوحدة الفنية بالوحدة الشعورية في قصائده...لأن كليهما واحد.. قصائده لا تخلو من صور بديعة....وراقية...وهذا يبين مدى الخيال الذي يتمتع به.. وقد استعان في صياغته هذه الصور على الأساليب البيانية المعروفة ( التشبيهات، والاستعارات، والمجازات، والكنايات، والمحسنات البديعية)... وبالتالي استطاع أن يقدم لنا كثيرا من الصور الفنية.. وصبغها بعواطفه، وأحاسيسه، وجمال نفسه...دونما صنعة أو تصنع... وقد برع كثيرا في خلق صور غير قابلة للتجزيء.. والتي حولت القصيدة إلى لوحة فنية شاملة.. ومن هذه القصائد ( عيناك تفاحتان)، والتي يقول فيها: عيناك تجترحان الرشق بالخفر
وتجرحان خدود الماء والقمر
عيناك تفاحتان امتدتا وهجا
في قامة الليل أو في باحة العمر
النبض إثرهما يغفو على شغف
والقلب بينهما يصحو على سفر
سافرت كالشفق المبتل صوبهما
ما للبنفسج في عيني من أثر
أشتم رائحة الوقت المراق على
ثوب الطريق وفوق العشب والصور
وأشرئب وكلي للسنا ظمأ
ظل الأماني بساط قدَّ من شرر
يممت شطر التباريح التي غربت
في أفق خاطرة مشدودة الوتر حيث يصف فيها عين حبيبته.. فيشبههما بالتفاح، وبالبحر.. ويبين فيها لوعته، وشوقه وحنينه إلى رؤية هاتين العينين القتالتين...وأمام جمالهما ، يطلق لنفسه العنان لتصف كما تشاء... وهي ترى فيهما الدنيا ..فنجد صورا ووصفا جميلا يرشح صبابة.. إنها تعرية للذات، وكشف للنفس، وتعرية للخواطر... وفي هذه التعرية صدق العاطفة، والأحاسيس...ومن الصور المبتكرة والجميلة هذان البيتان.. حيث يصور فيهما الغيم والسحاب، وقد تحولا إلى كتاب، وشرع يقرأ فيه، ويتصفحه.. كما يصور حالته الشعورية، عندما انتابته الأحلام، وتحولت إلى يد تلقي في جرابه حصوات.. وما هذه الحصوات إلا الأحلام التي تلقى في خاطره.. وذهنه..... أقرأ الغيم سطورا++++ ماثلات في كتابي وأكف الحلم تلقي ++++ حصوات في جرابي وقوله أيضا، وهو يصف أسنان حبيبته بالثلج لكثرة بياضها.. كما يصف فمها بالبرقع.. عندما تبتسم تظهر ثناياها البيضاء...فيشع نور يخترق ظلمة الليل... وضحكاتها، وصوتها كاللوز المتساقط.. فهو الجمال يقطر منها ضحكا، وابتساما.. ونظرا ...وعطرا... كما أن الضوء يعشق خطواتها، ومشيتها ، ويجد فيه جمالا.. أما الورد فيأخذ لونه وحسنه منها: يا طفلة يتعرى الثلج إن فتحت +++++ أزرار برقعها في هدأة السحر ويسقط اللوز من شباك ضحكتها +++++ ويستجم الندى في ظلها العطر ويرتمي الضوء مسكونا بخطوتها +++++ ويشرق الورد من ألوانها الكثر ويقول عن القصيدة، مصورا أوارها، وعراكها.. وكيف يستعد الشاعر لاصطيادها حيث يعد عدته..إنه يقدم لنا صورة معركة بينه وبين القصيدة.. وكيف يجاهد نفسه ليفوز بها.. إنه يحول قول الفرزدق:"لخلع ضرس أهون علي من قول بيت من الشعر"، إلى قصيدة جميلة حالمة بالصور، والاستعارات: إذا ظبي القصيدة صيد حيا +++++ فقد شبعت مروج الفكر ريا وقد لبس الخيال رداء خصب +++++ زكي الروح مؤتلقا نديا فهل أعددت للكلمات سهما +++++ بلا قوس وسيفا مشرفيا فتردي شارد النجوى قتيلا +++++ وتصمي في الهوى كبدا طريا وهل أسرجت خيلك باقتدار +++++ إلى جوزاء حرفك والثريا وقدت جحافل النبضات طرا +++++ بشعر كنت فارسه الكميا نعم جرعات قلبي من رحيق +++++ وكم من هضبة تنمو لديا فأقبل يا وشاح النار أقبل +++++ وأحضر كل قافية إليا ستحملني إلى خلجان بوحي +++++زوارق كنت أرعاها مليا يلاطمها عباب في دمائي +++++ وعاطفة تدمدم في يديا وأصوات تولول في يراعي+++++وتعزف في المدى نغما ثريا مقامي لا يبث النَّوْرَ إلا +++++إذا كان الضياء له سميا ويقول في قصيدته (تمرين .. بي) مصورا حبيبته في أحسن بهاء.. وهي تمر به.. ومن أمامه، كأنها الحسن الناطق... على وجنتها الورد .. وفي شفتيها دمه.. وعندما تفتران عن ابتسام .. يظهر صفان من اللؤلؤ الناصع البياض.. وهذا ما يزيد الشاعر افتتانا.. وولعا.. وصبابة... تمرين ... في وجنتيك الأقاحي +++++ يسافر في لونهن المجون وفي شفتيك استدارات ورد+++++يكون له الشوق أولا يكون إذا افترتا عن بياض الأماني+++++رذاذ الرجاء تدر الجفون ويصور سهره وأرقه، وهو يناجي نجم السماء، باحثا عن قافية، شاردا وراء صورة.. باحثا عن مدخل إلى قصيدة.. إنها لحظات المخاض والولادة.. يصورها بفنية عالية.. فلنقرأ قوله: يا أيها القلم المصلوب في قمر +++++ناءٍ على كل شلو منه أجزاء آليت أن تركب الهمس المدوم في+++++ غلالة الصمت لا تثنيك أرزاء عزَّ اقتفاء النجوم الساريات فما+++++ يغشي مداراتها إلا الأعزاء فاستشرف الضوء من وجه تهيم به+++++كأن هامته في الحسن جوزاء وقد أكثر عبد اللطيف غسري من استخدام التشبيهات التمثيلية، والضمنية، التي أعطت للصورة فنيتها وجماليتها.. وبعدها الدلالي المنشود.. وهذا لم يجنح به إلى الخروج عن الذوق العام، أو الإسفاف، أو الإخلال بالحياء العام... ومن براعته في التصوير، قوله: أنا الموج ، إن هجت فالبحر لا +++++ تؤوب قواربه ناجيهْ كتبت تعاويذ للعشق في+++++جبيني وفي الصحن والآنيهْ وسافرت في القوس والمستطيل+++++وبين الدوائر والزاويه أعابث صيف المعاني فيحنو+++++وأشرق في شمسه الحاميه ففي كل الصور التي عرضناها، نجدها لا تخلو من محسنات بديعية.. إذ تتوفر على طباق وجناس، وتورية، وكناية، ومقابلة...
[1]- د. شرف، (عبد العزيز)و ، د. خفاجي، (محمد عبد المنعم)،النغم الشعري عند العرب، دار المريخ للنشر، الرياض، طبعة 1987 | |
|
محمد الزينو السلوم مبدع كبير
الدولة : عدد الرسائل : 1390 78 نقاط : 2122 تاريخ التسجيل : 14/08/2009 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد شكر..! الثلاثاء يونيو 08, 2010 9:29 am | |
| الأخ عبد اللطيف تحية وبعد جهود مبذولة ..بوركت عليها..حفظك الله تحياتي وإلى اللقاء. | |
|