كنسلتوا من شياطين الإنس

كنسلتوا النيابة جزء من كتاب2 بقلم : أبوالنور
تم استياقنا إلي أسفل هذا المبني الضخم .. مبنى مجمع المحاكم .. شعرت بكل هموم ما في هذا المبني فوق رأسي أنا وحدي ولم ينازعني أحد في حمل كل هذه الهموم ،،، وكان الزمان والمكان ،،، إنها العربخانة وإياكم ما عربخانة !!... وهذا ما عرفته بعدها من مسمي يطلق علي هذا المكان ،،، مرت ساعة وكانت الصحة معتلة بشكل مخيف .. الحرارة .. القلب ... صعوبة التنفس ... الرائحة .. السجائر .. الصوت العالي ... الخوف من المجهول ... كل ذلك كنت أعيشه للحظته المخيفة أثناء صيامي .. ظهيرة اليوم الثاني والعشرون من شهر رمضان .......
بعد مضي ثلاث ساعات على هذا الحال ،،، ما أكثر الأسئلة الكثيرة التي تدور في رأسي ولم يكن لها إجابات معقولة ،، ًمنْ يصل بحقده إلى هذه الدرجة .. من وراء ذلك الفعل الشائن ،، أم يكون ذلك من قبيل المصادفة أو تشابه في الأسماء مثلاً ،،، أشياء وأشياء تراودني في هذه السويعات الكئيبة .........
مرت الدقائق ثقيلة في هذا المكان الكئيب لأجد نفسي بعد ذلك في تعداد الأموات فعلاً من حرارة الجو والحدث والحمى ،، لم أشعر بوجودي مطلقاً ، لم أدري ماذا يحدث ولكني أفقت بعد برهة من الزمن لم أدري ما هو ،،، كنت صائماً في ذلك الوقت حيث كان اليوم الحادي والعشرون من شهر رمضان ،،، لحظاتها رأيت بعض الموتي امامي .. رأيت والدي ووالدتي ومن أعرفهم في هذه الميتة القصيرة ... ذلك ما رايته أثناء هذه الغفوة إن شئت سميتها ،، حالة من الموت المؤقت .. وكأنني أعيش كابوساً يجثم على صدري وكأنه الجبل الكبير .. ضاق تنفسي بشكل رهيب مع هبوط حاد بالقلب والدورة الدموية ،، قلبي لم يتحمل ذلك الموقف حيث كنت في تلك الآونة معتل الصحة تماماً ..
فقط أحسست أنني محمول على الأعناق .. أو أن أيادي ملائكة الرحمة ترفعنى بعد أن وضعتني على ريش ملون من ريش النعام ، لم أعي ماذا يحدث ولكني أفقت بعد برهة من الزمن لم أدري ما هو ولكني وجدت نفسي أمام أربعة أشخاص ،،، وكانت إفاقتي أمام هذا الجمع ، تصورت للحظة أنني فعلاً مت وها هم ملائكة الحساب اجتمعوا لمحاسبتي ،، ظننتهم من ملائكة الحساب ولكنهم في الحقيقة المخجلة من شياطين الإنس ،، شياطين الإنس الذين تعاهدوا وتحالفوا للزج بي في هذا الموقف اللعين ،،،
هذا الجمع من وكلاء النيابة وكأنهم ، وكما فهمت بعد ذلك من سياق حديثهم، ينتظرون مجرماً خطيراً على الأمن العام ،،،
بدأت الأفكار تتصارع داخلي . أما زلت أحلم هذا الحلم الكئيب أم ذلك الذي أراه حقيقة واقعة وأنا فعلاً أمام كنسلتوا من النيابة عددهم ثلاثة ورابعهم كاتبهم المبجل ،،، ما أن أفقت حتى رأيت كبيرهم يقول لنجلي الذي كان يقف بجواري إذهب وأحضر زجاجة من العصير ليعطيها لي ،، هكذا سمعت حين فتحت عيناي ببطئ شديد وكنت لحظتها أحاول إفاقة نفسي عن طريق قوة روحانية غريبة كانت داخلي لحظتها ،،، وبمجرد أن استرددت وعي كاملاً .. كانت الزجاجة قد وصلت على التو واللحظة ليقدمها لي السيد وكيل النيابة وأسمع صوته يقول " إشرب علشان تفوق كده وتكلمنا "
قلت له أشرب إيه !! . . أنا صائم والأفضل أن أقابل ربي وأنا صائم ومظلوم .....
قال سيادته : إنت حر!!!
قلت : أنا فين ؟ وأردفت قائلاً علمت بالأمس أنني سأقابل السيد وكيل النيابة . حضرتك طبعاً .. ولكن من هؤلاء السادة ؟ أشير بيدي اليسرى حينما كنت مطجع على أريكة فوتيه وما تزال إحدى يدي لم تستطيع الحركة من جراء الإغماءة ،،
يرد سيادته : هؤلاء وكلاء نيابة
أسمع صوت الجالس على أقصى اليسار متحدثاً " إيه مش عاجبك ولا إيه "
قلت لسيادته : ومن يكون هذا الأستاذ ؟
يقول على الفور : هذا وكيل نيابة أيضاً !!
أقول : معنى ذلك أنني رجل مهم لدرجة أنني أجلس أمام كنسلتو نيابة ، معني ذلك أنني على قدر كبير من الأهمية ،، لماذا ؟؟؟ قلت ذلك وأنا أتفحصهم من اليسار إلى اليمين
يقول سيادته : يا راجل انت فين .. دا انت مطلوب منذ ثماني سنوات ومدوخنا وراك .. إنت وِقِعْتْ وبلاش تتعبنا أكثر من كده !!! يقول ذلك سيادته بزهو يملأ وجدانه ...
أنظر إلى الوكيل الأول كبيرهم وأقول له .. أنا هنا بعمل إيه ؟ ،، هل كل واحد بيعمل جمعية خيرية يمر بهذه الخطوات .. بالأمس تم اغتصاب توقيعي علي محضر بقسم الشرطة ولم أعرف ما به واليوم أجلس أمامكم لأعرف على ماذا وقَعْت .. عذرا يا سيادة الوكيل .. دا كل اللي أنا عارفه ،، ومش عارف حاجة تاني ... ما سبب مجيئي إلى هنا .. هل أنا فعلاً مجرم مطلوب القبض عليَّ منذ ثماني سنوات كما يقول الأستاذ زميلك أم ماذا !!؟
يقول سيادته : من كام سنه بتتعامل مع هذا الشخص " ويشير بأصبعه إلي من كان مكبلاً بالحديد معى " ويقف بجانب من الغرفة
أرد علي سيادته : حضرتك إسأله أولاً إن كان يعرفني أم لا .........
يوجه سيادته الكلام لهذا الشاب : إنت تعرف الرجل هذا ويشير إلى حيث أجلس بيده الكريمة...
يرد الشاب : لا لم أره مطلقاً قبل الأمس أثناء وجودنا بالحجز ..
هنا أقوم بالكلام : طيب أنا هنا بعمل إيه وما هي التهمة التي جئتموني من أجلها لهذا الكنسلتو الكريم
يقول سيادته : إنت لسه شفت حاجة !!! يقولها وكأن بيني وبينه ثأر قديم وحان وقت الانتقام .. انتقام الجبابرة ،، بجرة قلم يستطيع أن يقذف بي في سجن سحيق لبضع سنين بتهمة لم أعرفها .. أين الحقيقة التي لا يعلمها إلا الله .. وسبحان كاشف الأسرار .......
أقول لسيادته وقد انبرى صوتي من الذهول المعتمل في صدري : أنا مين ؟ هل أنا الشخص المكتوب اسمه في هذه البطاقة أم شخص آخر .. أقول ذلك وأنا أقوم بإعطائه حافظة تحوي محتوياتي الشخصية وأعطيها لسيادته ليتفحصها ..................
يقوم سيادته بإخراج البطاقة الشخصية أولاً .. يبحلق بها أمام كشاف كهربائي علق بسقف غرفة امتلأت من شباب يعلم الله ما في قلوبه وسبحان كاشف الاسرار ... ما زال يبحلق بنظرة متفحصاً إياها بشكل يدعو للريبة ..!!تارة يميناً والأخرى يساراً وكأنه اكتشف باب المندب أو رأس الرجاء الصالح ،، ياله من شيطان اتبع هواه
يسود الصمت بارجاء المكتب والجميع ينظر إليه وينتظر قرار سيادته إن كانت بطاقة مزورة أم لا !!!
استمر هذا الصمت والجميع ينظر إليه وقد أخذ يقلب البطاقة يميناً ويساراً في الهواء .. يقلبها تارة ويعدلها تارة وكله ابتسامة من السعادة ،، هكذا أوحى للجميع أنه اكتشف أن هذه البطاقة غير حقيقية
أقوم أنا بقطع هذا الصمت الرهيب .. خير يا أستاذ !! اكتشفت إيه .. هل أنا الشخص الموجود اسمه بهذه البطاقة أم لا ،،
يقول سيادته : شخص إيه وبتاع إيه " دي مضروبة " وهنا كانت المفاجأة
أقول لسيادته : مضروبة يعني إيه .. يعني مزورة ؟ وبعد إمائتة برأسه بالتأكيد المغلف بالزهو الكبير " إنها مزورة " هكذا يؤكد مرة أخرى
أفاجئه بسؤال : يعني أنا مش هذا الشخص ودي بطاقة مضروبة كما تقول .. طيب أنا مين ،، هل أنا شخص وصلت إمكانياته لدرجة أن يقوم بتزوير بطاقة شخصية بالكمبيوتر ،، معنى ذلك أنني فعلاً عندي إمكانيات مادية كبيرة ولم أعرف ولكني عاجلته بطلب آخر
قلت لسيادته يوجد أيضاً عدة كرنيهات في هذه الحافظة التي كانت ما تزال بحوزته ليقوم بإخراج كرنية مستخرج من الشركة التي أعمل بها منذ ما يقرب من ثلاثون عاماً ويجدد سنوياً
يقوم سيادته ويحملق أيضاً في هذا الكرنية كما فعل سابقاً وبنفس الطريقة وينطق بكلمة أصابتني بحيرة ما بعدها حيرة
يقول سيادته : وكمان بتركب المواصلات مجاناً بكرنيه مزور !!؟؟؟؟؟؟
أقول لسيادته : بلاش دا كمان ،، دور كمان علشان فيه كرنيه آخر ،، يقوم بإخراج كرنيه آخر من هذه الحافظة التي أجمع فيها شخصيتي ................
* وجدت سيادته يحملق ويبحلق أيضاً في كرنيه من الحزب الوطني
- يقول : وكمان كرنيه الحزب الوطني ،، لا دا إنت حكايتك حكاية ،،، وهذا ما جعلني أحتد في كلامي ،،
- أقول لسيادته : معني ذلك أنا هنا بسبب هذه البطاقات المزورة أم من أجل هذا الولد الواقف أم لماذا أقف هنا ..... ،،،
* يفاجئنى سيادته بسؤال كان به مضمون ما أراه أمامي رؤي العين
يقول سيادته متسائلاً : إنت ليه عايز تعمل جمعية خيرية !!؟؟؟
هنا كانت إصابتي بذهول تام وفهمت الرسالة تماماً
أرجو منك عزيزي القارئ أن تعى جيداً ما بين هذه السطور التي سطرت عن واقع أعيشه بكل ما بي من آمال وآلام ،، إنها قصة الحرب بين الخير والشر ومن المنتصرفي النهاية ؟؟

الاديب والقاص الجميل
الاستاذ نور الدين محمود

تحياتى وتقديرى وشكرا على امتاعنا بتلك القصة القصيرة
العميقة فى مضمونها 0

ودمت بكل خير ومحبة وبالتوفيق دائما
وتقبل مرورى المتواضع

الأساتذة الأفاضل الذي بعثوا لي بأجمل تعليق جاء في وقت كنت في أشد الاحتياج إليه لسوء في نفسيتي التي أعيتها ضربات من ذوي النفوس الضعيفة.. أشكركم على إطرائكم الجميل الذي وصلني من أساتذة كبار أفاضل الكلمه عندهم لها وزن في عالم الإبداع ،، تقبلوا تحياتي

الإخوة الأفاضل القائمين على هذا المنتدى الجميل
لو جاز لي أن أقترح على حضراتكم اقتراح بسيط ؟.. ذلك لو فكرنا سوياً في إنشاء فرع في منتداكم هذا لعرض الدواوين والكتب الجديدة وذلك تشجيعاً للأقلام الشابة التي يمكن أن يخرج من بينها نجيب محفوظ آخر على مستوى الوطن العربي ..فقط مجرد فكرة مطروحة للنقاش مستقبلاً
..........
تقبلوا تحياتي

الاستاذ القاص نور
لقد سعدت بمرورى على قصتكم الجميله ووجدت فيها من الواقعيه المؤسفه مائثار حفيظتى كتبت فابدعت وفقنا الله واياكم مع حبى وتقديرى badrhhhh

الأستاذ أحمد النجار
هلت علينا ليالي القمر بطلعته البهية ،، أشكرك يا عزيزي على هذا الإطراء الجميل وأدعوك لإثراء هذا المنتدى الجميل بإبداعاتك القيمة من الشعر والقصةالقصيرة
وأنا هنا أدعوك أن تدخل باسمك لأن إسمك كبير وبلاش الإسم المستعار badrhhh
لك خالص تحياتي وأشكرك على مروك الكريم

السلام عليكم أستاذى

فى كل مكان نجد هذا الكونسلتوامن شياطين الأنس وهم فى نظرى أخطر من شياطين الجن لأننا لا نستطيع صرفهم بسهولة
تحياتى لك ولقصتك
د أسماء مصطفى

أشكرك د أسماء لمرورك الكريم على قصتي هذه
تقبلي شكري واعتزازي