في يوم الشعر العالمي !
حسن حجازي
مثلما كان ولم يزل الشعر ديوان العرب فإنه يعتبر بحق ضمير العالم وقلبه النابض اليقظ الذي يحلقُ بجناحيه فوق العالم ناشراُ الحب والود والتسامح , مناديا بالمساواة , رافضا الظلم , إنه الملاك الحاني إنهُ الشعر ....
حسن حجازي أحب الكلمة وعشق الشعر , مصر موطني وحبي الكبير والأمة العربية مصدر عزي وفخري والعالم أجمع هو السحابة الرزقاء الحبيبة التي تظلنا جميعاً , اتخذت من الشعر رسالة وكلمة حق تدعو للعدل للمساواة وتقف في وجه الظلم رافضة للقهر , مقبلاً بدعوة للحياة .. للطبيعة .. للإيمان , اليوم العالمي للشعر هو دعوة للتسامح .. للود .. دعوة لصحوة الإنسان بتسامحه .. بشفافيته... بضميره .... في قصيدتي "تاشيرة دخول لقلبي "
أخاطب الإنسان :
أسمك ؟
جنسك ؟
لا يهم !
لونك ؟
شكلك ؟
لا يهم !
أصلك ؟
دينك ؟
لا يهم !
فقط أريدُ أن
أرى فيكَ الإنسان ,
نبضَ الإنسان ,
لا لكى تمر من باب قلبي
ولكن لتسكن بالحب ِ فيه !
الإنسان هو الغاية هو الهدف , كرامته حريته , إنسانيته , تسامحه ,في قصيدتي "رسالة من قابيل " اقول :
يا قتلى القرنِ العشرين
يا نسلَ آدم يا كلَ البشر
يا قلوباً من حجر
داروا سوءاتكم أدفنوا موتاكم
كرموا قتلاكم فى كلِ مكان
كرموا "هابيل " نشفوا كلَ الدم
دمروا جبالَ الهَم من فوقِ القلب
وإلا سنقدم ُ أنفسنا
قرباناً لا يُقبل ... للموت !
الشعر ليس ترفاً ولا تمضية للوقت لكنهُ رسالة رحلة معاناة تحاول أن تغير , تدفع الإنسانية نحو شواطيء الأمن شواطيء المحبة نحو التصالح مع النفس مع الآخر الشعر دعوة للصفاء للإيمان , مع الإنسان مع مجتمعه الضيق ومع العالم أجمع . في مقدمتي لكتابي "مختارات من الشعر الإنجليزي" المترجم للغة العربية ذكرتُ في الأهداء : إلى كل الشعراء الذين مررت على إبداعهم هنا , وما كانَ طريقهم أبدا مفروشاً بالورود !
نعم الشعر رحلة كفاح , كل شاعر كل مبدع , هو صاحب رسالة فهذا هو الشاعر الإنجليزي : وليم بليك (1757- 1827م) والذي يقول : (في تنبؤات البراءة )
لترى العالم في حبة رمل
والسماء في زهرة برية
نُمسك الوحدانية في راحة اليد الواحدة
والخلود في ساعة واحدة !
وهاهو الشاعر الإنجليزي " جيمس لي هنت " (1784-1859م) يقول في قصيدته عن " النيل " :
وسمعنا النهرَ المثمرَ , نبع الخير , يتدفقُ للأمام
يخترق القرى , يجعلنا نفكرُ كيف نشقُ معاً
طريقنا للغد , لصالحِ البشرية ولخيرِ الأنام .
وها هو الشاعر الأمريكي المعاصر " جريجي أور " يقول في كتابه " جسد الحبيب " :
عندما أفتحُ الكتاب
أسمعُ الشعراء في همسٍ وبكاء ،
في ضحكٍ ونحيب . بآلافِ اللغات
يقولونَ , يرددون نفسَ الشيء :
"نحنُ عشنا , فسِرُ الحياةِ هو الحب ،
الذي يفردُ جناحيه فوقَ كلِ الآلام ،
الذي يضمُ بينَ زراعيه الطفل الموجوع ،
الذي يُخرِِج اللونَ الأخضر
من البذرة الساكنة في قلب الأرض.
والأروع عندما كتب الشاعر الإنجليزي : روديارد كيبلنج ( 1865-1963م) والحاصل على جائزة نوبل للآداب يقول في قصيدته " لو " مخاطباً وناصحاً ابنه :
لو كان بإمكانك أن ترى الحقيقة التي نطقتها
يوظفها السفاء لتكون فخاً للبسطاء ,
أو أن ترى ما أفنيت عمرك فيه , يتكسر , تنازل
أنحني, ثم تماسك واجمع بقاياك وابدأ من جديد :
حاول أن تتعلم كيف تصفح كيف تسامح
بل وتعوض كل إساءة بمشاعر قوية , بالحب والعرفان .
لو فعلتَ هذا فلكَ الأرض وكل من عليها كائناً من كان ,
بل أكثر من ذلك , يا بني .. ستصبحُ إنسان !
هذا هو الشعر ! فلتقام الندوات ولتزدهر الأمسيات في كل العالم، وليرتدي الشعر أبهى ثيابه ، وليحتفل العالم بالشعر وليشعر الإنسان بأخيه الإنسان !
هنا
مع كل المودة والتقدير
بقلم :
حسن حجازي