ومضى ...

مضى سريعا فأنهى الفجرُ أنجمَه
فلا تلومي جُنوني أو حَماقاتي..

مضى سريعا ولم نحفظْ ملامحَه
كأنّه كان مولوداً لساعاتِ..

نفاخةٌ .. فجأةً ذابتْ على يدِنا
الموتُ دوما نصيبٌ للتفاهاتِ..

فلعبةُ العشقِ لم نتقنْ قواعدَها
حتى رسبْنا بكلَّ الامتحاناتِ..

لم يبقَ في حبِّنا صدقٌ يُبلِّلُنا
فزالَ من وجهِهِ عطرُ الطهاراتِ..

إنَّ الغباءَ كلانا من نشاطرُهُ
لنحتسي بعدَه كأسَ المعاناةِ..

فذنبُنا واحدٌ في كلِّ فعلتِنا
في الإنتقامِ .. وفي قتلِ الفراشاتِ..

مصيرُنا واحدٌ لا نفعَ من ندمٍ
أو من بُكاءٍ على ذكرى البداياتِ..

لا تنكُري .. أنتِ من أسمتْ مُغامرتي
وأسرجتْ فَرسي في كلِّ رحلاتي..

لا تنكري هذه الآثارُ شاهدُنا
مازالَ خدشُك منقوشٌ على ذاتي..

فلا تقولي أنا ما كنتُ ناويةً
خرقَ القواعدِ أو كسرَ الإشاراتِ..

إنَّ الجنونَ كلانا من نشاطرُهُ
في وأدِ عفّتِنا حين العناقاتِ..

* * *

ماذا تريدينَ؟ هل للومِ آتيةٌ
الآنَ خائفةٌ من لعنةِ الآتي..

الآنَ أدركتِ أنَّ الوقتَ داهمَنا
وفاتَ من عمرِنا نورُ الصباحاتِ..

الآن زهدُك قد طالتْ منارتُه
وعضّ أصبعَه بعد الإشاعاتِ..

الآنَ تبكينَ من حضني ومن قُبَلي
وأصبحَتْ شفتي كُبرى الخطيئاتِ..

الآن .. شِعريَ إلحادٌ ومعصيةٌ
ونهرُك العذبُ يجري من قصيداتي..

الآن .. لومُك أمطارٌ على شَغفي
أسبابَ إبحارِنا كانتْ شراعاتي..

* * *

نسيتِ أنّي غلقتُ البابَ في عجلٍ
كي لا تغوصي بأعماقِ المحيطاتِ..

لكنّ شمعَكِ ولهانٌ ومحترفٌ
سرعانَ ما ذابَ من وهجِ الإصاباتِ..

فعندها قلتِ إنّ النارَ رائعةٌ
وقد رفضْتِ بطعم الويلِ جنّاتي..

كم قلت ( يا...... ) لكِ إنَّ الأرضَ تتعبُنا
فالنومُ يحلو كثيرا في السماواتِ..

وكنتُ أقرأُ أشعاري مُرتّلةً
فما اقتنعتِ بديني أو بآياتي..

زعلتِ من قمري إنْ نامَ مُرتدياً
ثوبَ الطهارةِ من حزنِ المساءاتِ..

أصبحتِ طقسا يمدُّ الأفقَ من مطري
وصرتِ مُدمنةً فيه انفعالاتي..

تأكّدي إنّني ما كنتُ محترفاً
نيلُ الشهادةِ لا .. ما كان غاياتي..

فها وقعنا كلانا تحت مخلبهِ
حتى رسمنا له أقسى النهاياتِ..

***

عصفورُ قصّتنا لا عُشَّ يقبلُه
فطار للبؤسِ مكسورَ الجناحاتِ..

أمطارُنا يبستْ لا غيمَ يجمعُها
ونورُنا حجرٌ في بيتِ مشكاةِ..

* * *

مضى سريعا قطارُ الحبِّ وا أسفي
وخلّفَ الفحمَ عنواناً لغاباتي..