ما هذا وجهي..يا غزة..!
"ملحمة غزة"
شعر:محمد الزينو السلوم
مهداة إلى إدارة وأعضاء منتدى الشاعر المتألق دوماً عاطف الجندي:
--------------
يا غزة ، يا سيدة العزة:
وجهي يرسم أوهاجاً في الليل على صوت الريح
العاصفة بأغصان الروح..المتأرجحة بحبل الكلماتْ
لكنّ الألوان اليرسمها وجهي عند ضفاف القلب النازف حيرى..
فالأزرق يصرعه الأحمر ..والأخضر يصرعه الأسود
ألوان يزرعها الخوف وصمتـي يتشظى شرراً
يتلظى ألسنة من لهب تطغى..!
أمواج تدفعها ريح للشاطئ ، وقلوب يملؤها العصف ضحايا
وعيون تشرق بالدمع ، تنادي .. تصرخ.,. لا منقذْ ..!يا أحفاد صلاح ِالدينْ :
كنت الأمس بوجه يطفح بِشراً .. نصراً.. في اليرموك وفي حطين..
#
أعبث بأصابع شكّي:
من زمنٍ لم تتصارع أفكاري في لجّة صمت ، تدفعنـي
أن أستجدي زمنـي، كي يخرجنـي من دوّامة قلقي..
أبداً.. لا شيء ..فغزة تسكن في أعماقي..!
والأطفال تلوذ بصمت الجرح ولا تدري..!
المركب يغرق.. لا أحدَ ردّ الضيم، يدافع عن أقصانا..
أسأل :كيف تهاوى الصرح..قضى نحباً ، وتلاشى ..؟!
#
وجهي ليس كوجهك..طقسٌ غجريٌّ يتعرّى
يرسم أشكالاً أخرى..والنار بوجهك تلظى
أمّا وجهي، فغيومٌ داكنة ترسم فيه خرائط بؤس ٍ لا تنطق أبداً..
عربيٌ - لم يستر سوْءته – راح يصلّي في محراب الخوف
على الشهداء بغزة دون وضوء
نزف الجرح يجدد فيه الضعفَ ويطرح أسئلة تُدخلنا،بمتاهات البلوى ..!
#
من غزة هذي الصامدة ، أُطلّ على الأحلام
الوارفة هنا وهناك..فلا أجد الشمس
ولكن أجد ظلالاً كالشوك ، تجرّح في جسد اللغة الثكلى..
أعداء الله يصبون النار عليها
وأنا أستجدي اللغة بصمتـي ، أصرخ :
يا غزة يا رمز العزة ِ، يا سيدة الحرية والحبّ:
أحسّ بروحي موحشة ، لا تحمل آلهة العشق على خارطة التكوينْ
أبداً.. لا شيء..وغزة تطلق آهاتٍ وصواريخ َوتصمد في وجه الطوفان
وسرّ عبورك ِ أنك تتحدّين الجرحَ،الصمت.. ولكنْ :
أحسب أن ظلال العمر تفتّق جرحي فأقاوم
لا يمنعنـي الخوف، فروحي قد عرّاها النزفْ..
مسامير البؤس تُدَقُّ بقامتنا ، فأولّي وجهي شطر ظلال ٍ
تخدعنـي .. ولدت في لحظة خوف ٍ.. ضعـف ٍ
غيم في صيف لا يحمل مطراً ، بل يحمل خطراً لفلسطين
أأكون نسيت صمودك من قبل ومن بعد..؟
فوجهي قد لا أعرفه الآنْ.. مرايا الليل تراوغ في أقنعة ٍتُظهرُ وجهي
يخدع عين الشمس فأنكبّ على وجهي..أصرخ: ما هذا وجهي..!
#
أستمطر لغتـي فأرى خيلاً تتعثّر
وعلى أرصفة الموت عناكب ترسم بخيوط ٍ واهية ٍ..
أشباحاً لا نعرفها..تمتدّ وتمتدّ إلى محرقة ٍفي تنّور لا يصنع خبزاً للفقراء..!
غزة تستقرء لغة العشق بدمكم..تتحدّى وتقاوم والقلب حزين..!
#
يا غزة يا سيدة العزة والمجد :
وجه الزمن تغيّر ، والموسيقا بدّلت ِ الألحان
وصارت سكّيناً في القلب ِ..فيا سيدتي:
إن غضب الحرف لصمتـي والعالم بعد تلاشى ..
أصبح نقطة بؤس في..أبداً .. لا شيء.!
أصرخ: إني أُهذي.. أجتاز الشعر إلى نعشي..
وأعود لصمتـي.. لا يسمع صوتي..!
بالأسود أقرأ، بالأسود أكتب، بالأسود أرسم..حتى كفنـي أوصيت بأن..!
مسكونٌ بسواد الليل، وصمت الظلْ.. لا طائر فينيق يحطّ على أغصاني
يبدو أن خريفي وكعادته يحمل لوناً لوناً أصفر
يسكن ورق الروح الينتثر هنا وهناك
تدحرجها الريح إلى واد ليس بذي زرع ٍ..وكأن الليل يشي بالخوفْ ..!
#
لا زلتُ بظل الصمت الخانق أمشي..أجتاز الليل بنعشي
أهرب من روحي، من نفسي..لا أنظر، لا أقرأ، لا أحكي
أحفظ في ذاكرتي كلمات تحفر في رأسي
ألوانٌ داكنةٌ تزحف نحوي، وتدبّ دبيباً حلزونياً
لا يدركه غير مجانين الوحشة ، أو عشاق سواد الليل
قاسية هذي الرحلة .. والدرب طويلْ
نزيفٌ يقبع في الأعماق، ولكن لا يصل الآفاق..!
#
الآن . الآن وليس غداً
أسأل : كيف استاف الوقت حضوري ..؟!
ألَقُ بياض(الإلفة) يهرب منـي ..وضجيج لا نعرفه أبداً.. يسكن بين الجدران
وفي الطرق الواسعة.. ملايين من كل شعوب العالم
تمشي فوق الأرض ، بلا قاماتٍ، أو ظل ٍ
تحسبهم من وهج الحرّ سكارى..! ما هم بسكارى ..لكنْ الخوف يعشش فيهم..
هاهم بقلوبٌ يسرقها الوقتُ..كأنّ قيامتها قامت.. لكن لا تدري..!
#
كيف انتصرت عزة ..؟! لا أدري.
لا بدّ وأن النصر أتى من عند الله..
لا زلتم في خوف .. في ضعف ..
تقتحمون عليها النصرلتغلق أبواب السجن عليها..! يا أولاد ال.. ما زلتم في ..
يا حكام كفاكم موتاً .. بعد النصر دعوها
- إن كنتم لن تقفوا معها - تفتح بالدم معبر رفح ٍ
وتصبّ النار صواريخاً في وجه الأعداء..
#
انطلقت كل شعوب العالم ، تصرخ في وجه الحكامْ
صمٌ ، بكمٌ ، عميٌ ..عادت غزة لتقاوم في معركة أخرى..!
مؤتمرات لم تنجز شيئاً ..وخلافات ينقصها الصدق
ولا.. لا شيءْ .. ما هذا وجهي ..!وكأن الليل يشي أن مؤامرةً
في الليل تحاك بغزة ، خلف كواليس القمم ، كأن طواحين الغدر تدورْ ..!
ماذا ..؟! هذا النصر بغزة أثلج صدري..فلماذا يوأد من بعد مخاض ..؟!
#
ها هم في الطرف الآخر.. يجتمعون ويتحدون
فصائل بدمشق بجبهة حرب وصمود ..!
تتوحد كلمتهم في عزف منفرد يتحدى..!
أبداً .. لا شيءْ.. ما هذا وجهي ..!
#
يا غزة ، يا سيدتي:
مضطرٌ لوداعك ِ في هذا الوقت المتأخّر من زمنـي..!
لا أدري إن كنت سأكتب في زمن ٍ آخرَ..
أم أنّ الزمن القادم يكتبنـي في لحظة غضبٍ
فالحزن الساكن في روحي
يعلن غضبـي..ويشلّ البوح الساكن في أعماقي
كيف فراشات الروح احترقت قرب سراج القلب
ولا أذكر شيئاً من زمنـي ..؟!
الصمت بقلبـي فرّخ عشش،ومضى..
أبحث عن باب كي أخرج من دائرة الشعر
ولا أدري من أين، وكيف..!
الآن وداعاً وبقيّة صوتي قد تأتي أو لا تأتي..
لا أدري، فالصمت بقلبـي :إن عاد قدحْ.. أو هبّ ذبحْ..
وأنا بحّارٌ أتعبه الليل، البحرْ
أبداً .. مسكونٌ في لجّة شعري .. أبداً.. لا شيء..!
#
يا غزة يا أرض العزة:
وجهك ينطق بالحكمة والحقْ..
خطواتك تنبؤ أنك بطريق النصر
تطير إلى الآفاق ولا غير الصاروخ يقيك
فاقتحمي النار .. لأنت الثورة والثوارْ
صوتٌك يغتال الفرح بروحي.. يأتي من أعماق الليل إلي
ولا مهرب أو منجى أبداً.. ..فالشطّ بعيدٌ، والبحر عميقٌ..
والليل يخضّب وجه الريح ..غيوم حبلى ..لا أمطارْ
ما أفعل؟ أبداً. لا شيءْ..
غزة لا تستجدي أحداً.. تستمطر لغة الوطن بأحرفها
فتهجّوا لغتـي قبل مخاض..لا عودة دون مقاومة وضحايا
وضحايانا شهداء في الجنة..لكنْ قتلاهم في النار
والقدس إذا لم نرخص أرواحاً، ونقدّم ما نملك من غال وثمين
نضحّي ونضحّي..ستضيع ويلحقنا العار
أبداً.. لا شيء.. ما هذا وجهي..!
ما .. ها.. ذا .. وج ..هي....أ..ب..داً، لا..!
#