زمن العقاب

زمن العقاب

.... مع آخر نسمة من نسمات الماضي تدور اللحظات باحتراقٍ جديدٍ مولدةً ذاك الانفجار وهو يلتقي انتقال الروح إلى خفايا واحتمالات النفس حين تدور في فضاء لم نعلم به كيف يكون المصير المبني على كل التراكمات الخافية عن أرواح الأجساد المبعثرة منذ الانتقال الأول لمجرى الروح عن الجسد.
... ثانية يبتعد فيها البشر عن اختلاف لحظاتهم ويتجسدون بكل القيم الغافية على امتداد ذاك الجسر القادم من الولادة إلى الاندثار في تراب الآخرة في خفايا كثيرة من النفس كونها تمتد مابين ساعة الصفر ولحظة امتلاء الذاكرة مما تعاملت و انسجمت وتراكمت على كل الخفايا والنوايا في هذا العصر المتراكم بكل المتناقضات والهمسات والأحلام وكل الأشياء التي حسبناها مرتين.
... أَنظرُ إلى نفسي حين أكون محاطاً ومنغلقاً على ذاتي حد انصهار التفكير المطلق بما هو آت في مهرجان الحياة التي تمضي بعقارب مفتوحة وتتجلى مع الحلم بأكثر الأوقات تدحرجاً إلى ذاكرتي,وفي لحظةٍ فريدةٍ تتسم بالنظر سريعاً إلى الأنامِ , أرتبُ وقع خفاياهم لأدرك أن العقاب مازال بعيداً يستنهض ثورة الغافلين عن الوقت الكبير لما ارتكبت أيديهم من العبث الذي يحوي بئس المصير , ومازلت متردداً حقاً وازداد الأمر لمجرد التفكير بساعة العقاب وتلك الأشياء التي تزداد في مخيلة الأنام كلما طلع نهار وكلما غابت لحظة اللقاء.
.... هو الضوء القادم من السماء كان قريباً يمتزج مع الإحساس المترافق لوحدة المصير والخوف من أشياء لم تتكاثر حين كانت ساعة الصفر وحيدة تغسل جوف الإنسان وهو خالي تماماً من كافة الاحتمالات وكافة الاتجاهات الممتدة حتى آخر عبقٍ من الثرى وآخر حبة رمل تدركه إن كان في الأرض سماء و إن كانت السماء في الأرض حقاً وظل المفتاح ضائعاً لايعرف مستقراً له حتى لو ازدان العقل أكثر وحتى لو بزغ الفجر مرتين في اليوم, فذاك الامتداد اللاشعوري للعقل يبقى خفياً عن كل الجمل والكتابات المتراكمة منذ آلاف السنين , وماذا بعد, يبقى للفكرة عناوين ربما لم تتقد يوماً لاسيما أن الإنسان بكل كينونته اختار العبث مع الكثير من الأوراق والكثير من الذكريات والشيء الأهم ذاك العقل الذي يظل خفياً مظلماً يتبعثر في كل الاتجاهات.
... لحظة الولادة لحظة عمق خاص يمتزج فيه الوقت مراتٍ كثيرة بعيداً عن مغريات الخوف والقوة والظلم والاستبداد والسعادة والحزن وكل الأشياء التي تعبر مع الجسد حتى الرحيل إلى زمن العقاب , وقفت طويلا مصلوباً لهول الارتسام والرؤى المتشعبة من صميم إدراكي فوجدت العجز يطبق على كافة القوانين التي حكمت كل الفترات الحاملة للصور الإنسانية البعيدة والقريبة ليظل الوحي مجرد ذكرى تتغمض عبثاً ماطالت إليه أفكار الآخرين حين عادوا من جديد إلى اليقين وانسحبوا , ماظل في الأرض تراب وماظل فيها ذاك الفيء القادم من ذات اليمين وحين ينتقلون ذات الشمال من فيض ماأتت لهم أحلامهم في دنيا الغيب وغياب الذاكرة.
... لحظة الغيب التقاء ٌ ووحدةُ تلفح تلاوينها المنبثقة من كل إدراك لذات الإنس حين يتوحد مختلط الأفكار, مبتعد المعالم والصور وكل ماعرفت يديه من عمل الكتابات القديمة بأحرفها التي مازالت تتضارب عند العقلية القائمة على من فعل معين , ومن قضى ومن مال إلى الدرب الأخير وكثيرة الأشياء التي اتقدت ,ممن؟ ولماذا؟ وإلى أين؟ يرتبط العقاب في كل الأزمان وعلى مر العصور بعبور الذات أحياناً منحىً آخر ,منهم من أراد واقتدر وتملك كل الخفايا وانسحب على مر الأيام يمضي بها ومنهم من جلس وإلى جانبه تلك الأوراق ينظر إلى العقاب منها منتظراً أشياء هو نفسه ماعاد يدركها, ويظل زمن العقاب قائماً , مفهوم آخر للحلم , ربما مفهوم آخر للأوراق المتراكمة عبر السنين, وربما أشياء لم تولد بعد.


رامي وسوف