- عادل حسنين رزق كتب:
- الشاعر الموسوعة / صبرى رضوان
أحييك بشدة لاختيارك مقطوعات الشاعر العظيم رامبو
وأحب أن أنوه إلى أن الشعر الغربى وشعر رامبو بنوع خاص يحتاج إلى قارئ مثقف ومطلع على الثقافة الغربية حتى يستطيع أن يتواصل مع النص
ولو كنت أود منك بصفنك النقدية أن تحاول اضاءة عدة مقطوعات من خلال إظهار مواطن الإبداع فيها
وأنا على يقين أنك تستطيع تسهيل القراءة على الأخوة الذين لا يتواصلون مع النص
وبعدين ياأخى العزيز أحنا مش خالصين من قصيدة النثر العربية وزى ما أنت شايف كأننا من كوكب تانى
جاى أنت برامبو وعايز الناس تقبله ههههههههههههههههه
عموما لك كل الشكر والإمتنان لهذا العمل الرائع
مرحبا بك اخي الغالي الشاعر الجميل عادل حسنين رزق
بمناسبة شاعر موسوعة هذه فأنا أود ان تعرف أنني هنا لاتعلم من الاخرين واضيف ثقافة جديدة بتبادل الاراء عن طريق نقاش ليبرالي حضاري هدفه الاثراء وليس الاقصاء وخشيت حقيقة وانا افتش عن هذه اليبرالية ان اسقط او يسقط احدنا في سلة الجدل العقيم الذي ينتج النزاع الشخصي بعد ان نمزق او يمزق احدنا راية شاهقة وهي ( الاختلاف في الراي لا يسفسد للود قضية )
فليسمح لي احبابي هنا ان يختلفوا معي لان ارائي ليست صوابا دائما فعليهم الاختلاف والقاء هذه الاراء في اقرب نار مستعرة او اقرب مستنقع راكد
وليسمحوا لي ان افعل ذلك ايضا حيال ارائهم المهم ان نخرج في الاخير بيدين متشابكتين دون توظيف الاقلام في هجوم علي اشخاص لمجرد اختلاف الاراء
.......
قصيدة رامبو المركب النشوان او السكران هي قصيدة لشاعر فرنسي بدات مراهقته بتسلق الحياة وانتهت ميتا بعد اصابته في احدي ساقية بالتهاب ادي الي بترها ثم توفي بعدها مشردا تائها يجوب كل الاقطار ويراقب صور الحياة فيصنع منها القصائد التي تختلف عن قصائد الاخرين وان كان رامبو الامتداد الحقيقي للشاعر الفرنسي بودلير الا انه استطاع ان يطرح نظرية جديدة في الشعر الفرنسي والعالمي وهي نظرية الرائي او نظرية الرؤية وتتلخص هذه النظرية في رؤية رامبو الشاعر الاشياء بعين مختلفة غما يراها الاخرون فهو مثلا يري في السماء سفنا وخلف السفن جبالا وبين الجبال بشرا اخرين يعيشون في عوالم اخري ويلمح في البحيرة احجارا ويري السفن تسير فوق القطارات وتبحر المدن في الفراغ وهو بهذه النظرية انما يبحث في المطلق ويبحث عن اللامتناهي وعن القطب المتعالي او المتعالي الاجوف الذي ابتكر كل هذه الاشياء المدهشة
وهو شاعر مختلف اذ يري في الجمال قبحا ويري في القبح جمالا فها هو يصور فينوس الجميلة في صورة امراة بشعة يطفو راسها المقروح من مغطس من الصفيح ودهنها يلمع نحن الجلد ولها استدارة اسفل الظهر تبدو شديدة الانتفاخ وان جسدها كله ينشر رائحة مفزعةغريبة ويختتم رامبو هذه القصيدة عن فينوس قائلا
الجسد كله يتحرك ويمد خلفينه العريضة
التي يزيد من جماله البشع قرح في الشرج
فقيمة التناقض الواضح عند رامبو هي سمة اصيلة في جل قصائدة مهشما الذاكرة
وفي هذة القصيدة هناك سفينة او قارب كبير يحمل الاحداث جميعا وهي المعادل المقابل للانسان الذي يعيش بين امواج متلاطمه ويتحرك الي جهات لا يعرفها ولا يحددها مسبقا فيتجه الي المجهول والمطلق بحثا عن شئ ميتافيزيقي غير محدد سلفا وتتجه هذه السفينة النشوانة او السكري اتجاها واحدة وتنطلق ببطء ولكنها تبدأ في التأجج والتحول الي الانطلاق الشديد العنيف بحركة كالانفجار المدمر ثم ينزلق القارب الي النهر بهدوء نسبي بعد الانطلاقة القوية وبعد ان مات الملاحون موتة فظيعة لتبدا مرحلة من التفكك والتحلل ثم نجد رامبو الشاعر يكتب عن رحلاته عبر هذه السفينة السكري عبر المجهول والمطلق/تركت الامواج تسوقني الي حيث اشاء/
ويتقمص الشاعر دور السفينة او هذا القارب فالسفينة الي انزلقت الي النهر بدوء نسبي كانت ترقص بينما هو يرقص ايضا في رحلاته الطويلة بين البلدان والاقطار ينتهي به الامر متسولا ضائعا يبحث في القمامة عن بقايا طعام
/ احيانا كنت اراني كالشهيد المتعب من الاسفار/
بين القطبين وفي المناطق البعيدة /
ثم يقول
/ احن الي اوربا ذات الاسوار العجوز /
ويقول
/ اتنام منفيا في مثل هذه الليالي التي لا يسر لها غور/
ولا ينسي الشاعر ان يصطدم مع واقع رحلاته وهجرته يعيدا عن بلاده عبر هذه السفينة النشوانه او السكري فهو يعبر بحرقة عن هذا الفقد والضياع ويرسم صورة التسول والتحلل النفسي فيقول مجروحا ونادما :
/ ان كنت ما ازال اشتهي من اوربا ماء.
فهو المستنقع البارد المظلم البعيد الذي يلقي فيه طفل محني
عند الغسق يفيض قلبه بالحزن واالشقاء
وتتضح قدرة رامبو علي خلق صورة شعرية فارقة تستطيع ان تفجر لغته البسيطة وبناء عبارته الميسرة انها قصيدة الحنين الي اوربا راجيا الابحار اليها من جديد عبر هذه السفينة . لكنه حنين لا يعبر عن شوقه الي وطن من الاوطان بعد ان عرف اوربا قد ضاقت عليه فلا ينتظر منها ماء _1_
ويختتم القصيدة التي بدات بغياب او موت البحارة يختتمها بتحطم السفينة علي صخور اللامحدود بعد ان اصبح القارب هادئا غير مقنع فهو بلا بحارة وبلا قبطان فهو يتمايل بين الامواج حتي يسقط دون الوصول الي هدف ما
وتبرز هذه القصيدة ملامح رئيسية في شعر رامبو وهي:
الاندفاع والتمرد
الانطلاق الي المطلق واللامتناهي
الهدوء المحطم
وهذه الملامح الثلاث عي التي تحدد علاقة الشاعر بالواقع وبالمتعالي الاجوف الذي سبق الاشارة اليه فهو يغير الواقع ويشوهه تماما كما في قصيدة _ فينوس _ وبعد ان يهشم ويشوه هذا الواقع ينطلق بحثا عن المطلق والمجهول واللامتناهي ثم يتوقف ويعود مصابا بخيبة امل بعد فشله الذريع في ملاحقة هذا المطلق اللامعروف وهو الهدوء المحطم الذي يفجر صلابة الشاعر ومحاولاته الدؤبة المستمرة في البحث والتقصي والابحار بسفينة هائمة نشوانة بلا بحارة
في صورة للحياة التي لم يجد المتعالي الاجوف فيها بعد ان بحث عنه وليس في النهاية دائما الا العدم والموت والفناء
ارجو ان اكون قد وفقت في قراءة القصيدة مع تحياتي
هوامش
1_ اخذا عن( كتاب ثورة الشعر الحديث) للناقد والفيلسوف/ عبد الغفار مكاوي
1