الع
راق.. إذاً لماذا التشنج؟
1/11/2010
(صوت العراق)
بقلم: طارق الحميد
بعد طول صمت، وبعد أن تحدث الجميع، ولم يعد هناك قيمة تذكر للكلام، عن احتلال إيران لبئر الفكة العراقية، خرج رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن صمته قائلا «لا يتصور أحد أن العراق اليوم مشغول بجراحاته بالإرهابيين والطائفيين والقتلة والمخربين وسيسكت عن أي تجاوز يحصل على ترابه وسمائه ومائه»، مضيفا أن «سيادة التراب مهددة من أكثر من جهة، لكن لن يتمكن أحد من اختراق هذه السيادة بعد اليوم».
حديث السيد المالكي ينطبق عليه المثل الشعبي «بيت هدمناه العام جانا غباره السنة»، حيث تكلم بعد أن أفرزت الخطوط، وظهرت المواقف للعراقيين جميعاً، إلا أن الغريب هو أنه بعد احتلال القوات الإيرانية لبئر الفكة العراقية كتبت، مثل غيري، عن خطورة ما حدث، وقلت حينها، وكان ذاك عنوان المقال «حسناً فعل الإيرانيون في العراق» على اعتبار أن الاحتلال سيساعد العراقيين، أو قل الناخب العراقي، على اكتشاف رجال طهران في بغداد لأنهم لن يجرأوا على قول كلمة بحق إيران، وإن كانت تحتل بئراً عراقية، فقيل بحقنا في بعض الإعلام العراقي الموالي للحكومة العراقية كلاماً لا يمكن وصفه بغير الشتائم والتهم، حيث شن الإعلام المحسوب على كل من «حزب الدعوة» و«المجلس الإسلامي الأعلى» العراقيين هجمة شعواء على الكاتب، وزملاء آخرين في الصحيفة، وكالوا لنا أسوأ التهم، والشتائم، والتحريض، واليوم يخرج السيد المالكي ليقول إن العراق «لن يسكت» على أي اعتداء على أرضه!
والسؤال الآن: إذً لماذا كل ذلك التشنج، والحملات الإعلامية، طالما أن المالكي خرج اليوم ليدافع عن العراق وترابه وسمائه ومائه، بحسب قوله؟
فلماذا اعتبرنا طائفيين وخونة إذاً؟ لكن، وهذا الأهم، فإن السبب الرئيسي، والحقيقي، للحديث اليوم عن الدفاع عن العراق، وبعد الهنا بسنة، كما يقال، هو الخوف من استحقاقات الانتخابات العراقية القادمة، التي يتم الاستعداد لها، على قدم وساق اليوم في العراق.
فقد اكتشف للتو السيد المالكي، ومن حوله، أن الوقت بدأ يسرقهم، كما أن الرأي العام العراقي، ورغم تبايناته، الفكرية وخلافه، سعى إلى الدفاع عن التراب العراقي، وتجاهل كل الأمور الأخرى، سواء طائفية أو غيرها، حيث خرجت المظاهرات، والتنديدات ضد الاحتلال الإيراني للبئر العراقية، وبدأ العراقيون الحريصون على العراق يتباينون في شاشة الرصد العراقية، ففرق بين من خرج يندد بالاعتداء الإيراني على البئر العراقية، وبين مثلا، القيادي في «حزب الدعوة» علي الأديب الذي قال إن من يصعّدون قضية بئر الفكة يملكون ثقافة التأزيم وثقافة صدام حسين!
وعليه فإن الحديث اليوم عن الدفاع عن الأرض العراقية، وأن العراق «لن يسكت» عن أي اعتداء على أرضه ما هو إلا لأسباب انتخابية بحتة، ولمحاولة استدراك ما يمكن استدراكه، قبل الانتخابات العراقية القادمة. كما أنه دليل ربكة واضحة لدى كل من «حزب الدعوة» و«المجلس الإسلامي الأعلى» نتيجة التقدم الملحوظ الذي يسجله خصومهم السياسيون على الأرض في العراق.
الشرق الاوسط